انوار الفقاهة-ج11-ص51
ثانيها:يشترط في الخلع كراهة الزوجة فلو خلعها والاخلاق ملتئمة بطل إن وقع بلفظ الخلع وإن وقع بلفظ الطلاق لم يملك الفدية ووقع طلاقاً مطلقاً ويحتمل وقوعه باطلا سيما مع القصد بإيقاعه ملك لفدية ثم ان كراهتها إن كانت منها لنفوره طبع منها أو وحشة اصابتها منه أو كراهة له لسوء خلقه وانقباض نفسه أو لقبح صورته أو لنتن ريحه أو لضعف قوته أو لرخاوة فرجه أو لفقره وبذلت له الفدية جاز خلعها وعلى ذلك دلت الأخبار كقصة جميلة بنت عبد الله أو حبيبة بنت سهل وزوجها ثابت بن قيس بن شماس وغيرها وهل يشترط مع الكراهة ان يظنا ألا تقيم حدود الله لكراهتها بأن لا تجيبه ولا تطيعه وتدخلن عليه من يكره وغير ذلك لمفهوم لآية ولدلالة جملة من الروايات على ذلك كقوله في الحسن لا يحل خلعها حتى تقول لزوجها والله لا ابر لك قسماً ولا أطيع لك امرا ولا اغتسل لك من جنابة ولا وطين فراشك ولا وذنن عليك بغير اذنك وفي آخر مثله وفي آخر قريب إليه وفي رابع انه يكفي أن تقول لا اطيع لك أمراً وفي خامس أنه يكفي أن تقول لا أطيع الله فيك فيفهم من مجموعها أنه لا يشترط أن تقول ما تضمنته الرواية الأولى بل يكفي أن تقول ما يدل على كراهتها بأي لفظ كان ولو بقولها أني كارهة لك ويظهر من ذلك إن العلم بالكراهة من دون تصريح بها غير كاف وكذا الفعل الدال عليه باشارة أو كتابة أو سلوك أو طريقة قد ارتكبتها لا يجوز الخلع من دون تصريح باللفظ ولكنه خلاف ظاهر الأصحاب وكأنهم فهموا ان ذكر هذه الألفاظ في الأخبار إنما كان للدلالة على الكراهة لا لمحض التقيد فلو علمت الكراهة أو دل عليها دليل كان كاف في الخلع نعم قد يشكل لحال في ان ظاهر الآية والأخبار عدم الاكتفاء بالكراهة فقط بل لا بد من انضمام ان يظنا انها لا تقيم حدود الله تعالى بسبب الكراهة الحأصلة منها أو يخافا ذلك والأخبار المشترطة للقول دالة على القول المشتمل علىعدم اقامة حدود الله تعالى في زوجها وعلى هذا فلو ظهرت الكراهة مجردة عن ذلك لم تحل الفدية ولو لم يخافا التعدي عن حدود الله تعالى بل كان للامرأة حاجز من تقوى أو غيرها لم يجز الخلع ولم يملك الفدية والحكم به متجه إلا ان الظاهر فتاوى الأصحاب والسيرة القطعية في الباب لا تدل على اشتراط أمر آخر سوى الكراهة من الزوجة سواء دل عليها القول أو الفعل نعم اوجب بعض الأصحاب خلعها إذا قالت لأدخلن عليك من تكره والمشهور الندب في هذا القول وامثاله في الاباحةفي الكراهة المجردة عن هذا القول وشبهه وأوجب بعضهم الطلاق اوالخلع مخيرا بينهما في مثل هذا القول وشبهه واوجب الشيخ خلع الامرأة إذا قالت له لا اطيع لك امراً ولا أقيم لك حداً ولا اغتسل لك من جنابة ولاوطيّن فراشك من تكرهه إن لم تطلقني أو إذا علم من حالها عصيانه في شيء من ذلك وإن لم تنطق به وكذا اوجب بن حمزة في ذلك الخلع والأظهر الندب في جميع ذلك فيحمل الأمر في الأخبار عليه وعلى الارشاد كما تقتضي به العمومات وفتوى الأصحاب والأخبار المشتملة