انوار الفقاهة-ج10-ص55
الاعتكاف لغة الاحتباس والإقامة على الشيء ثم نقل شرعاً على الأظهر من ثبوت الحقيقة الشرعية في المعاني المستحدثة للشارع التي قد استعملت فيها الألفاظ اللغوية لمعنى خاص وهو اللَّبث الخاص في الزمان الخاص والمكان الخاص والحال الخاص جامعاً للشرائط الخاصة بناء على الأصح من وضع أسماء العبادات للصحيح وهو يدخل في ماهية كون اللبث للعبادة بمعنى أن الغرض منه كون اللبث للعبادة فهو عبادة مقصود منه عبادة أخرى أم لا وجهان أقواهما الأول لما يفهم من الأخبار من أن الغرض من الاعتكاف هو التوصل لعبادة الله تعالى في زمانه والتفرع لذلك ومشروعيته ثابتة كتاباً وسنة وإجماعاً منقولاً ومحصلاً.
الثانية النية:
وهي شرط فيه لا شطر على نحو غيره من العبادات ويجب فيها قصد الفعل والقربة والتعيين لمن كان عليه اعتكافان أو ثلاثة بنذر أو إجازة أو بأحد المتلزمات الأخر وكذا من كان عليه واجب ومندوب نعم لو لم يكن عليه إلا واحد أجزأ أن يقول اعتكف عما عليَّ ويجزي في المندوب نية القربة مطلقاً ونية الندب وأن وجب في الثالث لأنه في ابتدائه كل مندوب ويجوز أن يجدد نية الوجوب في الثالث بعد أن نوى الكل ندباً في الأول بل هو الأحوط ويجوز أن ينوي الندب في الأولين والوجوب في الأخير ابتداءً ويجوز أن ينوي الأولين ندباً فإذا جاء الثالث نواه وجوباً ألا أن الاحتياط بخلافه ويشترط مقارنة النية للمنوي كما هو الأصل في النية وقد يقال بجواز نيتها هاهنا الحاقاً له بالصوم ولكنه بعيد فيجب على ما قدمنا أن ينوي مقارناً لطلوع الفجر أن لم نقل بدخول الليلة الأولى ومقارناً لغروب الحمرة أن قلنا بدخولها والاحتياط يقضي بمقارنتهما معاً ولو قلنا بجواز التلفيق في أيام الاعتكاف جاز للناوي أن ينوي متى شاء في النهار ويحتسب الكسر من الاعتكاف وكذا لو جوزنا دخول الكسر في أيام الاعتكاف التامة جاز أن ينوي الناوي متى شاء ويدخل الزمان الذي بينه وبين الغروب في الاعتكاف ولكن الأقوى ههنا عدم جواز ذلك كله وعدم جواز احتساب الكسر من أيام الاعتكاف مطلقاً ويندب التلفظ بالنية كما تشعر به الأخبار وبعض كلمات الأصحاب ويستحب أن يشترط فيها الإحلال أما من الحبس مطلقاً متى شاء فيجوز له أن يفسخ اعتكافه اعتباطاً حتى في اليوم الثالث على الأظهر كما تشعر به بعض الأخبار وبعض كلمات الأصحاب كما سيجيء إن شاء الله تعالى ويجوز أن يقرن إحلاله بحصول وصف أو حال متعلق بنفسه أو بغيره مباح أو مندوب على الأظهر أيضاً فيجوز له الإحلال حينئذٍ بحصوله ويشترط فيها الإحلال من الحبس أن صدّه صادٌّ أو منعه مانع مجوزان للإحلال فيكون الشرط ندباً تعبدياً لا ثمرة له وهذا هو الفرد المتيقن ندبيته من الأخبار وكلام الأصحاب ولو كان الاعتكاف منذوراً وأراد جواز الإحلال منه متى شاء جاز إذا قرن الشرط بالصيغة وبنيته الاعتكاف عند حصولها ولا