انوار الفقاهة-ج10-ص43
رابعها:قدمنا أن من برأ من مرضه بين الرمضانين ولم يقض تعلقت به الكفارة مطلقاً وأطلقنا القول في ذلك ولكن نسب للمشهور أنه إن تهاون فلم يقض أو تركه عمداً مع ضيق الوقت أو السعة تعلقت به الكفارة وإلا فلا يجب عليه سوى القضاء وفسروا التهاون بعدم العزم على القضاء سواء عزم على الترك أو لم يعزم على أحد الأمرين وغير التهاون هو العازم على القضاء في حال السعة وآخر اعتماداً عليها فلما ضاق الوقت عرض له المانع وربما يفسر التهاون بالعزم على العدم إلى أن يجيء المانع من الصوم، وقد فسر بالتراخي عن الأمر وإن كان عازماً عليه مدة يقال عرفاً أنه توانى فيه وتراخي به والأظهر الاعتماد على الإطلاق لإطلاق الروايات بذلك الشاملة للعازم على العمد وغير العازم على شيء والعازم على الفعل المؤخر تكاسلاً وتراخياً وليس ما يدل على القول المشهور سوى حسنة محمد بن مسلم ففيها: (أن كان برأ ثم تواني قبل أن يدركه رمضان الآخر صام الذي أدركه وتصدق عن الأول بمد عن كل يوم من طعام وعليه قضاؤه) وهي ظاهرة في إرادة ترك القضاء مع القدرة عليه من لفظ التواني بقرينة جعل دوام المرض فيها قسيماً للتواني دون المعنى الزائد الذي لاحظه المشهور ومع هذا كله فكلام المشهور لا يخلو عن قوة لشهرة الفتوى به ولهذه الرواية المقيدة لإطلاق غيرها ولظهور ترتب الكفارة على التفريط دون غيره لأنها لستر الذنب غالباً وغير الغالب كالعدم ولكن الشأن في تحقيق التهاون والتواني والأظهر أن التكاسل عن البدار إلى فعل الخير وإن عزم عليه في وقت متأخر أو في وقت فيؤخره إلى أن يصدق عرفاً أنه تراخى عن الأمر وتساهل به فعلى ذلك لا يخلو تأخير اليوم واليومين ولا يوجب الكفارة ومحل تأخير الأيام المتعددة وإن عزم على الفعل مستمراً وهذا العزم على العدم من أفراد التواني ويوجب الكفارة ولو يوماً واحداً لمناسبته ذلك لإيجاب الكفارة ولشمول لفظ التهاون له ولشمول التعليل في قوله ((): (من أجل أنه ضيع صيام ذلك اليوم له)، ولظاهر فتوى المشهور أم لا للأصل وهو ضعيف، وذهب الحلي إلى عدم وجوب الكفارة هاهنا مطلقاً تواني أم لم يتوان وترده الأخبار وكلام الأخيار وقال المحقق عليه أنه ارتكب ما لم يذهب إليه أحد من فقهائنا الإمامية فيما علمت.
خامسها:يلحق بالفوات بالمرض الفوات بغيره على الأظهر فيقضي ما فات مع عدم التواني من غير كفارة ويقضي مع الكفارة متوانياً أما الأول فلعموم ما دل على وجوب القضاء السالم عن المعارض وأما الثاني فلأن الكفارة وجبت في أعظم الأعذار وهو المرض فمع الأدنى أولى وعلى ما ذكرناه إن لم يتمكن من الصيام أصلاً حتى أدركه الشهر كان عليه الصدقة فحسب ومن تمكن وتهاون عن القضاء إلى أن جاء عارض لا يمكنه الصيام أو تمكن وترك القضاء عمداً إلى رمضان آخر عصياناً فعليه الصدقة والصيام وإن لم يتهاون بأن عزم على الفعل وتكاسل بحيث مرت عليه أيام يعد بها متهاوناً ولم يؤد.
سادسها:من فاته من رمضان شيءٌ وقلنا أن السفر كالمرض واتصل سفره من رمضان إلى آخر ولم يمكنه نية الإقامة فعليه الصدقة فقط ومن أمكنه نيــــــة الإقامة في الأثناء فلم لم ينوِ حتى عرض له ما يمنع الصيام فالأظهر أيضاً أن عليه الصدقة فقط لعدم وجوب نية الإقامة عليه حينئذٍ ومن ضاق وقت القضاء عليه وهو مسافر فلم ينو إقامة فهل تجب عليه الصدقة فقط لأن الصوم واجب مشروط فلا تجب الإقامة لتحصيله فلم يجب عليه الصوم حتى يقال أنه تركه تهاوناً أو يجب عليه القضاء والكفارة لأنه بمنزلة من تمكن من القضاء فلم يفعل وجهان أوجههما الأول نعم يقوي الثاني فيما إذا تمكن من القضاء فلم يفعل فسافر ولم ينو إقامة مع تمكنه حتى صار الشهر الآخر ومن ضاق عليه الوقت وهو حاضر فسافر عند الضيق فالأظهر جوازه سفره ولا يحرم عليه السفر ويجب عليه القضاء والكفارة إذا تهاون بالتأخير والأحوط لزومهما وإن لم يتهاون قبل ذلك لأن نفس السفر في الوقت المضيق للقضاء من قبيل التفريط لأنه قد تعلق به وجوب القضاء أولاً وتمكن منه ولم يفعل.
الثالث: في القضاء عن الميت:
وفيه مسائل: