انوار الفقاهة-ج8-ص77
يستحب رفع اليدين بالتكبير ولا يجب خلافاً للمرتضى لصحيحة علي بن جعفر الدالة على عدم وجوب الرفع على غير الإمام ولا قائل بالفصل وللإجماعات المنقولة المجبورة بالشهرة المحصلة ولأنه لو كان من الواجبات لما كان القول به من المنفردات فيصرف جميع ما استند إليه المرتضى (() من الكتاب والسنة المفسرة لقوله تعالى: [ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ] والآمرة بالرفع إلى الاستحباب كما هو الغالب في مثل أخبار هذه الأبواب وإجماعه المنقول على الوجوب يوهن بفتوى الأصحاب بخلافه والأحوط الرفع في تكبيرة الإحرام بل في كل التكبيرات وإن كانت مستحبة تغضياً عن شبهة فتوى المرتضى ومستنده على القول بالوجوب فهو شرعي مقارن لا شرطي ولا بأس باجتماعه مع الحكم باستحباب التكبيرات لأنه يكون من قبيل الواجب المشروط بحصول آخر ولا بأس به وحد الرفع في الأخبار مختلف لكنه متقارب ففي بعضها رأيت أبا عبد الله (() (رفع يديه حذاء وجهه) وفي آخر مثله وفي آخر (ترفع يديك في افتتاح الصلاة قبالة وجهك) وفي صحيح معاوية بن عمار (رفع يديه حتى تكاد تبلغ أذنيه) وفي صحيحته الثانية (أسفل وجهه قليلاً) وفي صحيحة زرارة (ولا تجاوز بكفيك أذنيك أو حيال وجهك) وفي صحيحة ابن سنان (حذاء وجهك) وكل هذا لا بأس به لأن المفهوم منها استحباب الرفع ما بين الأذنين إلى الأسفل من الوجه قليلاً فيكره ما فوقه بل يكون محرماً بنية الوظيفة وكذا ما سفل عن الوجه كثيراً ويحتمل قوياً استحباب الرفع مطلقاً وإن كان مجاوزة الأذنين من مكروه العبادة وما سفل عن الوجه من
ضعيف الثواب لعدم وجوب حمل المطلق على المقيد في الأوامر الندبية لكن الأحوط الاقتصار على ما تقدم والمقطوع باستحبابه في كلامهم أن يبتدئ بالتكبير بابتداء الرفع وينتهي بانتهائه ثم يرسلها بعد ذلك ونقل عليه الإجماع وهو المفهوم
من الأمر بالرفع بالتكبير وما دل من الأخبار على خلافه مؤول إليه وقيل يبتدئ بالتكبير عند انتهاء الرفع وتشعر به بعض الأخبار ويمكن الأخذ بجميعها على أن الكل مستحب وأن المراد مقارنة رفع اليدين للتكبير عرفاً وهي أعم من المقارنة الحقيقية والتأخير في الجملة ولكن الأقوى والأحوط ما ذكرناه ويحتمل قوياً الإجتزاء بمسمى الرفع تعارفاً لجزء من أجزاء التكبير أولاً أو آخراً أو وسطاً والإجتزاء جزء التكبير مقارناً لإطلاق ما دل على الأمر بمصاحبة الرفع للتكبير.
القول في القيام:
بحث:يجب القيام كتاباً وسنةً وإجماعاً محصلاً ومنقولاً والأصل في الخبر الواجب الركنية لقاعدة الشك في العبادة ولقوله ((): (من لم يقم صلبه فلا صلاة له) وللإجماع المنقول على الركنية إلا ما خرج بالدليل من عدم إفساد زيادته ونقصه وإنه تابع لما وقع فيه فركن في الركن وواجب في الواجب ومندوب في المندوب والأظهر إن كلي القيام ركن في كل ركعة واستمراره والاستدامة عليه يختلف وضعه باختلاف وصف ما قارنه من وجوب واستحباب ولا منافاة بين ركنية أفراده واستحبابها لكن لا بمعنى استحبابها الأصلي لامتناع اجتماع حكمين في موضوع واحد بل بمعنى أنه مستحب يتأدى به الواجب ويسقط الواجب عنده كسقوط القيام الذي عنه تركع بالقيام المصاحب للقنوت ولا ثمرة يعتد بها بعد الاتفاق على نقصانه مقارناً للتكبير أو زيادته معه أو نقصانه قبل الركوع كأن وقع عن جلوس أو زيادته معه مفسدان وإن استند الفساد في صورة الزيادة للركنين معاً وأما في غير ذلك زيادته سهل لا تخل حتى القيام الذي بين الركوع والسجود.