انوار الفقاهة-ج8-ص56
الأظهر والأحوط عدم جواز مساواة الرجل للمرأة في الصلاة إماماً كان الرجل أو منفرداً وعدم تقدمها عليه إلا أن يكون بينهما حائل أو عشرة أذرع للإجماع المنقول والشهرة المنقولة بين المتقدمين والاحتياط والأخبار الناهية الظاهرة في التحريم والبطلان لمكان النهي أو لتصريحها بالبطلان الغير ممكن خروجها عن حقيقتها إلى الكراهة من غير صارف سوى ما يتخيل من فتوى مشهور المتأخرين في أماكن بالكراهة فتكون الشهرة قرينة على ذلك ومن كثرة استعمال النهي في هذه الأماكن في الكراهة ومن اشتمال بعض الأخبار على لفظ لا ينبغي ومن ورود الرخصة في مكة وإنه إنما يكون في سائر البلدان ومن اختلاف الأخبار المانعة لما عدا المقادير الخاصة المجوزة معها ضعيف لأن فتوى المشهور قرينة حيث لا يحصل لها معارض مثلها أو يقوى عليها وكثرة الاستعمال موهن حيث لا يوجد مريد للمعنى الحقيقي ولفظ لا ينبغي صالح للتحريم والكراهة وكذا لفظ يكره نعم يصلحان للتأييد حيث لا معارض واختلاف الأخبار حيث لا يمكن الجمع والجمع ممكن بإبقاء أخبار النهي على حالها كصحيح محمد بن مسلم سألته عن المرأة تزامل الرجل في المحمل يصليان جميعاً قال: (لا ولكن يصلي الرجل فإذا صلى صلت المرأة) والصحيح الآخر عن الرجل يصلي وبحياله امرأة نائمة على فراشها جنباً فقال:(إن كانت قاعدة فلا يضره وإن كانت تصلي فلا) وفي آخر عن الرجل يصلي والمرأة بحذائه يمينه أو يساره قال:(لا بأس به إذا كانت لا تصلي) وفي الموثق عن الرجل يستقيم له أن يصلي وبين يديه امرأة تصلي قال:(لا يصلي حتى يجعل بينه وبينها أكثر من عشرة أذرع وإن كانت عن يمينه أو يساره جعل بينه وبينها مثل ذلك وإن كانت تصلي خلفه فلا بأس) وفي آخر عن الرجل يصلي الضحى وأمامه امرأة تصلي بينه وبينها عشرة أذرع قال:(لا بأس ليمض في صلاته) وغير ذلك من الأخبار وحمل أخبار الجواز المطلقة والعامة على ما إذا صلت خلفه ولو قليلاً لأنه يطلق عليها أنها تصلي بحذائه كما صرحت به الموثقة السابقة فقوله في صحيحة جميل (لا بأس أن تصلي المرأة بحذاء الرجل وهو يصلي) محمول على ذلك وكذا روايته الأخرى أيضاً وحمل أخبار الجواز المقيدة على مراتب الاستحباب في التأخير والإرشاد إليه فأقلها ما دل عليه صحيح زرارة أن يكون قدامها ولو بصدره ويلحق به العقب والكتفان على الأقوى ثم شبر كما دلت عليه صحيحة معاوية ثم قدر ما يتخطى أو قدر عظم ذراع كما دلت عليه صحيحة زرارة أو شبر أو ذراع كما دلت عليه رواية أبي بصير ثم مقدار رجل كما دلت عليه حسنة حريز ثم سجودها مع ركوعه بمعنى وصول رأسها إلى حد يصل إليه مؤخره على الظاهر كما دلت عليه رواية ابن أبي بكير ثم بحيث لا يحاذي جزء منها كما يظهر من الموثقة السابقة وتقييد هذه الأخبار بما ذكرناه من المقيد لقوته خيراً من بقائها على إطلاقها بالنسبة إلى التقدم والمحاذاة لاحتياجها إلى ضميمة أن مفهوم البائين بدون هذه المقادير ملغى بالإجماع على عدم القول بحصول التحريم بدونها والجواز مما عدا الجعفي حيث منع ما دون عظم الذراع وجوز معه وهو نادر فليحمل المنع المفهوم منها على مراتب الكراهة والجواز على بيان أقليتها وهو كما ترى تكلف في الاستدلال وطرح لجملة من الأخبار سيما موثقة عمار وخروج عن الظاهر.
مسائل:
الأولى:تعلق الحكم منعاً وكراهة على الصلاة الصحيحة لولا المحاذاة لانصراف لفظ الصلاة إلى الصحيح ودعوى شموله للأعم فتفسد صلاة أحدهما ولو قارنت صلاة الآخر الفاسدة بعيد كل البعد ظاهر اللفظ والأخبار وكلام الأصحاب نعم لو أقدم فصلى مع علمه بصلاة المرأة فسدت صلاته وإن كانت في الواقع فاسدة لتوجه النهي إليه لأن الأصل صحة فعل المسلم فيكون بمنزلة من أقدم على ترك شرط في الصلاة زاعماً فقده وهو واحدة متلبساً به.
الثانية: يقوى القول بأن هذا الشرط من الشرائط الوجودية لا العلمية فلا يفتقر فيه الجهل بالحكم ولا الموضوع ولا النسيان والغفلة وذهب قوم إلى أنه من الشرائط الوجودية ونسب للأصحاب ولا يخلو من قوة والظاهر أنه شرط في الابتداء والاستدامة لقاعدة الشروط.
الثالثة: لا يبعد عدم إجراء الشرطية والمانعية للصبي يزولا للصبي والمرأة ولا للرجل والصبية لاختصاص الأخبار بالرجل والمرأة ويحتمل تسرية الحكم للصبي مع الرجل دون الرجل والمرأة بالنسبة إليهما دون بعضها مع بعض.
الرابعة: الخنثى مع الخنثى ومع الرجل والمرأة للاحتياط ويحتمل جواز تمسكهما بالأصل لأنه شك في التكليف لا في المكلف به وهو قوي.
الخامسة:إذا كان بينهما عشرة أذرع بذراع اليد المتوسطة ارتفع المنع للإجماع والرواية وما دل على الأكثر محمول على إرادة إحراز العلم بها لأنه لا تعلم العشرة الحقيقية غالباً إلا بإجراء الأكثر أو يراد به العشرة الأكثر منها تفنناً في التعبير كقوله تعالى:(فإن كن نساء فوق اثنتين) أي اثنتين فما فوق.
السادسة:تحسب العشرة من الموقف لأن السجود إلى الموقف لتبادر ذلك من الأخبار والأحوط الاحتياط من سجوده إلى موقفها.
السابعة: الأظهر سقوط هذا الحكم عمن كان موقفها بالجهة العليا كأن تكون سامته لرأسه أو بالجهة السفلى كأن سامت رجليه وإن لم يكن بينهما حاجز لعدم انصراف الشرطية في الأخبار لذلك نعم لو كان مكانها العالي عن اليمين أو اليسار أو بين يديه اعتبر ذلك لإطلاق موثقة عمار بل الأحوط اعتبار العشرة مطلقاً لمفهوم قوله (() وإن كانت خلفه فلا بأس.