پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج12-ص7

يجب الغسل بحصول أسبابه لغايات مترتبة عليه في الجملة إجماعاً وضرورة فيجب غسل الجنابة للصلاة الواجبة ابتداءً أو بنذر أو استئجار إجماعاً وكتاباً وسنة بأمر أصلي توصّلي وبأمر تبعي للصلاة المأمور بها ويجب للطواف الواجب الأصلي لأنه صلاة ويجب للمسّ الواجب بنذر أو استئجار وشبههما ويحب لدخول المسجدين وللمكث في المساجد الباقية إن وجبا بأحد الأسباب أو بعض العوارض ويحب لقراءة العزائم كُلاً أو بعضاً إن وجبت بأحد الأسباب الموجبة ويحب بنذر الطهارة أو بنذره خصوصا أو بالاستئجار عليه وكذا غسل الحيض يجب كذلك بالإجماع والأخبار في الثلاثة الاول وبالإجماع المنقول والشهرة المحصلة في الأخيرين واستصحابا لحكم المنع المحقق فيهما ما دام المحيض سائلاً وتغير الموضوع مع الانقطاع قبل الغسل لم يثبت لصدق الحائض على من نقت قبل الغسل في الأخبار وكلام الأصحاب وإن قلنا أن المشتق حقيقة في المتلبس دون الماضي ولأنّ حدث الحيض أعظم من حدث الجنابة كما يفهم من الأخبار ولان ترتيب الغسل والوضوء عليه يشعر بأكبريته ولا معنى لكونه حدث أكبر إلا ترتب أمر زائد على ما يوجبه الحدث الأصغر وغسل النفاس كغسل الحيض لأنه حيض في المعنى كما سيجيء وكذا غسل الاستحاضة فيجب في الأولين إجماعا محصلا ومنقولا وللأخبار. ويجب فيما بعدهما أيضا للإجماع المنقول على مساواتها للحائض قبل الغسل وأنها بعد الغسل يكون حكمها حكم الطاهر وذهب جمع إلى عدم وجوبه للمسّ لعدم ثبوت تحريم المسّ عليها قبل الأغسال وجمع إلى عدم تحريم المساجد عليها لعدم ثبوت ذلك قبلها وكذا قراءة العزائم أيضاً والأظهر ما ذكرناه هو والأحوط ويجب لمس الميت بعد برده لجميع الغايات المتقدمة على الأظهر بناء على أن المس حدث أكبر لأشعار ترتيب الغسل والوضوء عليه وترتبهما مُشعر بأكبرية حدثه خلافاً لمن لم يوجب بغسل فيه أصلا لأنه مخالف للأخبار وكلام الأخيار وخلافا لمن أوجبه تعبداً لأنه المخالف لما جاء في بعض الأخبار من إطلاق لفظ الطُهر عليه ومن إيجاب الوضوء الذي لا يكون إلا رافعا في غير ما قام الدليل عليه المؤيدة بفتوى مشهور الأخبار بل كاد يكون إجماعا في الفقه الرضوي ما يؤذن بذلك والسيرة دالة عليه وخلافا لمن جعل المس حدثا أصغر اقتصاراً على مورد اليقين من ناقضيته وعلى المتيقن من الروايات لأنه منافٍ لما تشعر به الأخبار من ترتّب الغُسل والوضوء معا عليه ودعوى أن الوضوء رافع لحدثيته والغسل تعبدي ليس أولى في العكس وظاهر ترتيب الطهارة الكبرى أنه حدث أكبر يمنع غير ما يمنعه الأصغر ومع ذلك فالخروج عن الأصل مشكل بمثل ما ذكرناه والإحتياط لا يخفى. نعم لا يجب غسل المس للصوم للأصل وظاهر الأصحاب والسّيرة القاضية بتغسيل الأموات نهارا في أشهر الصيام والأقوى وجوب غيره للصوم الواجب بل والمندوب ولأن الأصل الاشتراك في الحكم بين الواجب والمندوب إلا ما أخرجه الدليل ويدل على وجوب غسل الجنابة للصوم الواجب الإجماع المنقول بل المحصل والأحتياط والسيرة القطعية وأَخبار القضاء والقضاء مع الكفارة على من نام جنباً فبدون النوم يثبت البطلان بالطريق الأولى وخبر (أبي بصير) الموجب للكفارة على من أصبح جنبا في شهر رمضان فما عن (الصدوق) من عدم اشتراطه للصوم استناد الروايات نافية لوجوبه وفيها حكاية فعل رسول الله (() (وفي الإصباح جنبا) ضعيف جدا وأخباره محمولة على التقيّة لمنافاتها لمنصب النبوة وشذوذها بين أصحابنا ويلحق بصوم شهر رمضان قضاؤه وإن