انوار الفقاهة-ج8-ص169
بحث:استحباب الجماعة ضروري في الجملة وقد نطق به الكتاب والسنة وقد ورد في الأخبار الحث عليها ونسبة تاركها إلى الفسق وجواز عقابه على تركها مبالغة في طلبها وبياناً لحال التارك لها رغبةً عنها وتهاوناً بها واستخفافاً لقدرها وورد في فصلها ما لا يحصيه التعداد ولا يقوم به القلم والمداد واستحبابها الآن شامل لكل الفرائض أصلية كانت أو عارضية قضائية أو أدائية يومية أو غير يومية وإن تأكد الاستحباب في اليومية كما دل على العموم بعض الأخبار وإن كان الأحوط ترك الجماعة في المنذورة الراتبة وغيرها وتركها في الركعات الاحتياطية وكذا الأجزاء المنسية بل وفي ركعتي الطواف أيضاً لعدم ورود ما يدل على فعلها عن الأئمة (() وأصحابهم جماعة بل السيرة على فعل ذلك كلها فرادى وفي غير زماننا تجب الجماعة في الجمعة والعيدين عند اجتماع شرائطها المعلومة وتحرم الجماعة في النوافل الأصلية رواتباً أو غيرها للأخبار والإجماعات المنقولة وللشهرة المحصلة ولأنها بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة صاحبها في النار ولانصراف مشروعيتها في الأخبار وكلام الأخيار للفرائض لانصراف مطلق الصلاة في هذا المورد الخاص للفرائض المعتادة لانعقاد الإجماع فيها فما ذهب إليه بعض أصحابنا من مشروعيتها في النوافل مطلقاً أو في صلاة الغدير فقط تمسكاً ببعض الأخبار وقد جاء في أدلة المنع لا يلتفت إليه لموافقة أخبارهم لمذهب العامة ومخالفتها للمشهور فلا يصح التمسك بها وكذا الاستناد في جوازها في صلاة الغدير إلى الرواية لا يعتد به لإرسال الرواية وعدم العثور عليها والأخذ بها من باب التسامح بأدلة السنن حسن لولا المعارض ومع المعارض لا تخشى المسامحة نعم يستثنى من النوافل صلاة الاستسقاء والعيدين عند عدم اجتماع الشرائط للإجماع وكذا الفريضة المعادة استحباباً للنص كالفريضة اليومية لمن صلى منفرداً والكسوفين مطلقاً وللاحتياط على الأظهر كالفريضة المحتملة لوقوع الخلل.
بحث:الجماعة كيفية للصلاة شرعية مستحدثة وماهية جديدة فلفظها من المجملات لا من المطلقات التي يراد بها مجرد الاجتماع فلا يصح التمسك بالأخبار الواردة فيها على نفي المشكوك فيه بالاصل ولا بد فيها من إمام بشرائط خاصة ومأموم بشرائط خاصة وأفعال على نحو خاص ومتابعة على جهة خاصة إلى غير ذلك فما جاء به الدليل نهياً وإثباتاً تبعناه وما خلا عنه وكان مشكوكاً فيه شكاً معتبراً أجرينا فيه دليل الاحتياط وما كان شكه ليس بمعتبر فلا يعتبر.
بحث:فساد الجماعة بالإخلال بها يقضي بفساد الصلاة مطلقاً لعدم كونها من المقامات الذاتية بل هي من الأوصاف العارضة للموصوف الذاتي فإذا بطل الوصف رجع حكم الموصوف سليماً عن المعارض وانقلب الموصوف إلى ذاته المجردة المطلوبة حالة عدم الوصف ولا يتفاوت الحال في الإخلال بين أن يكون عمداً أو جهلاً أو سهواً وبين أن يكون من جهة فقد شرط فيها أو جزءاً أو إيجاد مانع وبين أن يكون في ابتداء أو يكون في الاستدامة وبين أن يكون من جهة ما يتعلق المأموم بنفسه وهذا أصل إلا ما يخرجه الدليل مما سيجيء إن شاء الله تعالى وما يجيء فساده من جهة نقصان القراءة وزيادتها أو من جهة جهر أو إخفات في الأخيرتين فإنه يعود على المصلي بالبطلان لاستلزامه الإخلال بأصل الصلاة لا بوصفها وبالجملة فما عاد خلله على نفس الصلاة أو على نفس كونه مصلياً مبطلاً وما عدا خلله على نفس كونها جماعة وكونه جامعاً ومؤتماً لا يكون مبطلاً لنفس صلاته.