پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج10-ص17

ثالثها:كفارة شهر رمضان عتق رقبة أو إطعام ستين مسكيناً أو صيام شهرين متتابعين مخيراً كما نطق به المشهور ودل عليه الإجماع المنقول وتكاثرت به الصحاح والمعتبرات من الأخبار وقيل مرتبة العتق فالصيام فالإطعام فلا يجوز تأن مع القدرة على الأول استناداً لما ورد من أن رسول الله (() أمر أولاً بالعتق، ثم فقال المأمور لا أجده، ثم أمره بالصيام، فقال: لا أطيقه، ثم أمره بالإطعام وفيه ضعف سنداً ودلالة لأن الترتيب في الذكر لا يدل على الترتيب في الحكم نعم في صحيح علي بن جعفر عن أخيه فيمن نكح في شهر رمضان التصريح بالترتيب ولكنه لا يعارض ما قدمنا فيحمل على التقية لموافقته لمذهب الجم الغفير من العامة أو على الاستحباب وفصل جمع من أصحابنا بين من أفطر على محلل فأوجب عليه ما تقدم تخييراً وبين من أفطر على محرم فأوجب عليه كفارة جمع بين الخصال الثلاثة، جمعاً بين ما ورد من التخيير في الخصال وبين ما ورد من الأمر بالجمع بالواو المفيدة للجمع كموثقة سماعة وأما ما أورده في الفقيه حيث قال وأما الخبر الذي روي فيمن أفطر يوماً من شهر رمضان متعمداً أن عليه ثلاث كفارات فإني أفتى به فيمن أفطر بجماع محرم عليه أو بطعام محرم عليه وشهد لهذا الجمع أيضاً ما قاله الوجود ذلك في روايات أبي الحسين الأسدي فيما ورد من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري فكلامه هذا بمنزلة الرواية لظهور اتصال ذلك بصاحب الأمر، لأن الأسدي كان من الوكلاء الذين نرد عليهم التوقيعات ويشهد له أيضاً رواية الفقيه عن ابن عبدوس، عن علي بن محمد بن قتية، عن حمدان بن سليمان عن عبد السلام بن صالح الهروي أنه متى ما جامع الرجل حراماً أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات وإلا فواحدة، والرواية في مرتبة الحسن، لأن ابن عبدوس شيخ الصدوق وقد عمل الصدوق بروايته وهذان مما يفيد أنه مدحاً، وعلي بن محمد القيتي، قيل في حقه أنه فاضل اعتمد عليه الكشي وعبد السلام وثقه النجاشي وغيره وإن ضعفه غيره بأنه عامي وعلى كل حال فالرواية معتبرة لأنها بين من كان من مشايخ الإجازة وبين من حكم المشايخ بحسنه ووثاقته وعلى هذا القول فالقول بالتفصيل أظهر وأحوط.

رابعها:من قدر على واحدة دون أخرى من الخصال الثلاث تعين عليه ومن قدر على بعض من واحدة وتمام أخرى تعينت عليه التامة ومن قدر على بعض واحدة لا غير تعين البعض لأنه لا يسقط الميسور بالمعسور وإن قدر على ابعاض كل واحدة قدم الصوم وصام ثمانية عشر يوماً عن كل عشرة مساكين ثلاثة أيام للروايتين الواردتين عن أبي بصير الأمرتين بصوم ثمانية عشر يوماً لمن يقدر على الاتيان بخصلة تامة ولظاهر الإجماع المنقول في المنتهي لنسبته ذلك فيه إلى مذهب إلى علماؤنا وللاحتياط وإن لم يقدر على صوم ثمانية عشر يوماً تصدق بما يطيق للصحيح أو الحسن الأمر بذلك عند الفجر عن الخصال ولولا ظاهر الإجماع المنقول لكان القول بالتخيير أو تقديم روايات الصدقة لصحتها أوجه، لأن الروايات متعارضة حيث أن إطلاق الأمر بالصوم ينفي الاجتزاء بالصدقة وإطلاق الأمر بالصدقة بنفي الاجتزاء بالصوم ووجه الجمع أما بالأخذ بهما معاً للاحتياط ولا قائل به أو طرحهما معاً لا وجه له أو تقديم الصحيح وهو خلاف ظاهر فتوى الأكثر أو التمييز وهو خلاف ظاهر الإجماع المنقول وفتوى الأكثر على الأظهر فليس إلا تقييد الصحيح الدال على الأمر بالصدقة بالروايتين الدالتين على الأمر بالصيام على أن الأمر بالصدقة بعد العجز عن القيام ومن عجز عن الصدقة صام ولو قليلاً فإن عجز عنه اعتق شخصاً إن أمكن فإن عجز كفاه الاستغفار اللازم على كل حال لكنه في هذه المرتبة ينوي أنه كفارة لفتوى الأصحاب به بعد العجز عن الصوم أصلاً أو بعد العجز عن الصوم والصدقة وللأخبار الآمرة به لمن عجز عن الخصال بل لا يبعد كفايته بعد العجز عن الخصال وعن صوم ثمانية عشر يوماً، وعن صدقة دون الابعاض الآخر ولو تجددت القدرة بعد فعل البدل أجزأ البدل إذا كان صوم ثمانية عشر أو صدقة بما يتمكن لظاهر بدليتها في الأخبار وفي غير هذين يقوى القول بوجوب الإتمام وعدم الاجتزاء بالبعض وهل يجزي الاستغفار لبدليته كما هو ظاهر الأخبار أو يجزي لاحتمال أن الأمر إنما هو لطلب الشارع له على كل حال وعدم إمكان غيره ولا يبعد الأول لقوله ((): (الاستغفار له كفارة).