انوار الفقاهة-ج8-ص61
خامسها:الأذان في الصلاة عبادة مستقلة شرع قبل إكمالها في الفضيلة ودل على ذلك الإجماع والأخبار عن الهداة الأطهار (() وكذا الإقامة وهي أكد في المشروعية والتوظيف والحث عليها في الأخبار المتكاثرة عن العترة الطاهرة وهما مستحبان معاً في الفريضة اليومية والإقامة أكد استحباباً ومنها الجمعة دون غيرها للإجماع بقسميه ولتوقيفية العبادة ولما ورد في العيدين ليس فيهما أذان ولا إقامة ولا قائل بالفرق فيه ولكنه ينادي الصلاة ثلاث مرات والظاهر أنها وظيفة لصلاة العيد وسراها بعضهم لما عدا اليومية مطلقاً حتى في النوافل ولا بأس به مسامحة في أدلة وقيل يجبان مطلقاً وقيل يجبان في الجماعة مطلقاً وقيل على الرجال خاصة وقيل بوجوبهما في المغرب والغداة وزاد الحسن فأبطلهما تركهما وقيل بوجوبهما فيها وفي الجمعة على الرجال خاصة وقيل بوجوب الإقامة مطلقاً دون الأذان والأقوى استحبابهما للأصل وضعف إجزاء الاحتياط لضعف الشك بالشرطية لندرة القول به وإعراض الأصحاب عنه وللقطع بأن افتتاحها التكبير فتوى ورواية ولعدم عدهما من الشرائط مع اعتناء الفقهاء بتعدادها وضبطها ولفتوى المشهور الجائزة لرواية العلل (الإقامة والأذان في جميع الصلوات أفضل) وللرضوي (أنهما من السنن اللازمة وليستا بفريضة وليس على النساء أذان ولا إقامة) سنداً ودلالة وللأخبار الدالة على جواز ترك الأذان والصحاح المعتبرة الدالة على استحبابه فيلزم منه الحكم باستحباب الإقامة لعدم القول بالفصل كما نقله العلامة (() وأذعن له جماعة ولإشعار بعض الأخبار الآتية إن شاء الله في استحبابها جمعاً أيضاً ولأنهما لو وجبا أو وجب أحدهما لما خفي على أكثر الأصحاب بل على عامة الناس وجلهم مع توفر الدواعي لمعرفة وجوبهما قديماً وحديثاً وتكثر الحاجة إليهما وفي رواية حماد ما يشعر باستحبابها لعدم بيانهما فيهما ولو قولاً إن لم يكن مقامهما فعلاً فظهر ضعف القول بوجوب الإقامة دون الأذان مطلقاً والقول بوجوبهما في الجماعة مطلقاً أو على الرجال خاصة والقول بوجوبهما في الغداة والمغرب خاصة ووجوب الإقامة في البواقي لما ورد في الأخبار من الأمر بالإقامة الظاهرة في الوجوب وما ورد من إجراء حكم الصلاة من ستر وطهارة وقيام واستقبال الظاهر في وجوب ذلك ووجوبه ظاهراً في وجوب أصله بخلاف الأذان فقد وردت الرخصة في تركه وترك ما ينبغي له أيضاً سنداً للأول ولما ورد في الخبر (إن صليت جماعة لم تجز الأذان والإقامة وإن كنت وحدك تبادر أمراً تخاف أن يفوتك يجزيك الإقامة إلا الفجر والمغرب فإنه ينغبي أن تؤذن فيهما وتقيم) سنداً للثاني ولما ورد في الأخبار المعتبرة وفيها الصحيح (يجزيك في الصلاة إقامة واحدة إلا الغداة والمغرب) وفيه أدنى ما تجزي في الصلاة إقامة واحدة إلا الغداة من الأذان أن يفتح الليل بأذان وإقامة ويفتتح النهار بأذان وإقامة في الحضر والسفر سنداً للثالث وفي الجميع ضعف لانصراف الأمر للاستحباب بقرينة فهم الأصحاب وإجراء الأحكام لا يدل على الوجوب والإلزام في الأول ولظهور لفظ الجزاء في الفضل والاستحباب لا الإلزام والإيجاب بقرينة السياق ولفظ لا ينبغي لقوله (() في الصحيح تحضرنا الصلاة ونحن مجتمعون في مكان واحد تجزيني إقامة بغير أذان قال:(نعم) والظاهر أن المراد به صلاة الجماعة وللخبر إذا كان القوم لا ينتظر أحد اكتفوا بإقامة واحدة وقصور سنده ودلالتهما مجبور بفتوى المشهور في الثاني ولمعارضته النصوص المستفيضة في الثالث ففي الصحيح أنه (() كان إذا صلى وحده في البيت أقام إقامة واحدة ولم يؤذن والصحيح الآخر (يجزيك إذا خلوت في بيتك إقامة واحدة بغير أذان) والصحيح عن الإقامة بغير أذان في المغرب فقال:(ليس به بأس ولا أحب أن يعتاد) ولا قائل بالفرق بينهما وبين الغداة فبان ضعف جميع الأقوال وقوة القول بالفرق بينهما وبين الغداة للاستحباب كما عليه مشهور الأصحاب والاحتياط لا يخفى سيما في الإقامة.
سادسها:لا يجوز تقديم الأذان الصلاتي على الوقت ولو قدمه سهواً أعاد وكذا الإعلامي فيما عدا الصبح للإجماع المحكي وتوقيفية العبادة والتأسي ولأن المفهوم من مشروعيته أنه بعد مشروعية الصلاة أما مكملاً لها وأما متعلماً بدخول وقتها وللأخبار الدالة على المنع من تقديم لمن تأملها وأما الإعلامي في الصبح فالظاهر جوازه لخبر ابن سلمان عن الصادق (() قال له إن مؤذناً يؤذن بالليل قال:(أما إن ذلك ينفع الجيران لقيامهم إلى الصلاة) ولما ورد أنه كان لرسول الله (() مؤذنان أحدهما ابن أم مكتوم وكان يؤذن قبل الصبح وقال بالمنع للأصل ولأمره (() بلال بالإعادة إذا أذن قبله ونهيه له عن الأذان قبل طلوع حتى يستبين والكل ضعيف لانقطاع الأصل بما مر من الدليل والأحادق بقوله بها ندباً للاعتبار والأخبار وأصالة عدم السقوط ونهي بلال لا يعارض ابن أم مكتوم لأذانه قبله نعم ورد في الصحيح عن الأذان قبل الفجر فقال:(إذا كان في جماعة فلا وإذا كان وحده فلا بأس) والظاهر حمل النهي عنه على الصلاتي والمأمور به على الإعلامي وإن لم يظهر لي من الفقهاء هذا التفصيل والأحوط تارك الأذان قبل الصبح تغضياً عن شبهة الخلاف ومن غرور الناس بطلوع الفجر بل ومن غرور العلماء المجوزين لذلك.