انوار الفقاهة-ج9-ص3
ثالثها:الصلح من العقود اللازمة إجماعاً والأصل والأخبار دالة عليه ويصح فيه اشتراط الخيار ويجري فيه كل خيار مستنده خبر الضرار كالغبن والعيب والتصرية والشركة ونحوها ألا ما فهم منه أن سبب العدول أليه من غيره من العقود كان هو أسقاط الغبن أو العيب أو كل خيار منشأه حديث لا ضرر وتصح الفضولية فيه وتصح فيه المعاطاة مع نصب قرينة على ذلك وألا فظاهر المعاطاة أنها بيع ويجري عليها أحكامه على الأظهر ويجري فيه تحريم الربا لحرمته في سائر المعاوضات على الأقوى ويقوم مقام البيع ولا تجري عليه أحكامه من خيار وصرف وسلم ومقام الهبة والإجارة والعارية والإبراء ولا يجرى عليه أحكامها من الجواز في جملة منها واشتراط التعيين في الإجارة ونحو ذلك والظاهر جواز قيامه مقام العقود المالية من مضاربة ومزارعة ومساقاة وجعالة فيعود الجائز منها لازماً ويصح الصلح على الإتيان بنفس العقد كصالحتك على أن تبيع أو تأجر أو تهب أو تنكحني أبنتك أن توقف ككذا بكذا و يكون بمنزلة الجعالة اللازمة ولا يصح الصلح على نفس أثر العقد كصالحتك على أن يكون هذا مبيعاً أو موهوباً أو مزارعاً عليه أو موقوفاً أو منكوحاً ولا يبعد صحة الصلح على إسقاط الدعوى بالقسم بغير الله تعالى كالقسم برسول الله (() أو الكتاب أو الأوصياء بل والعلماء والأتقياء لا يقال أن دليل الصلح كدليل البيع هذا أحل البيع وذلك والصلح خير والصلح سائغ بين المسلمين فما وجه التسرية في الصلح دون البيع لأنا نقول أن دليل الصلح ليس مقصوراً على تلك العمومات بل استقراء موارد الصلح الواردة في الأخبار والنص في فتاوى العلماء الأبرار مما يدلان على عموم دليل الصلح لموارده ولكل مصالح عليه عوضاً ومعوضاً واستثناء ما حرم حلالاً أو أحل حراماً يدل أيضاً على أن العموم مسوق لبيان أفراد المصالح عليه لا لبيان مشروعية صيغته وكيفياته على أن عقد الصلح في العرف صالح لكل ما قدمنا فتسويغه على وجه الإطلاق يؤذن بتسويغها وهل يصح وقوع الصلح بغير صورة العوض كما إذا وقع مقام الهبة والإبراء أو السكنى كصالحتك على جبتك أو على سكنى دارك أو على نصف دينك يظهر من بعض الفقهاء جواز ذلك لقولهم ويقوم مقام الهبة إذا وقع على عين بلا عوض ومقام العارية إذا وقع على منفعة بغير عوض والأصل والقاعدة يقضيان بعدم الجواز ومن ذلك قالوا أنه يصح أنا اصطلح الشريكان بعد انتهاء الشركة وإرادة فسخها على أن يكون الربح لأحدهما والخسران عليه وللآخر رأس ماله صح َّونقل عليه الإجماع قالوا وتدل عليه المعتبرة وفيها الصحيح في رجلين اشتركا فربحا فيه ربحاً وكان من المال دين وعين وفي أخرى وكان المال ديناً وعيناً وفي ثالثة وكان من المال دين وعليهما دين وفي رابعة وكان المال ديناً ولم يذكر العين ولا أنَّ عليهما دين فقال أحدهما لصاحبه أعطني رأس المال ولك الربح وعليك الثرى فقال لا بأس إذا شرطا وعلل ذلك بأن الزيادة مع من هي معه بمنزلة الهبة والخسران على من هو عليه بمنزلة الإبراء أو ظاهر إطلاقهم أنه لا يتفاوت الحال بين أن يكون الزيادة معلومة أو مجهولة والخسران معلوماً أو مجهولاً وأنه لا حاجة إلى صورة العوض كأن يجعل رأس المال عوضاً عن الربح والخسران وظاهرهم عدم صحة الصلح بهذا النحو في أبتداء الشركة ولا في أثنائها لدخوله فيما حل حراماً لمنافاته لوضع الشركة من مساواتها في الربح والخسران وظاهر جملة من المحققين أيضاً عدم صحة اشتراط هذا النحو بعقد الشركة في الابتداء أو في الأثناء فيقع الشرط فاسداً لمنافاته لوضع الشركة وكلما نافى مقتضى العقد من الشرائط فهو باطل خلافاً لجمع من أصحابنا فجوزه في ابتداء الشركة ومنهم من جوزه ولو في الأثناء لعموم أدلة الشروط ولخصوص الرواية المتقدمة وفيه أن عموم دليل الشروط مخصوص بما نافى مقتضى العقد لأن المنافي لمقتضى العقد ومخالف للكتاب والسنة وكل مخالف للكتاب والسنة باطل بالإجماع وأما خصوص الرواية فهي وأن كان فيها لفظ الشرط ولكن المراد منه الصلح والرضا بذلك بقرينة وقوعه بعد أن ربحا فيه ربحاً وتثنية ضمير شرطاً وأنه لو كان المراد نفس الشرط في الابتداء لما كان لاختصاص نفي إلباس بل ثبوت البأس في غيره من جهة المفهوم معنى إذ لا قائل به كذلك.