انوار الفقاهة-ج12-ص12
فيه وهو كل ماء أتصل بمادة في الأرض غير معلوم حصرها عرفاً أنه بئر فلو لم يتصل عادة كالماء الجاري في غدير أو في حوض أو في السواقي والدوالي لم يكن منه وكذا ما اتصل عادة في علو كالمتصل بماء المطر وإن شاركه في الحكم وكذا ما لم يتصل بمادة أن انقطعت في أصلها أو انقطع عنها في زمان يعتد به وكذا ما اتصل بمادة معلوم حصرها وعدم تجدد الماء فيها بعد نقصانه كماء المد وماء كثير في الأراضي بعد فيض الماء عليها عند زيادة الماء إلا في صورة ما إذا علم عدم نفوذ الماء في تلك المادة
في ذلك المحصور بل كان بحيث كلما نقصت المادة تجدد فيها الماء بقدرة
الله تعالى فإن ذلك يكون من الجاري لكنه نادر الوجود ويدخل
في الجاري كلما اتصل بالمادة إتصالاً ظاهراً أو خفياً بجذب وجريان
أو من دون جذب وجريان لتساوي السطوح سواء اتصل بها بينبوع أو رشح أو نزيز إلا إذا قل الرشح جداً بحيث كان كالعرق الخفي فإن إدخاله في الجاري وحكمه لا يخلو من إشكال ولو كان اتصاله بالتقاطر فإن كان متتالياً فهو من الجاري وإن كان بينها فواصل معتد بها فهو في حال اتصال القطرة من الجاري وفي حال انفصالها
ليس منه وماء البئر هو كل ماء متصل بمادة يسمى محله
بئراً وسيجيء أحكامها إن شاء الله تعالى ويقع الكلام في الجاري في مقامات.
أحدهـــــــا : لا ينجس الجاري إلا إذا تغير الماء عن طبيعته الخلقية
بنجاسة حلت فيه تغيراً لونياً أو طعمياً أو ريحياً وهو معنى قولهم إذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه لأن الماء لا ريح له بل ولا لون وطعمه ليس كسائر الطعوم ويدل على نجاسته بذلك الإجماع بقسميه والأخبار العامة والخاصة المعتبرة والمنجبرة بفتاوى الأصحاب وعملهم من غير مخالف يعتد به.
ثانيها: لا يشترط في تنجيسه بالتغير أن يكون التغير
بنفــس لـــون النجاســـــة أو طعمهــــا أو ريحهـــا بــــل لــو أحدثـــت لـونـاً
آخر أو طعما آخر وريحا آخر جرى عليه الحكم وكذا لو اجتمعت عدة نجاسات ذوات ألوان فأحدثت لونا آخر كان الماء من المتغير بالنجاسة.
ثالثهــــــا: لا عبرة بتغير الماء بغير الثلاثة المتقدمة من الأوصاف من برودة وسخونة وخفة وثقل وغير ذلك اقتصاراً على المتيقن في الأخبار بعد إحراز أصل الطهارة وحملا لما دل على التّنجيس بالتغـّير على ما دل على خصوص هذه مطلقاً أو على سبيل الحصر حملا للمطلق على المقيد والعام على الخاص.
رابعهــــــا:لا عبرة بالتغـُّير الناشئ من المجاورة لظهور أخبار المُتغيرّ في حلول المغير في الماء وهو المقتضي الأفعال دون مجاورته له.