پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج10-ص54

السابعة:كلما يشترط فيه التتابع إذا أفطر لعذر أثنائه بني عليه عند زواله فوراً وصح ما عمله وهذا الحكم في صوم الشهرين المتتابعين ولا يشك فيه لورود الأخبار الصحيحة به ففي الصحيح فيمن عليها شهران متتابعان فحاضت أنها تقضيهما ولا يعتد وفي رجل مرض أنه يبني على ما صام وفي آخر فيمن مرض أنه يبني على ما كان صام وما جاء بوجوب الإعادة على من صام شهراً في كفارة الظهار فمرض إلا إذا زاد على شهر يوماً أو يومين وما جاء بوجوب الإعادة على من أفطر ومرض في الشهر الأول فكان عليه صوم شهرين متتابعين مطرح لضعفه عن مقاومة ما قدمناه أو محمول على الاستحباب ويستفاد من الروايات المتقدمة الدالة على عدم وجوب الإعادة التعليل بأن هذا مما غلب الله تعالى عليه وليس عليه وليس على ما غلب الله تعالى شيء إن كل عذر منه عز وجل لا يخل في المتابعة مطلقاً ثلاثة كانت أو غيرها فما جزم به جمع من أصحابنا وجوب استئناف كل ثلاثة وجبت المتابعة فيها إذا وقع الخلل فيها لعذر أو لغيره ما عدا ثلاثة الهدي لمن صام يومين فصادف في الثالث أنه العيد ضعيف إذ ليس لما في الروايات خصوصية والظاهر أن العذر يشمل نسيان النية في الأثناء لأنه مما غلب الله عليه ويشمل الجنون مطلقاً وهل يشمل السفر الضروري وجهان لا يبعد الشمول لقوة دخوله فيما غالب الله تعالى عليه ولكنه لا يخلو من أشكال ومن أفطر لغير عذر استأنف لعدم خروجه عن العهدة وعدم حصول الامتثال به وللإجماع بقسميه على الظاهر ويستثنى من ذلك من صام شهراً ومن الثاني يوماً للإجماع المنقول وفتوى المشهور والأخبار المستفيضة الدالة على أن التتابع أن يصوم شهراً ويصوم من الآخر أياماً أو شيئاً منه وعلى أن من صام أكثر من شهر فوصله ثم عرض له أمر فأفطر فلا بأس وعلى أن من صام في الظهار فزاد في النصف يوماً قضى بقيته وهل يجوز فعل ذلك اختياراً أو يجعل التتابع في الرواية الصحيحة هو أن يصوم شهراً ومن الآخر أياماً أو شيئاً وحينئذٍ فأما أن يدخل ذلك في اسم التتابع شرعاً أو في حكمه وكل منه يثبت المطلوب وكذا قوله في الرواية الأخرى إذا صام أكثر من شهر فوصله ثم عرض له أمر فأفطر فلا بأس فإن إطلاق عروض الأمر له ونفي البأس عن الإفطار به يدل على ذلك ويؤيد ذلك أيضاً فتوى المشهور وذهب جمع من أصحابنا إلى أن الإثم بالإفطار قبل إكمال الشهرين وإن لم يبطل ما فعل أخذ بإطلاق ما دل على وجوب التتابع وهو ضعيف لتقيد الإطلاق بما ذكرناه وعلى قولهم أثم بالإفطار فهل يتوسع عليه في الباقي أم يجب البدار به والتتابع وجهان أو وجههما على قولهم الثاني وعلى قولنا الأول وحينئذٍ فلو أثم ابتداءً بالإفطار جاز التفريق بعد ذلك ويستثنى أيضاً من ذلك من خمسة عشر يوماً من شهر نذر تتابعه بعينه أو نذر أن يتابع في شهر ما أو نذر أن يصوم شهراً متتابعاً فيه أو نذر صيام شهر مطلقاً فانصرف إلى التتابع للروايتين الدالتين وعلى أن من نذر صوم شهر فصام منه خمسة عشر بنى على ذلك ولفتوى المشهور بذلك ولكن قد يقال باختصاص الروايتين وإطلاق الفتوى بمن نذر شهراً مطلقاً فانصرف إلى إرادة التتابع قهراً فلا يشمل جميع الصور المتقدمة ولا يلحق به صوم الشهر المتتابع على المملوك في كفارة الظهار لأنه قياس على أن الروايتين ضعيفتان فيقتصر فيهما على مورد فتوى المشهور وهل يحنث المفطر بعد الخمسة عشر وإن صح ما تقدم منه أم لا يحنث لصيرورته الخمسة عشر بمنزلة الشهور وجهان أقواهما الأول ومع ذلك فظاهر الأصحاب أن ما نذر صومه حينئذٍ بالمتابعة كالمطلق المنصرف إليها في الحكم وهو لا يخلو من إشكال ويستثنى من ذلك صوم الثلاثة بدل الهدي يوم التروية وعرفة ثم أفطر يوم النحر فإنه يجوز أن يبني بعد انقضاء التشريق على صومه والروايات بها هنا مختلفة ويجيء تمام الكلام إن شاء الله تعالى ولا يجوز لمن عليه صوم متتابع أن يصوم في زمان لا يسلم فيه التتابع أو ما هو بحكمه حتى أنه لو فعل ذلك سهواً ونسياناً بطل عمله لانكشاف بطلانه من أول وهلة فمن صام شعبان فقط من غير زيادة يوم من أوله أو شوال فقط من غير زيادة يومين من آخره أو الأضحى صامه شهراً أولاً فسد صومه وذهب الشيخ (() إلى أن القائل في الأشهر الحرم يصوم شهرين منها وأن دخل فيهما العيد وأيام التشريق استناداً لرواية دالة على ذلك وهي ضعيفة معارضة للعمومات القطعية وفتوى الأصحاب فالأولى اطراحها.

الثامنة:يستحب صوم ثلاثة أيام من الشهر أول خميس وآخر خميس وأول أربعاء من العشر الأوسط ويستحب قضاؤهما ومن عجز تصدق بمد أو درهم كل ذلك للأخبار وكلام الأصحاب ويستحب صوم أيام البيض بالإجماع وصوم يوم الغدير للرواية أنه يعدل ستين شهراً ويوم مولد النبي (() يوم السابع عشر في ربيع الأول ويوم مبعثه السابع والعشرين في رجب ويوم دحو الأرض الخامس والعشرين من ذي القعدة وصوم يوم عرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء وقد حقق الهلال كي لا يشبه بالعيد وصوم يوم المباهلة يوم الرابع والعشرين من ذي الحجة وقيل أنه يوم التصدق بالخاتم وأول ذي الحجة وصوم رجب وصوم شعبان وصوم كل خميس وكل جمعة وكل أثنين، ذلك للأخبار وفتوى الأصحاب ولكفاية الرواية الضعيفة وفتوى الفقيه الواحد في أدلة السنن ويستحب الإمساك تأديباً تشبيها بالصوم وربما سمي الصوم التأديبي على المسافر إذا أقدم أهله وشبهه وقد أفطر وكذا المريض والحائض والنفساء بعد طهرهما والكافر إذا أسلم والصبي إذا بلغ والمجنون والمغمى عليه إذا أفاق ويوم عاشوراء إلى العصر وقيل يستحب صومه على وجه الحزن إلى الليل ويكره على غير ذلك الوجه جمعاً بين الأخبار الآمرة والناهية ولا بأس به.

تم كتاب الصوم ويتلوه الاعتكاف إن شاء الله تعالى.

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

كتاب الاعتكاف

القول في الاعتكاف وفيه مسائل:

الأولــــى الاعتكاف لغة: