انوار الفقاهة-ج10-ص62
يحرم عليه شم الطيب والبيع والشراء أصالة ووكالة والممارة لفتوى الأصحاب والإجماعات المنقولة في الباب والصحيح المعتكف لا يشم الطيب ولا يتلذذ بالريحان ولا يماري ولا يشتري ولا يبيع والمراد بالطيب ما أطلق عليه هذا الاسم عرفاً من دهن أو ماء أو عود أو ذريرة لا كلما طابت رائحته من دارسين أو هيل أو كمون والأظهر كون القرنفل طيباً كما أن الأظهر أن المحرم نفس الشم لا الاستعمال مطلقاً فلو سد منخره واستعمله أو كان لا يشم لفقد الحاسة جاز والاحتياط لا يخفي وما كان طيباً في بلد دون أخرى كان الأحوط أجراء حكم الطيب عليه مطلقاً ومثل الطيب الريحان وهو ما طابت رائحته من النبات أو ورقه أو أطرافه كالورد والقيصوم وشبههما فأنه يحرم شمه أيضاً للصحيح المتقدم والزعفران طيب من غير شك في كثير من البلدان والمراد بالبيع والشراء ما هو أعم من المعاطاة والصيغة بأي لسان كان ولا يلحق بهما الصلح ولا الإجارة ولا البيع الفاسد على الأظهر ولا يمنع من الاشتغال بالأمور الدنيوية من أصناف المعاش كما تخيله العلامة ولا من الصنائع المشغلة عن العبادة كالخياطة كما تخيله هو أيضاً (() وخيال تنقيح المناط لا وجه له والمراد بالمماراة المجادلة والمغالبة طلباً للافتخار وإظهار الفضيلة في أمر دنيا أو دين في حق أو باطل نعم لو كان الأمر بالمعروف أو لإظهار حق أو لإخفاء باطل لا لإظهار فضيلة لم يكن محرماً وهل يفسد بهذه الاعتكاف أم تؤثر حرمة لا غير وجهان والأقوى عدم الإفساد والأحوط الحكم بالإفساد لفتوى جمع من الفقهاء ولظاهر النهي عن الشيء في العبادة وحرم الشيخ (() على المعتكف كل ما يحرم على المحرم ونسبه لرواية وهو خلاف فتوى المشهور والأصل يدفعه والإجماع المنقول على عدم تحريم لبس المخيط للمعتكف بل المحصل يضعفه وفتوى الأصحاب بعدم حرمة أكل الصيد وإزالة الشعر وعقد النكاح توهنه وذهب أبن أدريس إلى أن جميع ما يفعله المعتكف من المعاصي ويتشاغل به من السباب ونحوه يفسد اعتكافه بل يظهر منه أن جميع ما يتشاغل به من المباحات التي لا حاجة له بها يبطله لأن الاعتكاف لبث للعبادة والتشاغل بذلك ليس لبثاً لها فينافيه ويبطله وهو ضعيف مخالف لفتوى الأصحاب ولعموم أدلة اليسر وللأخبار البيانية في مقام البيان.
الإحدى عشـر قضاء الاعتكاف:
كل من أفسد اعتكافه بعد وجوبه وجب عليه قضاءه وكذا لو فسد لنفسه سواء كان وجوبه بنذر أو شبهه أو كان لكونه اليوم الثالث ويدل على وجوب القضاء فتوى الأصحاب والصحيح إذا مرض المعتكف أو حاضت المعتكفة فأنه يأتي بيته ثم يعيد إذا برأ ويصوم وفي أخر في الحائض كذلك ومتى وجب القضاء بالفساد الناشيء عن غير الاختيار وجب بالفساد الناشيء عن الاختيار بالطريق الأولى وكلما وجب فيه الاعتكاف وجب فيه الصوم مقدمة له وكلّما أفسد الصوم افسد الاعتكاف فيجب فيه القضاء وأما الكفارة فلا تجب على المعتكف إذا افسد اعتكافه بمفسد غير الجماع على الأظهر للأصل واختصاص الروايات الموجبة لها بالجماع فلا يتعدى حكمها إلى غيره ألا إذا كان الاعتكاف في صوم له كفارة في افطاره وجبت الكفارة لأجل ذلك لا لأجله والمراد بقضاء الاعتكاف هو قضاء جميعه إذا كان واجباً ولم تكمل له ثلاثة وقضاء الفائت إذا كان مندوباً وقد تم له يومان ولكنه لو قضى اليوم الفائت ههنا أكمله بيومين ندباً لأنه لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام ويحتمل ضعيفاً قضاؤه يوماً واحداً ويكون كالخروج للحاجة فيما إذا كان لعذر سماوي والمطلقة الرجعية وغيرها من المتوفى عنها زوجها إذا طلقت في اليوم الثالث احتمل وجوب إتمام اعتكافها ثم الخروج بعد ذلك لبيتها للاعتداد به واحتمل وجوب نقضه ثم قضاءَهُ بعد ذلك ثلاثة أيام وعلى الاحتمال الضعيف يوماً واحداً والاحتمال الأول أقوى لسبق تعلق حقه بها نعم لو كان الاعتكاف مندوباً وجب القطع والخروج وألا فسد الاعتكاف.
الثانية عشــرة الأصل في الاعتكاف :