انوار الفقاهة-ج12-ص26
(البئر) مجمع ماء نابع من الأرض لا يتعداها غالبا ولا يخرج عن مُسمّاها عرفا فيشترط في صدقها أن يكون مجمع ماء والمراد به المطلق فلو كانت مجمع غير ماء مطلق من المائعات أو المياه المضافة لم يكن بئر وأن يكون ذلك الماء نابعاُ غير محقون أو ماء مطر أو جاري انحبس في مكان عميق لا على نحو شكل البئر فما لم يكن نابعا لم يكن ماء بئر والظاهر أن النابع هنا شامل للخارج من ينبوع ومن غيره كالرشح والنضح والنزُّ لحكم العرف بذلك نعم ما كان خروجه مثل العرق بحيث لا يبين للحس إبانة ظاهرة يشكل إدخاله في حكم البئر بل إلحاقه بالمحقون أولى وأن يكون الماء لا يتعداها في أغلب الأوقات بمعنى أنه غالباً غير متعدٍ ومع التعدي نادراً لا يخل بصدق البئر ولو في حال التعدي لصدق عدم التعدي غالباً عليها زمن التعدي نادراً مع احتمال خروجها عن مسمى مع احتمال البئر عرفاً عند التعدي ولا يراد نادراً بعدم التعدي غالباً نفي غلبة التعدي حتى يكون المتساوي في التعدي وعدمه داخل في البئر فالمراد تقيده للنفي لا للمنفى كما يراد بالغلبة الغلبة بالزمان لا بالأفراد حتى يكون النادر من الأفراد لو تعدى غالباً داخلا في البئر وأن يكون مجمع الماء غير خارج عن مُسمّاها عرفا بمعنى أنه يصدق عليه أسم البئر عرفا فلو لم يصدق ذلك عرفا كالمحفور هيئة نهر طويل كبير أو هيئة البركة العظيمة المسرحة الحواشي في الأرض لم يُسم بئر أو بيان ذلك أن البئر ليس لها حقيقة شرعية بل يرجع فيها إلى العُرف واللغة تستكشف بالعرف لأصالة عدم النقل فما علم صدق لفظ البئر عليه عرفا وشك في صدقه لغة حكمنا أنه كذلك لغة وما علم عدم صدق البئر عليه عرفا أو صدقها عليه عرفا ولكن قطعنا بعدم صدقها عليه لغة كآبار النجف والشام لم نحكم بجريان حكم البئر عليها زمن الصدور للقطع بأن البئر زمن الصدور هي النابعة من الأرض لا الجارية تحت الأرض من عين وشبهها أو بئر أخرى كآبار النجف والشام لا يقال أن الحكم هنا معلق على الاسم فيدور مداره وأن اختلاف العرف كالمأكول والمشروب والمكيل والموزون لأنا نقول فرق ظاهر بين تعليق الحكم على وصف فيختلف الموصوف لاختلاف الزمان كالمكيل والموزون فأنه لا يتبدل الحكم به وبين تعليقه على ذات قد وضع لها اللفظ زمن الصدور فيتبدل الوضع في زمن آخر لذاة أخرى فأن الحكم هنا لا يتبع الاسم ضرورة أن الأحكام لا تتبع المنقولات الحادثة والبئر من هذا الأخير لا من الأول ودعوى أن البئر الآن تطلق على النابع والجاري كآبار النجف عرفا على وجه الاشتراك المعنوي فتكون كذلك لغة لأصالة عدم النقل دعوى بعيدة لأن المفهوم منها في اللغة بشهادة الاستقراء وفي العرف العام هو ما كان ماؤها نابعا لا ما كان جاريا.
بحــــث في احكام البئر