پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج12-ص25

وللكُر حد بالمساحة والأقوى فيها أنه ما بلغ ثلاثة أشبار طولاً في مثلها عرضا في مثلها عمقا فالمجموع من مساحته سبعة وعشرين شبرا كما ذهب إليه القُمّيون لقربها من رواية الأرطال على المذهب المشهور وقربها من رواية (الحب والقُلتين) وأكثر من رواية وأقربيته للجمع بين الروايات بحمل الزائد على الاستحباب ولصحيحة (إسماعيل بن جابر) الكر ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار والظاهرة في مخاطبات أهل العراق في إرادة بيان الأبعاد الثلاثة وإن ترك البعد الثالث للاختصار وقد ورد كثير مثله في العرف واللغة وورودها بطريقين في أحدهما (محمد بن منان) غير ضائر لاشتمال الأخرى على عبدالله ولا كلام فيه ولوثاقة (محمد ابن سنان) على الأظهر والقول باشتباه (عبد الله) بمحمد في الثانية ليس بأولى من القول باشتباه محمد بعبد الله في الثانية وتوسط كل منهما بين ابن خالد وابن جابر وجائز لاستوائهما في الطبقة ولرواية المجالس المصرحة بما اخترناه ولصحيحه ابن جابر الأخرى المصرحة بان الكُر ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته بناء على أن الذراع شبران كما يلوح من أخبار المواقيت وبناء على أن المراد بالسعة هي قطر المستدير كما هو الظاهر من لفظ السعة ومن أن التعارف استدارة الكُر لأنه مكيال زمن الصدور لأهل العراق فإذا ضرب نصف القطر (القطر الخط المستقيم الواصل بين جانبي الدائرة مع وقوعه على مركزها) وهو واحد ونصف بنصف المحيط وهو أربعة ونصف لأن كل قطر في المستدير ثلث المحيط به بلغ ستة وثلاثة أرباع فإذا ضربت في أربعة العمق حصل المكسر سبعة وعشرون شبرا ولقربه من رواية (أبي بصير) الدالة على القول المشهور عند حملها على خلاف ما ذهبوا إليه من بيان الأبعاد الثلاثة من إرادة بيان الشكل المستدير في الضّرب فيكون القُطر ثلاثة ونصف والعمق كذلك ويكون الحاصل من ضرب نصف القطر وهو واحد وثلاثة من نصف المحيط وهو خمسة وربع والمجموع في ثلاثة ونصف ثلاثة وثلاثين تقريباً لا تحقيقاً وابقاء صحيحة (إسماعيل) ورواية (أبي بصير) على ما فهمه كثير من الأصحاب منهما يؤدي إلى إرادة الستة وثلاثين شبراً في الأول واثنين وأربعين شبراً وسبعة أثمان في الثانية ولا قائل بالأولى ولا مقاربة لسائر الأخبار في الثاني وذهب المشهور على النقل المشهور إلى أن الكُر ما بلغ مكسره أثنين وأربعين شبراً وسبعة أثمان ونقل عليه الإجماع وهو الأوفق بالاحتياط واستدل عليه برواية (أبي بصير) إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصف في مثله ثلاثة أشبار ونصف في عمقه في الأرض فذلك الكر من الماء ورواية (الحسن بن صالح الثوري) في تحديد الكر في البئر ثلاثة أشبار ونصف عمقها في ثلاثة أشبار ونصف عرضها وتحصيل الشهرة المحقّقة لم يثبت ومنقول الإجماع مع معارضة فتوى الاساطين لا يفيد الظن والاحتياط يفيد الاستحباب لا لإيجاب والرواية الأخيرة ظاهرة في الشكل المستدير كما هو في شكل البئر والرواية الأولى لا تخلو من ضعف في السند والدلالة أما الأول فلاشتماله على (أحمد بن محمد بن يحيى) وهو مجهول و(عثمان بن عيسى) وهو واقفي و(أبي بصير) وهو مشترك بين الثقة والضعيف وهذا وإن أمكن الجواب عنه بأن (أحمد بن محمد بن يحيى) وقع التهذيب كذلك ولكنه في الكافي وهو أضبط (محمد بن يحيى) عن (أحمد بن محمد) والظاهر أنه (أحمد بن محمد) بن عيسى لروايته (عثمان بن عيسى) مكرراً ورواية (محمد بن يحيى العطار) عنه كذلك أو (محمد بن خالد) لروايته عنه أيضاً وكلاهما ثقة فتحميل رواية التهذيب على التصحيف وأما (عثمان بن عيسى) فهو وإن كان واقفياً إلا أنه قد نقل الشيخ الإجماع على العمل بروايته ورواية أمثاله ونقل عن الكشّي قولاً بأنه من أهل الإجماع فيكون خبره حجة على أنه مجبور بالشهرة المنقولة وأما أبا بصير فالظاهر أنه (ليث المرادي) بقرينة رواية ابن مسكان عنه مكررا والظاهر أنه (عبد الله) وهي قرينة في تعين المشتركات ولا يضر ما نقل بعضهم من أن ابن مسكان قد نقل عن (أبي بصير) الحي (ابن القاسم) لأنه لو سلم فهو من النادر