انوار الفقاهة-ج11-ص6
الثالث: يشترط في المطلقة أن لا تكون حائضا حيضا شرعيا فلو طلق في الحيض كان الطلاق باطلاً وإن بنى على مشروعية فعل حراماً وذلك للأخبار والإجماع وتستثنى من ذلك الحامل والغير مدخول بها والغائب زوجها والحاضر الذي كالغائب وهو من لا يمكن الوصول إليها واستعلام خبرها إنما الكلام في قدر الغيبة المجوزة لطلاقها والمصححة له عند الجهل بحالها فيتبين مصادفة الحيض أو طهر المواقعة وأما العالم بحالها إنها حائض أو في طهر المواقعة فلا يقع منه طلاق ولا يجوز له ذلك وليس من محل النزاع والأخبار وكلمات الأصحاب وإن كانت مطلقة إلا أنها مقيدة بما ذكرنا كما نقل الاتفاق على ذلك وتقتضيه القواعد اقتصارا على المورد اليقيني فمنهم ممن لم يقدرها يحد سواء انه ممن يصدق عرفاً عليه انه غائب ولو لم يكن سفراً شرعياً وإنه مما لا يتمكن من معرفة حالها عادة من دون مشقة وعسر فلو تمكن بمشقة وعسر لا يلزمه الاستعلام ونسب القول به لجمع من القدماء والمتأخرين ودلت عليه أخبار متكثرة وادعى بن أبي عقيل تواتر الأخبار فيه ومنهم من حدها شهر لما رواه اسحق بن عمار عن الصادق ( ( وعنهم من حدها بثلاثة اشهر لرواية جميل ولرواية اسحق بن عمار وفيها خمسة اشهر أو ستة وادنى ذلك ثلاثة ومنهم من حدها بمدةيعلم من عادتها أو يظن انتقالها فيها من طهر إلى طهر آخر جمعاً بين الروايات وتنزيلا لاختلافها على اختلاف العادات في النساء والاقوى الأول لكثرة الأخبار وصحتها وقوة اسانيدها وادعاء تواترها وموافقتها للسير ورفع العسر ولاختلاف غيرها في التحديد المؤذن بالندب ولأن راوي الشهرة وهو اسحق روى الثلاثة وايضا روى الخمسة والستة مرددا فيها وهو من مظاهر الندب ولأن تنزيل الروايات المختلفة على اختلاف عادات النساء تنزيلا على الافراد النادرة وهو بعيد جداً فالاقوى جواز طلاق الغائب مع الجهل بحال امرأته مطلقا والأحوط مراعاة انتقالها من طهر إلى آخر بحسب عادتها لو كان ممن يعلم ذلك فإن كان ممن لايعلم انتظرها ثلاثة اشهر بل الأحوط انتظار الثلاثة مطلقاً ما لم يعلم زيادة عادتها عليها وعلى ما ذكرنا فلو طلقها مطلقا أو مراعياً للمدة على القول باشتراطها فإن استمر الاشتباه استمر الحكم بصحة طلاقه وكذا إن تبين مصادفته للحيض كما دلت الرواية على صحة طلاقه وإن علم بعد ذلك انه قد صادف الحيض نعم لو طلقها مع عدم مراعاة المدة على القول بلزوم المراعاة فتبين وقوعه في طهر المواقعة والحيض فالوجه الفساد حيئذ لعدم موافقته الشرائط النفس الآمرية وعدم الاخذ بما جعله الشارع حداً له وقد يشكل الحال فيما لو طلقها مراعيا للمدة فتبين انها في طهر المواقعة وكذا لو طلقها غير مراعي لها بناء على عدم لزوم المراعاة لعدم النص على الصحة مع اختلال الشرط هنا واقعاً ولكن الأظهر هنا الصحة وفاقا لظاهر الفتوى ولإطلاق الأخبار الدالة على الصحة من غير تفصيل والأولوية المستفادة من الحكم بصحة الطلاق مع مصادفته الحيض فبالاولى مع مصادفته طهر المواقعة لفقدان الشرطين في الأول وهي الطهر وكونه غير طهر الموقعة وكذا الاشكال لو طلقها غير مراعي للمدة فظهر له بعد ذلك اجتماع الشرائط لمخالفته ما دل على الانتظار ولمصادفته الشرط الواقعي والأظهر هنا الصحة لأن المدة ليست تعبدية كما هو الظاهر من النصوص والفتاوى والاحوط الحكم بالبطلان وربما يفرق بين العالم باشتراط المدة فيتوجه الحكم عليه بالبطلان لاختلال قصده إلى الطلاق والجاهل فيتوجه الحكم عليه بالصحة وهو حسن وفيه أن العلم بالحكم الشرعي المنافي للعقد أو الإيقاع لا يخرج عن القصد والجزم بوقوع الأثر العرفي ولكنه جيد ولو خرج المسافر في طهر غير طهر المواقعة صح طلاقه مطلقاً وإن صادف الحيض ما لم يعلم
حالها حين الطلاق إنها حائض ولا يفتقر إلى مراعاة المدة استنادا للرواية وفتوى الأصحاب والإجماع المنقول في الباب ونقل عن ظاهر بعض العبادات اشتراط التربص هنا شهر الظاهر خبر اسحق وربما يظهر من بعض المتأخرين في صحة الطلاق مع مصادفته الحيض إذا لم يكن مراعيا للمدة المعتبر لعدم حصول الشرط الواقعي ولإطلاق بعض الأخبار الآمرة بالتربص الشاملة لمحل المسألة وفيه إن أخبار التربص ظاهرة في الغائب عنها زوجها في طهر المواقعة فيبقى مفروض المسألة مشمولاً لم دل على صحة طلاق الغائب مطلقا وإنه يطلق على كل حال هذا كله لو صادف الحيض أما لو استمر الاشتباه فلا شك في الصحة ولا تلزم مراعاة المدة لأن الحاضر لا يلزمه المراعاة فالغائب بطريق اولى ولأن الحيض بعد طهر المواقعة مانع والأصل عدم المانع إلا أن يعلم وجوده ولو من عادة النساء وشبهاً بل الظاهر ان الحاضر لا يجب عليه السؤال من الامرأة لو شك في إنها حائض أم لا للاستصحاب وهو حجة في الاختيار والاضطرار على الأقوى نعم لو تبين للحاضر مصادفة الطلاق للحيض بطل دون الغائب فإنه يصح كما تقرر والذي يدل على الحاق الحاضر الغير متمكن من الاستعلام بالغائب صحيحة عبد الرحمان المؤيدة بفتوى المشهور المعمول عليها الموافقة لتنقيح المناط المفهوم من الأخبار فمنع ابن ادريس من ذلك لاشتراط الخلو من الحيض واقعاً خرج الغائب وبقى الباقي ضعيف نعم في رواية عبد الرحمن إن من لا يتمكن من الوصول إلى معرفة حال زوجته حاله حال الغائب وإنه يطلقها بالشهور والاهلة وفي آخرها انه يطلقها إذا مضى لها شهر وهو محمول على الندب كما تقدم في الغائب ولكن انتظار المدة هنا احوط وأحوط منه إنه لا يطلق فإذا طلق وصادف الحيض أعاده وحكم النفاس حكم الحيض فيما لو غاب عنها وهي نفساء أو غاب عنها وهي حامل فطلقها فصادف النفاس إلى غير ذلك وفي اعتبار المدة وعدمه.
المبحث الثالث: في الصيغة وفيه أمور: