انوار الفقاهة-ج10-ص1
وهو من ضروريات الإسلام ووجوبه في شهر رمضان نطق به القران وصار ضرورياً في جميع الأزمان والصوم لغة الإمساك عن الشيء ونقل شرعاً في زمن الشارع بناء على ثبوت الحقيقة الشرعية والأقوى ثبوتها لترك أشياء خاصة أمر الشارع بتركها عند التذكر مستنداً إلى عزم عليه قبل حصوله أو بعد حصوله في مقامات خاصة في زمان خاص على كيفية خاصة من بلوغ وعقل وصحة وسلامة من حيض وسفر وشبههما فلا يرد على هذا ما ورد على من اخذ الكف في تعريفه بان الكف أن كان هو النية فهي شرط من الصوم أو جزئه لا نفسه وان كان غير النية فلم يعقل وجوب أمر آخر زائد على الترك والنية وبان الصوم لو كان هو الكف والإنزجار لزم أن لا يكون النائم والساهي والغافل صائمين ولأن شاركوه في الحكم فلا يشاركون في الاسم وللزم وجوب للتقطن والانزجار طول النهار وعدم جواز بقاء المكلف خالياً عن حالة فعلية حين التذكر خطاب رب البرية والكل لا يلتزمه أحد ولا يبعد أن من عبر بالكف أراد الترك المستند إلى العزم والنية السابقة للفرق بينه وبين الترك اتفاقاً ودعوى أن الترك غير مقدور فلا يتعلق التكليف به دعوى تخالف الوجدان لأنه لو امتنع الترك لوجب الفعل ولا يقوله إلا الأشعري فالترك مقدور بمعنى أن شاء استمر عليه وان شاء قطعه وفعل ولا يراد أيضا ما ورد على من اخذ الفطر في تعريف الصوم من الدور لتوقف معرفته على معرفة الصائم المتوقف على معرفته ولا يراد أيضاً دخول ترك المفطرات وقتاً ما في تعريف الصوم لخروجه بالمؤمن الخاص ولا يراد أيضا خروج تناول المفطرات سهواً عن الصوم مع انه داخل فيه لدخولها في قولنا عند التذكر والصوم من افضل القربات للإجماع والأخبار عن الهداة وقد ورد أن الله تعالى قال: الصوم لي وكأنه لخفائه وعدم الاطلاع عليه يكون بعيداً عن شائبة الريا التي هي شرك فلا يصوم إلا له أو لزيادة مشقة وتأثير لصفاء الباطن والإخلاص استحق إضافته إليه تعالى دون ساير العبادات وينبغي للصائم أن لا يكون يوم صومه كيوم فطره بل ينبغي له ترك الذمائم القلبية والفرطات اللسانية والقبيح من الأفعال الجسمانية كما نطقت به أخبار سادات البرية وينبغي له الأعمال الحسنه والأماكن المشرقة والأخلاق المحمودة وقد ورد النهي عن تسمية شهر رمضان رمضاناً وورد أن من صامه ذاب الحرام من جسده وقرب من رحمة الله تعالى كفر خطيئًة أبيه آدم وهانت عليه سكرات الموت وأمن من الجوع والعطش يوم القيامة وأطعمه الله تعالى من طعام الجنة وأعطاه براءة من النار.
بحث في النية:
وفيه أمور:
أحدها:النية شرط في الصوم لا جزء منه فلا يشترط فيها شرائط قطعاً لان للصوم كسائر الأفعال فكما أن النية ليست جزء منها عرفاً وشرعاً فكذلك للصوم أيضا وانتفاء للوازم الجزئية بالإجماع دليل على انتفائها نعم اشتراطها على القول بان العبادات اسم للصحيح داخل فيه دونها نفسها وشرطيتها دل عليها الإجماع والأخيار والاعتبار وهي من العبادات على وجه الحقيقة الشرعية أو المتشرعه يراد بها قصد الفعل وقصد كونه لله تعالى فالإتيان بالفعل بدون قصد أو بدون قصد انه لله تعالى كعدم الإتيان به لا تتحقق الطاعة والانقياد والعبودية به أن لا يصدق على العبد انه مطيع إلا إذا أتى بالعمل مقصوداً لم يقع قصد انه له والمفروض أن الأصل في أوامر الشارع سيما فيما لم يعلم وجه المصلحة فيه كالعبادات إرادة الطاعة والانقياد والعبودية قال سبحانه وتعالى: [ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ]سورة الذاريات الآية (56 ) فالحقيقة روح العمل وبها قوامه ويكفي فيها الداعي والمحرك والانبعاث الحاصل في خزانه الخيال ولا يجب فيها الأخطار والتصوير الفعلي وان كان هو الأحوط ولا يجب فيها التصدير تفصيلاً ولا معرفة الحقيقة في سائر العبادات للزوم العسر لولاه وتقع من الصبي لان عبادته شرعية ويفسدها الرياء دون العجب ونية القطع والقاطع في الأثناء دون الاستدامة على الأظهر فيهما.
ثانيها:تلزم النية في العبادة أمور أربعة يدل عليهما كما دل على أصل النية: