پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج8-ص190

بحث:صلاة المسافر مقصورة في الرباعية للإجماع والأخبار وفي الكتاب ما يدل على ذلك والسفر المعلق عليه الحكم في الكتاب والسنة باق على المعنى العرفي وهو في طي مسافة يعتد بها على وجه الامتداد خارجة عن الوطن فتقديره بالمسافة شرعاً بيان لشرطية القصر فيه وقد يقال أن التحديد فيه بالمسافة كاشف عن أنه هو السفر العرفي وإن ما دون المسافة ليس سفراً عرفاً ولغة أو يقال أن السفر من المنقولات الشرعية للمسافة الخاصة فهي داخلة في معناه شرعاً ولكن الأظهر الأول وعلى أي تقدير فالموجب للقصر وجوباً لا عيناً بالإجماع والأخبار المتكاثرة مسافة ثمانية فراسخ امتدادية ذهاباً وإياباً أو صير يوم متوسط الأيام للإبل القطار متوسطة السير متوسطة الحيوانات بحسب الشدة والضعف من الفجر إلى المغرب كما هو المعروف من إطلاق اليوم والحمرة المشرقية داخلة فيه واليوم الطويل يستثنى منه الاستراحة الجزئية الواقعة في أثنائه والقصر يدخل فيه السرعة الصادرة من السائرين المتعارفة فيها لإدراك اليوم وعدم الاستراحة فيه وأيهما سبق كان التقدير به وإن كان الأحوط عند سبق التقدير باليوم مع العلم بعدم بلوغ الثمانية الجمع بين القصر والإتمام ويقوى القول باتحاد العلامتين وعدم افتراقها فوجود إحداهما كاشف عن وجود الأخرى وعدمها كاشف عن عدمها فلو فرضنا إن شغل يومه على النحو المراد فنقص على الثانية أو زاد تبين أن ذلك الشغل ليس هو المنصوص وأنه قد أخطأ في ذلك الخصوص ويختص الحكم حين شغل اليوم دون التقدير الآخر لقرب التقدير الآخر للتحقيق و المعرفة و قرب الأول للخطأ و الزلل و يحتمل تقدير اليوم لما في المسافة من الاختلاف في القدر لاختلافهم في الميل والذراع وشبههما لكن الأول أقوى نعم يكتفي حالة الجهل بأنهما حصل وكذلك في الوجوب العيني مسافة الثمانية فما فوق الملفقة من أربعتين فما فوقهما ذهابية والأخرى إيابية لم تنقص أحدهما عن الأربعة بأن تكون أحدهما ثلاثة والأخرى خمسة أو أحدهما اثنين والأخرى ستة وأراد المسافر الرجوع ليومه الذي سار فيه أو ليلته التي سار فيها أو ليومه وليلته إذا شغل أحدهما وأول الآخر وإن شغل أول أحدهما وآخر الآخر فلا يبعد أيضاً الإلحاق للأخبار الدالة على أن المسافة أربعة بقول مطلق المشتملة على صحاح صراح معمول عليها في الجملة لا يمكن ردها فتحمل على الأربعة المنظمة إليها الأربعة الإيابية وهي وإن كانت بإطلاقها شاملة للمفردة والمنظمة جمعاً بينها وبين أخبار الثمانية بحملها على الأعم من الامتدادية والملفقة وإن كانت ظاهرة في الامتدادية وخصوص الوجوب العيني يقضي به وفتوى المشهور والفقه الرضوي المعتبر بالشهرة وإجماع الإمامية لي حيث نسب الوجوب العيني للإمامية وبعض الصحاح المعللة لوجوب التقصير في الأربعة ذهاباً وإياباً بأنه قد شغل يومه وعمومات أدلة التقصير في السفر تقضي به أيضاً فما ذهب إليه الشهيد (() من الوجوب التخيري بين القصر والإتمام في هذه الصورة تبعاً للشيخ في بعض فتاويه جمعاً بين الروايات الدالة على وجوب التقصير في الثمانية والدالة على وجوبه في الأربعة بحمل الثانية على الرخصة فيه والوجوب التخييري دون العيني بعيد يظهر بعده مما ذكرنا والموجب للقصر وجوباً تخييرياً الثمانية الملفقة من أربعتين ذهابيتين وإيابية لمن لم يرد الرجوع ليومه سواء لم يرده ابتداء أو لم يرده في الأثناء تمسكاً بالأخبار المتكثرة الدالة على وجوب التقصير في الأربع الظاهرة في الأربعة الملفقة من الذهاب والإياب أو المحمولة عليها والمقيدة بها جمعاً بين المطلق والمقيد المحمولة على الوجوب التخيري جمعاً كما هو المنسوب للمشهور بين المتقدمين وغيره