پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج8-ص68

تاسع عشرها:تارك الأذان والإقامة متعمداً حتى دخل في الصلاة يمضي ولا يجوز له القطع نعم لو تلبس بتكبيرة الإحرام ولم يتمها فالأظهر جواز قطعها وذهب إلى جواز قطع الصلاة مع العمد طائفة من أصحابنا وهو ضعيف لتحريم إبطال العمل سيما الصلاة ولمفهوم أخبار جواز الإعادة للناسي ففي الصحيح (إذا فتتحت الصلاة فنسيت أن تؤذن وتقيم ثم ذكرت قبل أن تركع فانصرف وأذن وأقم واستفتح الصلاة وإن كنت قد ركعت فأتم على صلاتك) المؤيد دلالة بفتوى المشهور والاحتياط فيما ورد في الخبر عن رجل نسي أن يؤذن ويقيم حتى كبر ودخل في الصلاة قال: (إن دخل المسجد ومن نيته أن يؤذن ويقيم فليمضي في صلاته ولا ينصرف) المشعر بالإعادة مع العمد دون السهو ضعيف سنداً ودلالة لأنه بالمفهوم الضعيف ومنطوقه لا نقول به وتاركهما سهواً يجوز له القطع والإعادة وفاقاً للمشهور والأخبار ناطقة به ومنها الصحيح المتقدم خلافاً لمن منع في صورة السهو لظاهر الخبر المتقدم وللأخبار المانعة من الإعادة ومنها الصحيح رجل نسي الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة قال: (ليس عليه شيء) وفي آخر رجل نسي الأذان والإقامة حتى كبر قال: (يمضي على صلاته) والكل ضعيف لعدم مقاومته للأخبار المعتضدة بفتوى الأخيار فلتحمل على الرخصة في المضي جمعاً ويختص جواز القطع بما إذا لم يتلبس بالركوع اقتصاراً على المتيقن وللصحيح المتقدم وللإجماع المنقول على عدم جواز القطع بعد الركوع فما ورد في الصحيح من جواز الرجوع للإقامة ما لم يفرغ من صلاته محمول على ما قبل الركوع جمعاً واحتياطاً خلافاً لمن أجاز ذلك من أصحابنا ويلحق بناسيهما ناسي الإقامة فقط للأخبار الآمرة بذلك لنسيان الإقامة فقط وإن كان منهما ما تضمن الأمر بالإعادة مطلقاً ومنها ما تضمن الأمر بها قبل القراءة كحمل الأول على ما قبل الركوع والثاني على أولية الرجوع قبلها ولا يلحق بما تقدم ناسي الأذان فقط أو ناسي أبعاض الإقامة أو ناسي أبعاضها مع احتمال التسرية لناسي أبعاض الإقامة ويلحق بالناسي المشتبه بالموضوع ولا يلحق جاهل الحكم بالأذان الصلاتي دون الإعلامي والأحوط ترك القطع لناسيهما أو ناسي الإقامة بعد التلبس بالقراءة للصحيح الدال على أن ناسيهما يمضي إذا قرأ وللحسن الدال على أن ناسي الإقامة يمضي إذا قرأ أيضاً وإن كان حملها على مراتب الأفضلية أقرب ويستحب أن يصلي على النبي (() أو يسلم عند القطع للخبرين الدالين على ذلك والظاهر أنه إنما يؤتى بهما لينوي القطع بهما ولا قائل بوجوب أحدهما وكذلك صرف الأمر فيها إلى الندب وورد في بعض الأخبار أن

ناسي الإقامة يقول قد قامت الصلاة مرتين ثم يمضي في صلاته وفي بعضها أنه يقيم من دون أمر بقطع الصلاة فيفهم منه جواز الإقامة في أثناء الصلاة والكل متروك مخالف للمشهور وعمومات الأدلة الناهية عن الكلام ما لم يكن ذكراً أو دعاء فالأظهر حملها على صورة القطع وإرادة الإعادة من الأمر بالصلاة دون البناء عليها والمضي على ما افتتحت عليه.

القول في النية:

بحث:النية في اللغة القصد المطلق أو المقارن للمقصود سواء سبقه تردد يظهر من لفظ العزم أم لا وسواء صاحبه ميل قلبي أو انجذاب نفسي كما يظهر من لفظ الطلب والإرادة والمحبة أم لا وفي الشرع يراد بها قصد خاص على وجه خاص على سبيل الحقيقة الشرعية أو على سبيل الشرطية في المعنى اللغوي في عبادة أو معاملة وإن كان استعمالها في قصد الفعل المقارن لقصد القربة هو الدائر على ألسنة الفقهاء المعروف في كتبهم حيث جعلوها عنواناً في كتب العبادات دون المعاملات وشبهها وهي لازمة في العبادات الواجبة والمندوبة والمعاملات وكثير من الأحكام سوى ما علم أن وقوعه لكونه من الأسباب الشرعية ولو بمحض الاتفاق وقلما يوجد ذلك في العقود والإيقاعات لأنها روح العمل والعمل الرافع بدونها كل عمل والإجماع بقسميه دال على ذلك والأخبار المتواترة أيضاً دالة عليه ويدل على خصوص لزوم الفعل وقصد القربة مع ذلك في العبادات ظواهر الأوامر والتكاليف الصادرة من الشارع فإن الظاهر من حال الأمر إرادة إيقاع الفعل من المأمور بقصد فعله لا مجرد وقوعه في الخارج اتفاقا ولو من غير قصد إلا ما أخرجه الدليل من غسل الثياب ودفن الموتى وتكفينهم وشبهها وكذا حكم العقل القاضي بوجوب شكر المنعم فإنه لو وقع الفعل بلا قصد إنه لم يكن شاكراً للمنعم وكذا جميع ما ورد من الأوامر بالإمتثال والانقياد والتسليم والطاعة والإخلاص وقوله تعالى: [ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ] ويدل عليه ما رتب الشارع عليه آثار المنوي وإن لم يقع مصاحباً للنية لمكارم الأخلاق وزيارة الإخوان والتختم بالعقيق فذلك للدليل القاضي بسببيته ومساواته للمنوي وكذا ما دل على إجزاء منوي خاص عن منوي آخر كإجزاء آخر شعبان عن رمضان وغسل الجمعة عن الجنابة لو قلنا به وغير ذلك مما قضى به الدليل.