پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج8-ص200

بحث:يتخير المسافر بين القصر والإتمام في الحرمين وهما مكة المشرفة والمدينة مما تسمى كذلك حال الصدور فلا يلحق بهما ما زاد على ذلك بعد ولا تدخل توابعها من بساتين ورساتيق ولا مسافة يسمع منها الأذان وترى فيها الجدران ويدل على ذلك الأخبار الدالة على الإتمام في الحرمين والإتمام في حرم الله وحرم رسوله (() والمراد بالحرم هو نفس البلدين وفاقاً للمشهور واقتصاراً على المتيقن من لفظ الحرم وجمعاً بين ما دل على وجوب الإتمام في الحرم وبين ما دل على وجوب الإتمام في مكة والمدينة بحمل لفظ الحرمين عليهما بقرينة الشهرة وللأخبار الدالة على أن مكة حرم الله والمدينة حرم رسول الله (() وظاهرها إتحاد الحرم فيهما في هذا المقام وصحيحة ابن مهزيار وفيها أي شيء تعني بالحرمين قال:(مكة والمدينة) فلا يراد بالحرم ما يراد في كتاب الحج كما نسب لبعض الأصحاب وإن كان لفظ الحرم يقضي به وذكر مكة والمدينة في الأخبار الأخر لا يقضي بتخصيصه لأن العام والخاص المبتنين لا يحمل أحدهما على الآخر لندرة القول به ولظهور الأخبار بخلافه ويقوى القول بوجوب الاقتصار في الإتمام على خصوص المسجدين كما ذهب إليه جمع من أصحابنا اقتصاراً على مورد اليقين وحملاً لأخبار الحرم ومكة والمدينة على خصوص المسجدين وفيه إن ما بين روايات الحرم وروايات مكة والمدينة وبين روايات المسجدين كالعموم والخصوص كالإطلاق والتقييد والعام والخاص المثبتان لا يحمل أحدهما على ألاخر على أن روايات المسجدين ضعيفة فلا تقاوم تلك فحملها على أن تخصيصها لأغلبية وقوع الصلاة فيها سيما للحاج والمترددين وعلى تقدير اختصاص الحكم بالمسجدين فيراد بهما ما كان كذلك في زمن النبي (() دون ما زاد بعده وكما ورد من وقوع الزيادة في مسجده (() في زمن عمر دون ما نقص ويقوى القول بأن المراد بهما ما كان زمن صدور الروايات والأحوط الأول ويتخير أيضاً في مسجد الكوفة للروايات المعلقة للحكم بنفس المسجد فيحمل عليه ما دل على إتمام الصلاة بحرم أمير المؤمنين (() لندرة القائل جداً بجواز الإتمام في المشهد الغروي وفي حضرته (() فلا يمكن إبقاء لفظ الحرم على ظاهره بل إما أن يراد به الكوفة عموماً لورود بعض الأخبار بها وورود بعض الأخبار بأن الكوفة حرم أمير المؤمنين (() ولكنها لضعف سندها وقلة العامل بها واحتمال إرادة المسجد منها احتمالاً معتداً به لكثرة إطلاق في لفظها على مسجدها كما هو اليوم ضعف الحمل عليها وضعف القول بإرادتها أو يراد مسجدها كما هو الأقوى لورود الأخبار به ولفتوى المشهور ولظهور لفظ الحرم ولفظ الكوفة ويراد بالمسجد ما هو مسجد في زمن صدور الروايات اقتصاراً على مورد اليقين وما ورد في كثير من الأخبار إن مسجد الكوفة قد نقص اثنا عشر ألف ذراع وإنه كان واسعاً قبل ذلك فغيره أصحاب كسرى والنعمان بن المنذر ثم غيره زياد بن أبي سفيان لا يقضي بوجوب الإتمام فيه لانصراف اللفظ إلى ما هو موجود في زمن الصدور مع احتمال إرادة