على لفظ حل له أن يأخذ منها وغيرها نعم يبقى الكلام فيما إذا فعل معها ما يوجب كراهتها له ليخلعها وهذا اقسام لأنه أما أن يكرهها إكراها تقية منه على نفسها أو مالها على ان تظهر الكراهة له بتخويف وتهديد ونحوهما ولا اشكال في ان هذا يقع فيه الخلع باطلا ولا يملك الفدية ولو وقع بلفظ الطلاق ففي صحته طلاقا مطلقا أو باطلا لانه وجهان ونتيجة البطلان مع اعتقاد صحة الخلع مع الإكراه واما ان يكرهها بمنع حقها الواجب من نفقة أو كسوء فتكرهه لذلك فيختلعها ويكون إكراها بالعارض ففي صحة مثل ذلك وبطلانه وجهان من حصول الكراهة المطلوبة منها وإن فعل حراما بسببه وبذل المال برضاها ولأن عدولها عن المطالبة بالحق إلى طلب الخلع رضى منها بذلك ومن أنها لم تبذل بطيب نفسها وقال الله تعالى فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا فتكون مكرهة والأول اوجه لمنع عدم طيبة نفسها وإن كان بسببها فعله ولاحتمال أن يراد في الآية وإن لم يطبن فلا يؤكل هنيئا مريئا لا انه محرم نعم لو أبان لها ان المنع من حقوقها لاجل أن يحملها على البذل فلا يبعد أن يكون في هذه الصورة إكراها تنزيلا لمنع المال المستحق منزلة أخذه في تحقق الإكراه به وأما أن يفعل معها أفعالا مباحة ليحملها على كراهة وطلب خلعها والظاهر إن هذا ليس من الإكراه في شيء ولا ينافي طيب نفسها بالبذل لو بذلت له لذلك ومثله ما لو عمل معها ما يوافق الشرع من الاقتصار على النفقة الشرعية والقسمة الشرعية بحث لا يزيد على ما أمر به الشرع وكذا لو تزوج عليها أو وطأ جارية له أو أعرض عنها أو جعل في الدار معها من تكرهه وأما أن يفعل معها ما يوجبه الشرع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من ضرب وتهديد على ترك واجب أو فعل محرم أو تأديب على نشوز أو خروج من دار أو كلام مع الرجال فكرهته لذلك جاز له خلعها حينئذٍ على ما افتدت به سواء قصد بذلك ان تكرهه فتبذل له أم لا ولو أتت بفاحشة وهي كل معصية كما ذكره المفسرون ومنها مامر من أقوالها إذا أكرهت زوجها جاز عضلها لتفتدي نفسها كما دلت عليه الآية وهو منع بعض حقوقها أو جميعها المندوبة وفي الواجبة اشكال وخالف العامة في ذلك حيث ذهبوا إلى ان الآية منسوخة وإن له الطلاق فلا معنى لعضلها وهو باطل والنسخ لم يثبت وظاهر الأصحاب على الجواز إلا انهم جعلوا الفضل المضارة والتضيق زظاهر ذلك جواز منع حقوقها الواجبة أيضاً مضافا إلى جواز التضيق عليها وسوء المعاشرة معها ولكن الأحوط انه إذا أمكن مضارتها بما لا ينافي تادية الحق الواجب لزمه ذلك كسوء الخلق وعدم التوسعة عليها في النفقة وعدم البشاشة وسوء المعاملة وسوء العشرة إلى غير ذلك مما لا يكون فعله معصية وتفسير الفاحشة بكل معصية يظهر من جملة الفقهاء والمفسرين ولكن الحكم مخالف للأصل فيقتصر فيه على مورد اليقين وهي أما المعصية الموجبة للحد أوالزنا بخصوصه أو السحق معه أو يذاء الاهل معها كما هو منصوص في تفسير الفاحشة في المعتدة الرجعية.