انوار الفقاهة-ج10-ص48
الأولى:فيمن يحرم عليه الصوم يحرم الصوم المندوب على المملوك من غير إذن مالكه سواء عارض حقوق المالك أولاً وسواء أضعفه الصوم أم لا وسواء كان المالك مختصاً أم مشتركاً وسواء كان المالك خاصاً أو عاماً كالعبد الموقوف أو المشتري من مال الزكاة وفاقاً لإطلاق المشهور ولقوله تعالى: [ عَبْدًا مَمْلُوكًا لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ] سورة النحل آية (75 ) ولأن الصوم تصرف منه بنفسه ولا يجوز له التصرف بنفسه وللإجماع المنقول على المنع وللأخبار المتكثرة الدالة على المنع من صوم العبد من دون إذن مولاه وذهب بعض أصحابنا إلى الكراهة ونقل عليها الإجماع وحمل الروايات المانعة على الكراهة أو على صورة النهي عن المولّى صريحاً وهو ضعيف لأن حمل الروايات على الكراهة أو على صورة النهي مع اشتمال الروايات على التحريم بدون الإذن مجازاً لا يرتكب إلا المعارض يقوي عليه أو يساويه وليس فليس. وكذا يحرم صوم الزوجة من غير إذن زوجها لفتوى المشهور والإجماع المنقول والأخبار المستفيضة الناهية عن ذلك ففي بعضها ليس لها الصيام من دون إذن زوجها وفي بعضها لا يصلح وفي بعضها ولا تصوم تطوعاً إلا بإذنه إلى غير ذلك والظاهر من إطلاق الفتوى والرواية شمول الزوجة للدائمة والمتمتع بها عارضت حقوق الزوج بصومها أم لا وذهب جمع من أصحابنا إلى كراهة صومها من غير الإذن، ونقل الإجماع على الكراهة واستند إلى رواية علي بن جعفر عن المرأة تصوم تطوعاً بغير إذن زوجها قال: (لا بأس)، وحمل الروايات على الكراهة على صورة نهي الزوج وهو ضعيف لمنع الإجماع مع مصير الأكثر والجمع شرط التكافؤ بل لابد من طرح رواية علي بن جعفر أو حملها على الإذن الصريحة دون الفحوائية أو حملها على الصوم الواجب ويحرم صوم الولد مع نهي الوالد منه، لأن الصوم والحال تلك إيذاء وعدم مصاحبته له بالمعروف بل ربما يؤدي إلى دخوله تحت العقوق المنهي عنه إجماعاً فالأظهر كراهته من دون إذن من الوالدين للأخبار الناهية عنه من غير إذن المحمولة على الكراهة لضعفها عن إفادة التحريم سنداً وعدداً ودلالة ففي بعضها من بر الوالدين لا يصوم تطوعاً ولا يحج تطوعاً ولا يصلي تطوعاً وهو ظاهر في استحباب الترك الذي هو بمعنى الكراهة وذهب جمع من أصحابنا إلى تحريم الصوم من الولد من دون إذن الوالد أخذ بظاهر الأخبار الناهية ولا شك أنه أحوط سيما بالنسبة للأب لما دل على أنه مملوك لأبيه وأنه ليس له أمر ولا نهي وأما الضيف فالأظهر كراهة صومه من غير إذن المضيف سواء نهاه أم لا للإجماع المنقول على الكراهة وللأخبار الناهية عن صومه من غير إذن المحمولة على الكراهة لعدم قابليتها لإثبات التحريم لضعفها وقلة العامل بها واشتمالها على لفظ لا ينبغي الظاهر في الكراهة وللتعليل في بعضها لئلا يعملوا الشيء فيفسد عليهم وفي بعضها أن من فقه الضيف ألا يصوم تطوعاً إلا بإذن صاحبه وإلا كان الضيف جاهلاً وظاهرها أن المراد بالفقه الفهم لا العلم الخاص بقرينة الرواية الأولى وفي بعضها أن المضيف لا ينبغي له الصوم أيضاً بدون إذن الضيف لئلا يحتشمهم ويشتهي الطعام فيتركه لهم وهو قرينة على إرادة الكراهة من لفظ لا ينبغي في الأول.
الثانية:في الصوم المحرم وتقدم شطر منه كأيام العيد والتشريق بمنى وآخر شعبان بنية الفرض وأنه من رمضان أو نيتهما معاً وصوم الحائض وشبهها والمسافر والمريض المتضرر به أو من يخشى على نفسه أو ماله أو عرضه والكافر قبل توبته والمخالف ومنه صوم وفاء نذر المعصية كمن نذر صوماً شكراً على محرم أو صوماً زجراً عن واجب لتعلق النهي عن النية والنهي قاض بالفساد وللإجماع المنقول على ذلك للأخبار الدالة على أن صوم نذر المعصية حرام الظاهرة في إرادة ذلك ومنه صوم الصمت والوصل وهما محرمان إجماعاً فتوى ونصاً والأخبار دالة على تحريمها والنهي دال على فساد المنهي عنه والمراد بصوم الصمت إمساك على وجه المسكوت فالوصف
داخل فيه ولو نوى الصائم الإمساك ونوى الصمت على أنه عبادة أخرى مقارناً للصوم فلا يبعد صحة صومه ويكون فاعلاً حراماً بنيته ونفس سكرته ويصح صومه والمراد بالوصال هو أن يجعل عشاؤه سحوره ودل على ذلك الصحيح عن الحلبي وصحيح جعفر بن البختري المواصل يصوم يوماً وليلة ويفطر السحر وهوى بالمعنى الأول وقيل أن يصوم بيومه يومين بليلة ولا يأكل فيهما وتدل على ذلك رواية محمد بن سليمان وهو قريب وأفتى به جمع من الأصحاب ولا يبعد أن كلاً منهما وصال معنى ولفظاً ومنهي عنه أصالة وتشريعاً ولكنه بنية ذلك لا مطلقاً فلو صادف الصوم ذلك النحو بلا نية لم يكن به بأس ولكن الأحوط اجتنابه تغضياً عن شبهة من حرم ذلك وعن شبهة إطلاق الروايات ولا شك في فساد الصوم لو نواه موصوفاً بالوصال أو نواه منظماً إلى غيره بشرط الانظمام وأما لو نواه ونوى الوصل عبادة أخرى مستقلة أو منظمة معه لم يكن بأس والاحتياط يقضي بالتجنب مطلقاً ولو عرفت النية من الصائم للوصل أَوالصمت في أثناء النهار فلا يبعد فساد الصوم أيضاً لانقطاع حكم النية الأولى.