إجراء شرف المسجد على ما نقص لا إجراء جميع أحكام المسجد عليه وللخبر أيضاً في الحائر الحسيني لورود بعض الأخبار به ولأنه المتيقن من لفظ الحرم كما في أخبار كثيرة والمتيقن أيضاً مما ورد بالإتمام عند القبر لظهور العندية في الحائر والمراد بالحائر الموضع المطمئن بالأرض الذي صار يحار فيه الماء ونقل ان المتوكل لما أمر بإطلاق الماء على قبر الحسين (() لتخفيه حار ولم يبلغه والظاهر أنه مجموع الصحن الشريف فما يظهر من بعض أخبار الزيارات الدالة على سعة ما بين دخول الحائر والوصول للقبر والمراد بالصحن هو الصحن القديم ونقل انه لم يتغير من جهة القبلة واليمين والشمال نعم وقع فيه تغير من دبر القبلة والظاهر خروج الحجرات من الجهات الثلاث عنه والأحوط الاقتصار في الإتمام على الروضة الشريفة ما تحت القبة الشريفة وأحوط منه الاقتصار على عشرين ذراعاً من جميع الجوانب متوسطها القبر الشريف لورود بعض الروايات بزيادة شرفها وأما الأخبار الواردة في تحديد الحرم بأنه فرسخ من كل جانب من القبر الشريف خمسة فراسخ من أربع جوانبه فهي ضعيفة لا ينبغي حمل لفظ الحرم المأمور بالإتمام به عليها نعم حملها على إرادة المشاركة في الشرف وعظم الشأن دون جميع الأحكام لا بأس به والظاهر إن احترام التربة الحسينية صلى الله على شرفها يتبع مكان الحائر قطعاً وجميع البلد احتياطاً شديداً وجميع الخرم الوارد في الروايات احتياطاً أقل من الأول ولا يجوز الإتمام في غير هذه المواضع الأربعة من مشاهد ومساجد وغيرها خلافاً لشاذ من أصحابنا وجوازه في هذه الأربعة مخيراً بينه وبين القصر ويدل عليه بعد الإجماع المنقول المنجبر بالشهرة المحصلة الأخبار الدالة على التخير صريحاً المنجبر بفتوى الأصحاب وعملهم وفيها الصحيح وغير فمنها ما اشتملت على خصوص المسجد الحرام ومنها ما اشتملت على خصوص مكة المشرفة (من شاء أتم ومن شاء قصر) ومنها ما اشتملت على خصوص المسجدين ومنها ما اشتملت على ذكر الأربع ولا قائل بالفصل بينها ممن يعتد به أيضاً والأخبار الدالة على التخيير ضمناً المتحصل من الجمع بين ما دل على إيجاب التمام من الأخبار الصحاح الصراح المشتملة على الأمر به ولو فريضة واحدة والمشتملة على أنه منه المخزون وأنه من الأمر المذخور والمشتملة على الأمر به ولو مارا أو غير ذلك من أن بعض أصحابنا أفتوا به عيناً وترجيحاً لأخباره وبين ما دل على الأمر بالتقصير ما لم ينو مقام عشرة من الأخبار الصريحة الصحيحة من أن الصدوق أفتى به ترجيحاً لاختباره ولا شك أن الجمع بالتخير خير من الجمع بغيره مع اعتضاده بما تقدم وحينئذ فحمل أخبار التمام على التقية أو على العزم على المقام عشرة أيام بعيد لعدم الموجب له عيناً من العامة ولظهور الروايات بالأمر بالإتمام لغير ناوي الإقامة واحتمال كفاية تجويز العامة للإتمام في التقية بالأمر به في الأخبار الموجبة له أوالأخبار المنجبرة به لا بأس به لكنه لا يعارض ما قدمنا مضافاً لما دل في الصحيح الدال على أن الأمر بالتمام لم يكن لأجل الناس بل