من القول بوجوب القصر العيني أو القول بتحريمه وإيجاب التمام منسوب للنادر من أصحابنا أو مخالف للروايات المتكاثرة الدالة على القصر في الأربعة كالعماني في الأول والمرتضى وجماعة من أصحابنا في الثاني ونسب للمشهور بين المتأخرين ويظهر من الصدوق نقل الإجماع على التخيير في هذه الصورة وكذا نقل ابن (يس) الإجماع على جواز التمام هاهنا ويؤيد ذلك ما في الفقه الرضوي من التخير في هذه الصورة أيضاً وموثقة حماد الآمرة بالتمام للذاهب إلى عرفات وبعض الأخبار المشتملة على الإشعار بذلك وكذا بعض الأخبار الآمرة والإتمام لمن قصد القادسية ولولا ندرة القول بوجوب القصر عيناً والإجماع المحكي على خلافه لكان القول به متعيناً من جهة الأخبار لأنه أقرب لوجه الجمع من الوجوب التخيري لتنزيل أخبار الثمانية على الأعم من الذهابية والملفقة وتنزيل أخبار الأربعة المطلقة على المنظمة إلى الإياب وإبقاء أخبار الأربعة المنضمة على حالها من غير تصرف فيها سيما ما دل منها على التوبيخ والذم لمن لا يقصر إذا سار إلى عرفات الدالة على حرمة التمام المنظمة للويل والريح لمن فعله وعلى القول بالتخيير لا بد من الخروج عن ظاهرها بارتكاب أن الذم إنما هو على فعلهم بزعم تعيين الإتمام وأنه مشروع لا غير وبالجملة فالأخبار الواردة في الثمانية أو بياض يوم كصحيحة ابن يقطين وفيها قال:(يجب عليه التقصير إذا كان مسيره يوم) وصحيحة أبي بصير وفيها قال:(في بياض يوم أو بريدين) وصحيحة محمد بن مسلم وفيها سافر رسول الله (() إلى ذي جشب وهي مسيرة يوم إلى المدينة يكون إليها بريدان أربعة وعشرون ميلاً فقصر وأفطر وحسنة الكاهلي وفيها في التقصير في الصلاة قال:(بريد في بريد أربعة وعشرون ميلاً) وفي الموثق عن المسافر في كم يقصر الصلاة قال:(مسيرة يوم من ذلك بريدان وهما ثمانية فراسخ) وفي الحسن أو الموثق قال في التقصير:(حده أربعة وعشرون ميلاً) وفي رواية الفضل ابن شاذان (إنما أوجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر) لأن الثمانية فراسخ يوم للعامة والقوافل والأثقال فوجب التقصير في مسيرة يوم وإن كان ظاهرها الامتداد الذهابي لو خليت ونفسها من غير معارض وصارت لظاهرها لكنها مصروفة عن ذلك الظاهر بأخبار الأربعة الملفقة الصريحة الصحيحة كصحيحة بن وهب عن أدنى ما يقصر فيه المسافر قال:(بريداً ذاهباً وبريداً جائياً) وكان رسول الله (() إذا أتى ذناب قصر وذناب على بريد وإنما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ وهو ظاهر في صرف الثمانية المتقدمة لإرادة الأعم من الثمانية والممتدة أو الملفقة وموثقة بن مسلم عن التقصير فقال:(في بريد) قلت: بريد قال:(لأنه إذا ذهب بريداً ورجع بريداً فقد شغل يومه) ورواية سليمان بن حفص (التقصير في الصلاة بريدان أو بريد ذاهباً وجائياً) وفي آخر عن الرضا (():(لأن ما تقصر فيه الصلاة بريدان ذاهباً أو بريداً ذاهباً وبريداً جائياً) وفي آخر (التقصير في أربعة فراسخ بريداً ذاهباً وبريداً جائياً أثنى عشر ميلاً) وبأخبار عرفات الناهية عن التمام كصحيح معاوية بن وهب في أهل مكة إذا أتموا الصلاة بعرفات (ويحهم أو ويلهم وأي سفر أشد منه لا تتم فيه الصلاة) والصبح الآخر (أهل مكة إذا زاروا البيت ودخلوا منازلهم أتموا وإن لم يدخلوا منازلهم قصروا) والحسن الآخر (أهل مكة إذا خرجوا حجاجاً قصروا وإذا زاروا أو رجعوا إلى منازلهم أتموا) وموثقة معاوية بن عمار وفيها (ألا ترى إلى أهل مكة إذا خرجوا إلى عرفة كان عليهم التقصير) وفي آخر كم التقصير فقال:(في بريد ويحهم كأنهم لم يحجوا مع رسول الله (() فقصروا) والصحيح الآخر فيمن قدم قبل التروية بعشرة أيام (وإذا خرج إلى عرفات وجب عليه التقصير) وكذا