اختصّت الرواية به لأصالة المشاركة بين الصومين ولعدم القائل بالفرق ممن يُعتدُّ به، نعم نفى شرطيته جماعة في الصوم المندوب وهو لا يخلو من قوة إلا أن الأحتياط وأصالة المشاركة تقتضي بالشرطية وعلى وجوب غسل الحيض للصوم أيضا الاجماعات المنقولة والأحتياط وكون حدثه أعظم من حدث الجنابة ورواية (أبي بصير) الموجبة للقضاء على من نقت بليلها ولم تغتسل حتى أصبحت والنفاس حكمه حكم الحيض لأنه حيض في المعنى كما تدل عليه الأخبار وكلمات الأصحاب وجوب الغسل في الصوم قبل دخول وقته قضى به الإجماع وظاهر الأمر بالمضيق فأن الأمر بالمضيق إذا علم أن له مقدمة قبله يقضي بوجوبها وإن لم يتحقق وقد يقال أن الأمر بالمضيق بفرض تقدمه هاهنا على قدر زمن فعل المقدمة وإن تأخر زمن فعل المأمور به جمعا بين ما دل على عدم تقدم الخطاب بالمقدمة على الخطاب بينها وبين ما دل على أن أول زمان الصوم هو الفجر لكنه على الوجه الأول لا يشترط في وجوبها بقآء قدر إدائها من أخر الوقت بل تجب وجوبا موسعا من أول اللّيل ولولا الإجماع لقلنا بوجوبها قبله بكثير ما لم تخرج عن كونها مقدمة عرفا فإن تقدم المقدمة على ذيها في الزمان الكثير فما يخرج بها عن سمة الربط والمقدمية على الأظهر بخلاف الثاني فإنها لا تجب إلا أن يبقى زمان بقدر إدائها اقتصارا على مورد اليقين من تقدم الأمر على المأمور به لخروجه عن ظاهر الخطاب واحتياجه إلى التكلف لأن ظاهر الخطاب مقارنة الأمر للمأمور به عند دخول الوقت وأما تكلّف الوجُوب النفسي لهذا الغسل كما صنعه العلامة فوراً من لزوم وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها أو تكلف تنزيل الواجب على التوطين على الغسل كما صنعه (البهائي) فهما ضعيفان لأن الظاهر في إيجاب الفقهاء للغسل للصوم أنه واجب غيري له لا نفسي والظّاهر أنَّ الواجب هو نفس الغسل لا التوطين للنفس عليه على أن في وجوب التوطين منع، نعم لو تركنا ما عليه الفقهاء من وجوب الغسل قبل وجوب الصوم جاز لنا أن نقول أن الغسل مندوب وإن كان لا بد من جهة كونه مقدمة لكنّه يتأدّى به الشرط لأن الشرط وجوده وقد حصل ويجزي في المقدمات غير المأمور به عن المأمور كما يظهر في (ابن إدريس) ولا ينافي ذلك وجوب المشروط لأنّ عدم وجوب المقدمة لا ينافي وجوب ذيها إنما المنافي له المنع عنها وتارك ذي المقدمة لو تركه لجواز المقدمة عوقب على تركه لا على تركها وما بالاختيار لا ينافي الاختيار ولذلك أن النافي لوجوب المقدمة لا يرد عليه خروج الواجب عن كونه واجبا كما تخيل بعض وجاز لنا أيضاً أن ننفي أصل وجوب المقدمة وإن كان الغُسل لا بد منه قضاء لحق الشرطية والثمرة في هذا الكلام كله إنما تظهر على القول باشتراط نية الوجه وأما مع القول بعدم اشتراطها فلا ثمرة لأن الغسل في الليل مندوب قطعا وهو مجز عن الواجب ولا بد من الإتيان به على كل حال فلا ثمرة حينئذ إلا في نذر أو يمين أو في عقاب وشبهه على القول بثبوت العقاب على المقدمات ويجب غسل المستحاضة للصوم للإجماع المنقول وفتوى المشهور ورواية (علي بن مهزبار) الآمرة بقضاء الصوم عند الإخلال بالغسل وهل يتوقف صوم كل يوم على أفعال نهاره خاصة أو فجره خاصة أو ليلته اللاحقة خاصة أو السابقة خاصة أو الليلتين معا أو على أفعال نهاره وليلته السابقة إن لم تقدم غسل الفجر ليلا إذا جوزنا الفصل بين الصلاة والغسل فإن قدمت غسل الفجر ليلاً توقف على أغسال النهار فقط لأجزاء غسل الفجر عنه وجوه أقواها الأخير لظاهر الرواية في توقف الصوم على جميع الأغسال