الإتمام مما يستتر به عن الناس لقوله (() فيه:(كنت أنا وأبي إذا وردنا مكة أتممنا الصلاة واستترنا عن الناس) وحمله على إرادة الإتمام بعد نية الإقامة ويراد بالاستتار استتار أنفسهم عن معرفة الناس بهم واستتارهم يفيد التمام أنه هو الساتر عليه لموافقته لمذهب العامة وشعارهم فيستترون به لا يستترون من جهته بعيد كل البعد من سياق الرواية ومع ذلك كله فالأحوط التقصير لقوة احتمال ورود أخبار التمام عيناً وتخييراً مورد التقية لأن الإتمام من شعائرهم في السفر لمن دخل البلاد وإن كان مذهبهم التخيير والقصر من إشعار الشيعة وهذه المواطن الأربعة مجمع للخاصة والعامة فينبغي الأمر بما هو من شعائرهم بما هو أبعد من مذهب الشيعة في مواطن الإجماع ولأن القصر كان في عصر الأئمة (() مشهوراً معمولاً عليه بين أصحابهم والإتمام محل خلاف معروف بينهم ولأنه يبرء للذمة بالاتفاق إلا النادر من أصحابنا بخلاف التمام ولأن في بعض الأخبار الواردة في الأمر بالإتمام ما ينبني عن إنه إنما صدر تقية ملاحظة للناس ففي الصحيح عن التقصير في الحرمين وفيه إن أصحابنا رووا عنك إنك أمرتهم بالتمام فقال:(إن أصحابنا كانوا يدخلون المسجد فيصلون ويأخذون نفالهم ويخرجون والناس يستقبلونهم يدخلون المسجد للصلاة فأمرتهم بذلك) ونحوه غيره أيضاً فالاحتياط حينئذ في جانب التقصير وأحوط منه الجمع بينه وبين التمام ولو أضاق الوقت تعين التقصير واحتمال جواز الإتمام واختصار العصرية به ضعيف ومن خرج منه شيء من جدوره وهذه المواطن الأربعة وكان من يعتد به أتم لأن الراكب من الداخل والخارج خارج ولا يبعد جواز النافلة فيها سيما لتأدي الإتمام وأما الصيام فلا يجوز قطعاً وروايات الملازمة لا تنصرف لهذا المقام كما هو المشهور بل المجمع عليه ولا يجب نية القصر والإتمام من أول الصلاة نعم لو نوى أحدهما كان الأحوط له عدم العدول لشبهة تشخيص النية للمنوي والعدول خلاف الأصل ولو فاتت فيها فريضة تخير في قضائها بين القصر والإتمام ما دام فيها ولما خرج عنها فلا يبعد تعيين القصر عليه والأحوط عدم العدول إلى القصر بعد ما قام إلى الثالثة ولم يركع للزوم زيادة بعض الأفعال ولو نوى المقام والشك بين الاثنين والأربع بين العدول إلى القصر ولا شيء عليه وبين البقاء على التمام والاحتياط لا يخفى ولو أطلق في النية الأولى وشك فلا يبعد الصحة ويتخير بين البناء على القصر و لا شيء عليه وبين البناء على التمام ويحتمل البطلان مع البناء على القصر ولو نوى القصر واستدام عليه لم يجز له الإتمام من غير عدول لأنه زيادة في المكتوبة وكذا العكس لأنه نقصان فيها.

بحث:ظاهر الأخبار وفتاوى الأخيار أن نية الإقامة تؤثر في الإتمام ما دامت مستمرة لتعليق الحكم فيها على الوصف فيستمر باستمراره وينقطع بانقطاعه فيعود حكم السفر حينئذ لو عدل سواء قصد المسافة أم لا نعم تلزم بأمرين:

أحدهما:إتمام العشرة فإنها إذا تمت جرى على المقيم فيها حكم المتوطن وإن أراد الذهاب وعزم على المسير مسافة أو أقل ما دام في مكانه.