بأخبار الأربعة المطلقة المحمولة على الملفقة كصحيحة زرارة (التقصير في بريد والبريد أربعة فراسخ) وصحيحة الشحام (ويقصر الرجل في مسيرة اثنى عشر ميلاً) وصحيحة إسماعيل بن الفضيل قال:(في أربعة فراسخ) وموثقة أبي بكر إذا خرج للقادسية قال:(قصروا) ورواية أبي الجارود في كم التقصير قال:(في بريد) وصحيحة أبي أيوب عن أدنى ما يقصر فيه المسافر قال:(بريد) بل الظاهرة في الملفقة خلافاً لمن عمل بإطلاقها وأوجب القصر في الأربعة مطلقاً أما عيناً أو تخييراً وإن كانت ذهابية فقط كالعادي من نزله إلى منزله أو من دار إقامته إلى وطنه وهو ضعيف شاذ فتوى وعملاً رواية مخالف لجميع الأدلة والاقوال ولخصوص رواية النفضيل المتقدمة وصحيحة ابن وهب ورواية ابن الحجاج وليس في الأخبار وما يدل عليه سوى الصحيح فيمن له ضيعة على خمسة عشر ميلاً قال:(قصر في الطريق وأتم في الضيعة) بناء على أن حكم الضيعة حكم المنزل وهو لا يعارض ما تقدم فليطرح أو يحمل على الأمر بالإتمام في الضيعة على التقية وقد يفرق بين السفر من وطن أو دار أو إقامة إلى وطن آخر وبين السفر منهما إلى مكان عازماً على قطع حكم السفر فيه من نية إقامة أو معصية أو غيرهما لشمول أخبار التلفيق لمثل هذه الصورة من غير معارض لصدق الذهاب والإياب عليه من غير تكليف بخلاف ذي الوطنين وشبهه فإنه مما يبعد شموله لأخبار التلفيق لها ولكن الأول أوجه فتلخص حينئذ من جميع الأخبار بعضها مع بعض قوة القول بالوجوب العيني في الأربعة الملفقة لكن الإجماعات المنقولة على عدم جواز التمام وشهرة الفتوى به بين الإعلام وموثقة حماد الواردة في الأمر بالإتمام للذاهب إلى عرفات وغيرها الواردة في إتمام الذاهب إلى القادسية وصريح الرضوي وإشعار بعض الأخبار قارنا للحمل على التخيير في الأربعة المضمومة لمن يريد الرجوع ليومه فتبقى أخبار الثمانية على ظاهرها ويراد من وجوب التقصير فيها الوجوب العيني وأخبار الأربعة المطلقة والمضمومة المطلقة في الرجوع ليومه وعدمه ويراد منها الوجوب التخييري بين القصر والتمام والاحتياط يقضي بالقصر في هذا المقام لقوة دليله وشهرة القول بجوازه بخلاف التمام فإن القول بتعينه ضعيف فتوى ورواية وأحوط من ذلك الجمع بين القصر والتمام ولا يتفاوت الحال هنا بين الصيام والصلاة وتخييراً على القول به في الصلاة وتعيناً على القول بوجوب الإتمام وتحريماً على القول بالمنع وفاقاً للمشهور ولظاهر الأخبار الدالة على التلازم وغيرها في أماكن متعددة.

بحث:الفرسخ ثلاثة أميال والميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد والذراع أربعة وعشرون إصبع والإصبع سبعة شعيرات عرضاً والشعيرة سبع شعرات من شعر البرذون كما هو المشهور عند الفقهاء والمشهور في العرف وإفادة الشهرة الظن بالموضوع لا تقصر عن إفادة خبر الواحد في الحجية فلا محيص من البناء عليه على أن في اللغة ما يدل عليه كما في القاموس وعن الأزهري وإليه يرجع ما ذكروه عن أهل اللغة من أن الميل مد البصر المتوسط في المكان المتوسط للمبصر المتوسط إذا فرق بين الفارس والراجل لاتحادهما في العرف العام بحيث أن وجود أحدهما يبني عن وجود الآخر ولو افترقا فالعرف مقدم على اللغة ويراد بالذراع والإصبع والشعير والشعرة المتوسطان خلقه والمعتادة بين الناس ويراد بالذراع ذراع المحدثين دون القدماء فإنه اثنان وثلاثون إصبع فيكون الفرسخ تسعة آلاف ذراع بذراعهم والخلاف بينهم لا ثمرة فيه لاتفاقهم على أنه ستة وتسعون ألف إصبع وفي بعض الأخبار أن الميل ألف وخمسمائة ذراع وفي بعضها ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع وهي متروكة أو محمولة على اختلاف الأذرع وفي بعضها ما يزيد كثيراً وهو متروك أيضاً.