پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج8-ص193

بحث:يجب الإتمام في الوطن العرفي لأنه حضور فيقابل السفر ويراد به المكان الذي اتخذه لإقامة نفسه وأهله فيه دائماً وهو أما أن يكون ناشئاً فيه من الآباء والأجداد متلقية عمن سلف عنه بحيث سكنت نفسه إليه وعزمت عليه أو يكون متخذاً له في أثناء عمره عازماً على الإقامة فيه مدى دهره معرض عن غيره من المواطن قاصراً سكناه عليه من بين الأماكن ونية التابع نية المتبوع في الوطنية إذا عرف من نيته التوطن وعزم على المتابعة وتقوم نية الولي مقام نية المولى عليه في الوطنية على الأظهر للسيرة المعهودة والطريقة المألوفة ولا يحتاج الإتمام والصيام في هذين إلى نية الإقامة أو إقامة ستة أشهر عددية أو هلالية متفرقة أو مجتمعة منوية اما لا في ملكه أم لا وإن كان الأحوط في الثاني إقامة ستة أشهر لإتمام لعموم ما دل على الإتمام للخاص والواصل إلى بلده والوارد إلى أهله وغير ذلك من الأخبار ولا يشترط فيهما وجود ملك ثابت من منزل أو خان أو دار أو عقار سواء كان ملك عين أو منفعة لما ذكرناه ويجوز أن يكون للإنسان وطنان عرفيان إذا عزم على التوطن فيهما بحيث يقسم سنة بينهما شطرين متقاربين لا يزيد أحدهما على الآخر كثيراً أو نصفين حقيقيين سواء واصل كل واحد نصف أو فرق بينهما بحيث تولد من المجموع لكل واحد نصف سنة فكل واحد منهما يسمى وطناً له وتجري عليه أحكام الوطن حينئذ والأحوط اقتسام السنة بينهما نصفين كرحلة الشتاء والصيف وأن يكون متحدين فلا يجوز اتخاذ أكثر من وطنين لعدم تسمية ذلك عرفاً وطناً ولا يعتبر الملك في الوطنين لدوران التمام مدار الفعلية ومن لم يتخذ في الدنيا وطناً كالسائح قوي إجراء حكم التقصير عليه ويحتمل وجوب الإتمام لأن الدنيا وطنه ولأن السفر عمله أو لأن أهابه بينة والأحوط عليه الجمع ووطن الأعراب بيوتهم حلوا أو ارتحلوا نزلوا في أماكنهم المعهودة أو غيرها على الأظهر ومن لا بيت له منهم فوطنه أهله ومن لا أهل له فوطنه نفسه إذا كان من أهل الحلول والارتحال ولو فارق أهله أو قصد حاجة غير الحلول والارتحال قصر والأحوط لمن عرض عن وطنه واتخذ وطناً جديداً الجمع بين القصر والإتمام إلى أن تمضي عليه ستة أشهر والأحوط أن تكون متواصلة أو ينوي نية الإقامة فيتم إلى مقدار مضيها ولا يجب الإتمام في غير الوطن العرفي من ملك ثابت منزل أو غير منزل مملوك العين أو المنفعة مستوطن فيه ستة أشهر متواصلة أو متفرقة منوية أو غير منوية هلالية أو عددية مصلياً فيه تماماً أو قصراً ولم يكن مستوطناً فيه على الأظهر في ذلك كله لعدم دليل واضح عليه سوى ما جاء في وجوب الإتمام في الضيعة والدار والقرية والنخلة الواحدة على وجه الإطلاق ولا قائل به من الفقهاء المعتمدين لأن أصحابنا بين من أوجب التمام في محل الملك مطلقاً بشرط الاستيطان ستة أشهر وبين من أوجبه في المنزل بذلك الشرط ايضاً فإيجابه مطلقاً لا يجوز القول به وأخباره مطرحة أو محمولة على التقية أو مؤولة لشذوذها ومعارضتها بأخبار أخر موجبة للقصر في الضياع وفي المنزل الذي لم يستوطن ففي الصحيح (كل منزل لا تستوطنه فليس لك بمنزل وليس لك أن تتم فيه)وسوى ما جاء في وجوب الإتمام في المنزل الذي سكنه أو توطنه ففي الصحيح عن الدار والضيعة يمر بها قال:(إن كان مما يسكنه أتم الصلاة فيه وإن كان مما لا يسكنه فليقصر وفي صحيح آخر (كل منزل من منازلك لا تستوطنه فعليك التقصير فيه) وفي أخرى عن الرجل يسافر فيمر بالمنزل يتم الصلاة أو يقصر قال:(يقصر إنما هو المنزل الذي توطنه) وفي الصحيح الآخر عمن يقصر