و(عبد الله بن مسكان) من أهل الإجماع على أنه نقل بعض العلماء أن أبا بصير مشترك بين ثلاثة كلهم ثقاة ولكنه مع ذلك يؤثر ضعفا في الرواية عند التعارض والترجيح بين الأدلة وأما الثاني فلظهور الرواية في الدوري لعدم اشتمالها على البعد الثالث وهو مشعر ببيان الشكل المستدير دون غيره كرواية الحسن بن صالح المتقدمة فيكون الحاصل من ضرب نصف القطر الذي هو ثلث المحيط بنصف المحيط والمجموع في العمق أثنين وثلاثين وثمن وربع ثمن وما تكلفه بعضهم من أن الرواية قد اشتملت على الأبعاد الثلاثة لظهور مثل هذا الخطاب في بيان الثلاث وأن ترك الثالث مدفوع بأن ذلك في الضرب المجرد عن ذكر بعض الأبعاد كثلاثة في ثلاثة لا الضرب المشتمل على أحدها كقوله في عمقه في الأرض فأن الظاهر اشتماله على بعدين أحدهما عمق لأن في عمقه نعت لثلاثة أو حال من مثله وثانيهما أما الطول أو العرض فيكون مجملا ويسقط معه الاستدلال أو واحد يقوم مقامهما وهو القطر وهو الأقرب في أمثال هذه المقامات فلا يصلح أن يكون دليلا لهم بل هو قريب لقولنا وكذا ما تكلفه آخرون في بيان أنه مشتمل على الأبعاد الثلاثة من أن تأدية الطول والعرض في قوله في مثله وتأدية العمق من قوله ثلاثة، إلى آخره. ومن أن إرجاع العمق في عمقه إلى المقدار فيكون المعنى في عمق ذلك المقدار في الأرض فيؤدي قدر الأبعاد الثلاثة كلاهما بعيد عن سوق الخطاب وصوغ الكلام فلا يلتفت إليهما بوجه وعلى كل حال فهذا القول وإن كان قوي جداً بفتوى المشهور وموافقة الاحتياط إلا أن الأول أقوى منه ونسب (لأبن الجنيد) أن الكر ما بلغ مُكسّره مائة شبر وهو ضعيف لا يركن إليه و(للقطب الراوندي) أنه ما بلغت أبعاده الثلاثة عشر ونصف وهو محتمل لاداة الضرب فيها فيؤول إلى المشهور وهو ما بلغ مُكسّرهُ أثنين وأربعين شبرا وسبعة أثمان ودليله دليلهم على إرادة معنى الجمع من دون الضرب ومحتمل لإرادة ما يقرب منه كما لو فرض طوله ثلاثة وعرضه كذلك وعمقه أربعة ونصف ومحتمل لإرادة ما يبعد عنه جداً كما لو فرض طوله ستة وعرضه أربعة وعمقه نصف شبر فإن مساحته تكون أثنى عشر شبر وكذا لو فرض أن كلا من طوله وعرضه شبر وعمقه عشرة أشبار ونصف فإنه يكون عشرة أشبار ونصف أو أثنى عشر ونصف أو أن طوله تسعة أشبار وعرضه شبر وعمقه نصف شبر فإن مساحته تكون أربعة أشبار ونصف والكل ضعيف مخالف للمشهور بل الجمع عليه وخال عن المستند و(لابن طاووس) من العمل بكل ما روي على سبيل التخير وهو رجوع لمذهب القميين وحمل ما زاد على الندب أو على أن الكر متواطئ بين أفراد كثيرة ناقصة وزائدة فهو مكيال مختلف وهو يرجع إلى ما ذكرناه وللمحقق في المعتبر من أنه ما بلغ مكسره ستة وثلاثين شبر استناداً للصحيحة الدالة على أنه ذراعان عمق وذراع وشبر سعة وهو ضعيف لظهورها في المستدير أولاً ولعدم القابل بها ثانياً ولإجمال الذراع فيها ثالثا وينبغي أن يعلم أن الكر إن علم بلوغه الوزن كفى عن تقديره بالمساحة وإن علم بلوغه المساحة كفى عن تقديره في الوزن فيكتفي بالسابق منهما ولا يفتقر إلى إجتماعهما اتفاقاً حتى لو علم اختلافهما بحيث علم تحقق أحدهما دون الآخر كفى وذلك ظاهر من الأخبار وكلام الأخيار ويكون فائدة التحديد له بالحدين هي التسهيل في معرفة قدر الماء لا ينجسه شيء فإن قلت أن الكر مكيال خاص فأما أن يلاحظ قدره من الوزن فيراعى الوزن ولا معنى للمساحة حينئذٍ وأما أن يلاحظ المساحة فلا معنى للوزن حينئذٍ قلنا الكر قدر من الماء لا ينجسه شيء معلوم عند الشارع معين في نفسه وله علامتان يحصل بهما أحدهما الوزن والآخر المساحة فأيتهما حصلت حصل ذلك المُعينّ أو أنّ الكُر قدر معلوم مشترك بين ما يبلغ وزنه الوزن المعلوم وبيان ما يبلغ قدره القدر المعلوم وأيهما بلغ يكتفي به لأن الحكم معلق على الاسم أو أن الكر مكيال

أصله المساحة ولكن الشارع جعل الوزن مثله في الحكم وأطلق عليه الاسم فجاز للمقاربة والمشارفة أو أنه أصله الوزن والكيل علامة له فالكر وزن للماء المعلوم والكيل قائم مقامه وعلى كل حال فالثمرة قليلة بل لا ثمرة بعد بيان الحكم وأنه يكتفي بالسابق من الأمرين في عدم الانفعال.

بحث في أحكام ماء البئر