انوار الفقاهة-ج10-ص19
سادسها:تتعدد الكفارات بفعل المفطر بتعدد الأيام وهل تتكرر بتكرره في اليوم الواحد مطلقاً لأن تعدد الأسباب يقضي بتعدد المسببات وتعدد العلل يفضي بتعدد المعلولات ولا يتكرر بتكرره مطلقاً لأصالة البراءة ولأن ترتب الكفارة على المفطر والإفطار مستند الأول ولأن العلة والسبب هو طبيعة الفعل فلا يترتب على تعدد أفرادها حكم مغاير لما يترتب عليها أو تتكرر بالمتكرر عرفاً كالآلات المتعددة والجماعات المتعددة لتعدد أسبابها ولا تتكرر بغير المتكرر عرفاً، الآلة الواحدة وإن تكثر فيها الازدراد فيها والابتلاع والجماع الواحد وإن تكثر فيه النزع والوضع واشتمل على الإنزال والإدخال ويتكرر بتكرر مختلف النوع كالأكل والجماع، ولا يتكرر بتكرر المتفق لفهم تعدد المسببات بتعدد أسبابها عند الاختلاف لدلالة الروايات على وجوب كل مسبب عند وجود مسببه من أكل أو جماع أو ارتماس دون ما كان متفقاً في النوع فإن الحكم معلوم فيه على الطبيعة دون الإفراد ويتكرر بتكرر الجماع دون غيره لما ورد أن المجامع عليه في كل مرة كفارة وما ورد في رجل جامع امرأته في شهر رمضان عشر مرات، قال: (عليه عشر كفارات في كل مرة كفارة)، أو تتكرر أن كفر لما فعله أو لا ولا تتكرر إذا لم يكفر ففعل ثانياً لعدم إمكان التداخل في الأول وإمكانه في الثاني أو تتكرر مع الفاضل المعتد به ولا تتكرر مع الوقوع دفعة لكونها في الثاني بمنزلة مفطر واحد وجوه وأقوال أقواهما عدم التكرار مطلقاً لفهم تعليق الحكم في الأخبار على طبيعة الإفطار وبعد حصولها لا يتعلق بها حكم أجزاء للكفارة وذلك تصريحاً في بعضها وتلويحاً في آخر لأن المفهوم من الحكم بها بعد الوقاع أو الأكل أو إيصال الغبار أنه من جهة الإفطار به لا من جهة كونه في يوم صوم شهر رمضان والإفطار يتحقق بالمرة الأولى والروايتان الدالتان على وجوب التكرار ضعيفتان ولولا ضعفهما لكان العمل بهما متعيناً ومع ذلك فالأحوط التكرر بتكرر الجماع في متفق الجنس وبتكرر كل مفطر في مختلف الجنس.
سابعها:لو فعل موجب الكفارة ثم سقط فرض الصوم لعارض سفر أو جنون أو حيض لم تسقط الكفارة سواء سقط بعارض اختياري أو اضطراري لظاهر الأخبار وفتاوى أكثر الأخيار والمناقشة في الظهور بانصراف أوامر الكفارة إلى النور الظاهر منها، وهو غير ما حصل العارض فيه مسلمة لو كان الاستدلال بترك الاستفصال وليس الاستدلال به بل بنفس إطلاق الأمر وهو لا ينصرف إلى الفرد الظاهر إلا مع قدر الإطلاق على غيره وهو في المقام ممنوع وللإجماع المنقول ولأنه أفسد صوم يوم أمر الشارع بصيامه وهتك حرمته وتجرأ على ربه فالعلة فيه منتجة وانكشاف عدم التكليف بصومه واقعاً لعلم الأمر بانتفاء شرط ليس مانعاً ولا مخصصاً لأدلة الكفارة لدورانها مدار الظاهر أولاً ولجواز التكليف بالصوم إلى زمان طروء العارض ثانياً، ولأن القول بسقوط لطرق المفطر يلزم منه تفويت الكفارة على من أفطر متعمداً بفعل ما يوجب بعد ذلك سقوط الصوم وهو مناف لشرع الكفارة لقوله (() في الصحيح أو الحسن: (هذا بمنزلة من أفطر في شهر رمضان يوماً في إقامته ثم خرج في آخر النهار في سفر فأراد بسفره ذلك إسقاط الكفارة التي وجبت عليه)، وذهب جمع من أصحابنا إلى عدم وجوب الكفارة لانكشاف عدم التكليف بالصوم واقعاً والأمر يدور مداره كما لو انكشف للصائم أن يومه يوم من أيام شعبان ولأصالة البراءة والمتيقن من وجوب الكفارة على من أفطر هو من وجب عليه الصوم وفرق بعض بين العارض الاختياري فلا تسقط الكفارة، وبين الاضطراري فتسقط والكل ضعيف والقياس على ظهوره من شعبان باطل لأن طروء العارض إسقاط للتكليف بعد تعلقه ظاهراً وظهوره من شعبان كشف لبيان خطئه في الإدراك وفرق بين انكشاف الخطأ في الادراك وبين انكشاف عدم تمامية المأمور به بعد تعلق الأمر به ظاهراً.