انوار الفقاهة-ج11-ص49
الخامسة:عقد الخلع لازم من طرف الزوج إجماعاً ما لم ترجع في البذل لأصالة اللزوم في العقود وللأخبار وفتوى الأصحاب ولايلزم من طرفها بل لها الرجوع في البذل متى شاءت للأخبار وفتوى الأصحاب سواء رضى برجوعها فيه أم لم يرض وسواء شرط رجوعها فيه أو لم يشترط وسواء شرط رجوعها فيه أم لم يشترط وسواء اشترطت هي عليه أن ترجع به متى شاءت أو لم تشترط كل ذلك لإطلاق الأدلة وفتوى الأصحاب خلافا لابن حمزة حيث اشترط رضاهما بالرجوع لقاعدة المعاوضة في رجوع أحد العوضين أو اشتراطها ذلك ابتداء وهو محجوج بما ذكرناه ولو شرط عليها ألا ترجع ففي لزوم الشرط أو بطلانه أو بطلان النكاح معه وجوه أقواها بطلان الجميع ولو رجعت في البذل عادة الطلاق رجعيا وكان له الرجعة فيها بالإجماع وتدل على ذلك الأخبار ولو شرطت عليه أن لا يرجع إذا رجعت في البذل جاءت الوجوه المتقدمة وأقواها البطلان ولا يعود إليه نفس الطلاق الذي هو المعوض بحيث تعود زوجة له بالفعل كما هي قاعدة المعاوضة إجماعا منا لأنه ليس معاوضة صرفة بل يعود له حكم الرجعة وينفسخ منهما لزوم الطلاق فيعود رجعيا بعد ان كان بائنا ولا يذهب أثره بالكلية وهل رجوعها مشروط بإمكان رجوعه فإذا اختلعها صغيرة أو يائسة أو ثالثة بطل جواز رجوعها لعدم إمكان رجوعه أم لا ظاهر الكثير من أصحابنا التلازم بينهما لشبه الخلع بالمعاوضة والرجوع بأحد العوضين يوجب الرجوع في الآخر فإذا لم يمكن الرجوع بالاخر بطل رجوع الأول ولأن الأخبار المجوزة لرجوعها قد رتبت عليه جواز رجوعه فيفهم منها التلازم بينهما ولأن رجوعها خلاف الأصل فيقتصر فيه على المورد الذي يجوز رجوعه بها وهذا هو الأظهر والاقوى ولو رجعت ولم يعلم حتى انقضت العدة احتمل مضي رجوعه وعدم علمه غير مانع سيما على القول بعدم التلازم ولأن الشرط صحة رجوعها لا وقوعه وعدم العلم مانع لوقوعه لا لصحته وكذا لو لم يعلم بالحكم الشرعي من جواز رجوعه عند رجوعها فإن عدم العلم لا يمنع جوازرجعته واقعاً اللازمة لرجوعها بالفعل واحتمل بطلان رجعتها من دون علمه لحصول الضرار بالعود عليه بالبذل مع فوات البضع وهو منفي بالشريعة ولأنه معاوضة ومن شأنها علم المتعاوضين ولظهور الأخبار في كون الزوج عالما برجوعها والكل ضعيف لمنع الضرار بإمكان رفعه أولا بإيقاع الرجعة منه في كل وقت احتمل تقدم رجوعها بالبذل وباقدامه عليه ثانيا ولمنع اشتراط علم المتعاوضين في المعاوضة لو كان له الرجوع شرعا عند رجوع أحدهما في العوض لو كان له الرجوع شرعا وإن فات الآخر للعوض كما إذا لم يرجع الزوج مع علمه فإنها تجمع بين العوض والمعوض ولمنع ظهور الأخبار في اشتراط العلم غايته الدلالة على تلازم الحكمين وأحدهما غير الآخر نعم قد يقال ان المتقين من جواز رجعتها هو في مقام على الزوج برجوعها وفيما عداه فالأصل ثم انها لو رجعت في البذل ولما يرجع فهل يكون حكم العدة ههنا كحكم العدة الرجعية الأصلية من لزوم النفقة والاسكان وعدة الوفاة أخذاً بالإطلاق وتساوي الحكمين أولا يكون لظهور اختصاص تلك الأحكام في الرجعية الابتدائية دون الطارئة ولاستصحاب انتفاء هذه الأحكام ابتداء وجهان والأول أقوى لقوله في الخبر وتكون امرأته ولا يجوز له التزويج باختها أو رابعه بعد رجوعها قطعا وفي جوازه قبله وجهان أقواهما الجواز للحكم ببينونتها ابتداء وللرواية الظاهرة في ذلك وكونه في الابتداء في معرض التزلزل غير مانع والاخر المنع وهو الأحوط وعلى الأول فهل لها الرجوع في البذل لأن المانع من رجعته إنما جاء من قبله فلا يمنع حقها ولامكان أن يطلقها بائنا فيرجع فالرجوع ممكن في حقه وليس لها العدم إمكان أن يرجع بها والحال هذا وجهان والاقوى الأول ولو رجعت في البعض احتمل قويا جواز رجوعها به لأنه إذا جاز في الكل جاز في البعض كما لها اسقاط حقها منه الجميع جاز لها اسقاط حقها من البعض وله الرجوع بها حينئذٍ لترتبه على رجوعها في البذل وقد حصل ولرواية أبي العباس المختلعة إن رجعت في شيء من الصلح يقول لا رجعن في بعضك واحتمل عدمه لأن المتيقن في جواز رجوعها بعد أصالة اللزوم وهو الرجوع بالكل فلا يتبعض المرجع ولأن جواز رجوعها في البعض موجب لكون الطلاق رجعيا وبقاء الباقي موجب لكونه بائناً بعوض فالجمع بينهما جمع بين المتنافين فإذا انتفى الملزوم انتفى اللازم وفي صحيحة بن بزيع ما يرشد إليه حيث قال:وإن شاءت أن يرد إليها ما أخذ منها وتكون امرأته فعلت وظاهرها ردّ الجميع وتكون امرأته برده واحتمل جواز رجوعها دونه لجوازه من قبلها كلا أو بعضا ولأن بقاء شيء من العوض مانع من رجوعه لمكان البينونة به وفيه ان البينونة إنما كانت بجميعه وإن انفرادها بالرجعة دونه ينافي التلازم الظاهر بينهما في الأخبار وكلام الأصحاب.