في ضيعته قال:(إلا أن يكون له فيها منزل يستوطنه) فقلت:ما الاستيطان فقال:(أن يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر فإن كان كذلك يتم متى يدخلها) وهو ظاهر في إرادة الوطن العرفي الثاني لذي الوطنين كما تدل عليه الجملة المضارعية الظاهرة في الاستمرار والتكرار ويقضي به لفظ الوطن والتوطن والاستيطان فإن الظاهر منه اتخاذ المكان دار إقامة دائماً في كل سنة وإن لم يقم ستة أشهر في كل سنة لا مرة واحدة لأن الجالس في مكان ستة أشهر فقط مرة واحدة لا يقال له متوطن فيه بل يقال له مقيم وفرق بين الإقامة بالمكان وبين توطنه ويراد بمسكنه في الصحيح الدوام أيضاً بقرينة قوله (():(وإن كان مما لم يسكنه) وكذا المراد بتوطنه إن جعلناه فعلاً ماضياً وإن جعلناه مضارعاً فحكمه حكم باقي الأفعال المضارعة الأخر وقد ذهب إلى هذا جماعة من الأصحاب حيث اشترطوا في الاستيطان الدوام والاستمرار في كل سنة اقتصاراً على المتيقن في تخصيص أدلة السفر بما دل على وجوب الإتمام في الوطن وقد يراد بالاخبار بالاستيطان الفعلي بقدر ستة أشهر فيتم حينئذٍ قدر الستة أشهر فيكون وطناً شرعياً خاصاً بالمقدار الخاص ولم أرَ قائلاً به ومشهور الأصحاب حكموا بأن من له ملك ثابت مطلقاً أو منزل قد توطن فيهما ستة أشهر فإنه يجب عليه الإتمام تمسكاً بهذه الروايات المتقدمة وظاهرهم أن هذا وطن شرعي حكمه حكم الوطن العرفي وملحق به ويكفي عندهم التوطن في العمرة مرة واحدة ولا بد عندهم من نية الاستيطان وفعليته فلا يكفي النية مجردة ولا وقوع البقاء ستة أشهر اتفاقاً على الأظهر ويجوز عندهم تعدد الأوطان إلى المئة ويشترط ملك المنزل وغيره عيناً كما يظهر منهم واكتفى بعضهم بملك المنفعة وبعضهم بالإعادة في المنزل وهو قوي لظاهر الأخبار ويظهر منهم اشتراط كون الاستيطان بعد تحقق الملك فلا يكفي بعده ومصاحبته للملك فلا يكفي وحده وكون الملك باقياً إلى حين المرور فلو زال حكم التمام وكون المصلي تماماً في هذه السنة لنية الإقامة لا لجهة أخرى من معصية أو تردد ويظهر منهم أيضاً عدم اشتراط كونها هلالية وعدم اختصاص إقامة الستة بنفس المنزل أو الملك بل يجوز ولو في غيره من ذلك البلد وفي جميع هذه الفروع وفي أصلها نظر لعدم تأدية الأخبار لما ذكروه في الأصل والفروع لظهورها في فعلية الاستيطان والتلبس به لا وقوعه قبل ذلك ولو مرة أو في استمراره والدوام عليه واتخاذه كذلك في كل سنة لا وقوعه فيما مضى وعدم دلالتها على ما ذكروه من الفروع من اشتراط إتمام الصلاة للإقامة وكفاية تفريق الستة وكفاية الاستيطان بغير المنزل واشتراطها ملك العين واشتراط الملك مقارناً للاستيطان وغير ذلك ومع ذلك فالأحوط من جهته فتوى المشهور والإجماع المنقول الإتمام في كل مكان للمسافر فيه ملك ثابت ذو إقامة فيه أو في البلد الذي هو ستة أشهر متواصلة أو متفرقة سواء كانت وطنية بنية الدوام فأعرض عنها بعد الستة أشهر أو بنية الإقامة والتوطن قدر السنة لا غير.

بحث:التوطن قاطع لحكم السفر وقاطع للمسافرين فمن تعدى المسافة ومر بوطنه أتم ومن عزم على مسافة وله في أثنائها وطن لم تحتسب له مسافة وأتم أيضاً ولا ما مضى إلى المسافة إلى ما بقي بعد المرور بالوطن بل يكفي حكم الماضي من الطريق ومثل الوطن دار الإقامة والتردد ثلاثين يوماً فإنهما مما يقطعان حكم السفر والمسافة ابتداء واستدامة ولا يحتسب ما مضى من المسافة قبلهما مع الباقي بل ينظر إلى ما بعد دار الإقامة والتردد فإن بلغ المسافة ذهاباً وجب التقصير وإلا أتم ولا يضم الذهاب إلى الإياب سواء بلغ الإياب مسافة أم لا.