پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج8-ص70

الثانية:الأظهر الاكتفاء في النية بالداعي للعمل الاختياري الغير ممكن صدوره من غير قصد وإرادة وانبعاث نفس فهو عبارة عن تحريك نفساني محرك للأعضاء الجسمانية وهذا لم يزل مصاحباً لكل عامل في كل عمل ابتداء واستدامة عند قصد العمل وصدوره منه بالاختيار نعم الداعي للعمل بالأبدان يكون هو الارتباط بالحضرة القدسية لا أمراض الأمور الدنيوية فينبغي تجريد النفس في العبادة لذلك وتهذيبها عن الشوائب هنالك فمتى صفت وتخلت ووقع الفعل بالاختيار لزم كونه مقصوداً قهراً وكونه لوجه الله تعالى وإن لم يكن له تصور فعلي وإخطار للمنوي وداعية إلى ربه وإن كان ما في قلبه من الإخطارات الفعلية والتصورات الفكرية الآنية أمر آخر غير الصلاة المرادة له من أمور دنيوية أو أخروية فيكفي حينئذٍ كما في النية ووجود الفعل المتصور والداعي في خزانة الخيال في القوة الفكرية وإن حصل ذهول وسهو في القوة الذاكرة بالعقل والحافظة كذلك وهذا التصور والانبعاث بعد حصوله في النفس يصح جميع ما ترتب عليه من الأفعال المشروطة به ابتداء واستدامة وحينئذٍ نقل الثمرة في اشتراط مقارنيه للمنوي وفي اشتراط الاستدامة الحكمية في العمل المركب ومع ذلك فالأحوط في النية الإحظار والتصور الفعلي والترتيب الذهني لكن لا يبعث على الوسواس وعليه تظهر ثمرة وجوب المقارنة للمنوي واستمرار حكمها ووجوب اتصالها آخرها بأول تكبيرة الإحرام واستمرارها إلى انتهاء تكبيرة الإحرام فظهر من ذلك وجه سهولة الخطب في النية وخلو الأخبار عن بيانها التام كما أشار إليه بعض الأعلام وكذا وجه صعوبتها باعتبار الدواعي من الإخلاص المأمور به والتقرب المراد في العبادة.

الثالثة:الداعي المراد في النية كون الباعث على العبادة جانب الحضرة القدسية والارتباط به أما بالقرب منه قرب الشرف والوجاهة وهذا من قبيل المجمل في النية وتفصيله حين التصور أما بجعله هو الغاية أو بجعله غاية الغاية كما سيجيء وأما الأهلية للعبادة أو للحياء منه أو لمحبته أو لطلب رضاه أو لشكر نعمته أو لطلب عفوه أو لخوف سخطه أو لمغفرته أو لأهلية العابد للعبودية أو لدفع عقابه أو لجلب ثوابه أو لتعظيمه واحترامه أو لإظهار ذل العابد وتصاغره أو لإظهار هيئة المعبود وكبريائه أو لغير ذلك بسيطاً أو مركباً متعدداً أو منفرداً والثواب ودفع العقاب دنياويين أو آخرويين إن جعلا غاية العمل في النية بحيث لينوي أن العمل مقابل هما كما يقابل الأجير العمل الأجرة فسد العمل وإن جعلا داعي الداعي وغاية الغاية كأن يكون الباعث على القرب الطمع الدنيوي والآخروي صح العمل والأولى تركه وعليه تنزل أكثر عبادات العبيد وتنزيل عباداتهم على الوجه الأول وتصحيحها للسيرة والعسر والحرج بعيداً ولا داعي له وإن جعلا سببين مستقلين بحيث يصح استناد العمل لكل منهما منفرداً صح والأحوط تركه وإن جعلا مسبباً واحداً بحيث كان كلاً منهما جزء سبب فالأقوى البطلان وكذا إن جعل الداعي هو الأمر الدنيوي أو الآخروي والقرب ضميمة وأما لو عكس فالأقوى الصحة ولكن الأحوط عدم ضميمة الأمور الدنيوية غير المنصوصة كصلاة الاستسقاء والحاجة وشبههما إلى نية القربة وعدم جعلها غاية الغاية هذا كلام فيما عدا الرياء وأما ما دخل في عنوانه فلا يجوز ضميمته ولا قصده أصالة ولا تبعاً ولو جعله غاية الغاية لأنه من الإشراك المنهي عنه كتاباً وسنةً وإجماعاً ويفسد العمل به لمكان النهي خلافاً لبعض أصحابنا حيث صحح العبادة المشتملة عليها وجعلها مجزية مسقطة للقضاء والعقاب إن لم تكن مقبولة يثاب عليها وهو بعيد عما يفهم من الأخبار ومن كلام الأخيار ومن القواعد المحكمة والأصول المحكمة.