پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج8-ص51

بحث:لا يجوز السجود وهو وضع الجبهة إلا على الأرض أو ما أنبتته إجماعاً محصلاً ومنقولاً ولو كان غيرهما ابتداء كالصوف والشعر أو منها ولكن خرج بالاستحالة عنها كالمعادن من الذهب والفضة والملح والعقيق والدر وضابطه ما خرج عن اسم الأرض الخاصة فيه أو كان ما أنبتته الأرض مأكول أو ملبوس بحسب العادة لم يجب عليه السجود عليه قولاً واحداً وفي الصحيح (السجود لا يجوز إلا على الأرض أو على ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس) وقريب منه روايات أخر فيها الصحيح وغيره وفي ثالث أسجد على الزفت أي القير قال:(لا ولا على الثوب الكرسف ولا على الصوف ولا على شيء من الحيوان ولا على طعام طعام ولا شيء من ثمار الأرض ولا على شيء من الرياش) وفي آخر (لا تسجد على الذهب والفضة) وفي آخر (لا تصلي على الزجاج وإن حدثك نفسك أنه مما ينبت الأرض ولكنه من الملح والرمل وهما ممسوخان) وفي آخر (السجود لا يجوز إلا على الأرض أو ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس) وفيه أن السجود هو الخضوع لله عز وجل فلا ينبغي أن يكون على ما يؤكل ويلبس لأن أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون والساجد في سجوده في عبادة الله عز وجل فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها

بحث:يستثنى من هذا الحكم القرطاس مكتوباً أم لا إلا إذا حالت الكتابة بين القرطاس ومحل السجود فإنه لا قائل بالجواز ولا يتفاوت الحال فيه بين ما أخذ من نبات يصح السجود عليه أو لا يصح كالقطن والكتان إذ لم يؤخذ من نبات كالمتخذ من الحرير ولا فرق بين ما إذا غلبت عليه أجزاء النورة أو لم يغلب عليه لإطلاق الصحيح أنه رأى الصادق (() في المحمل يسجد على القرطاس وخبر داود بن فرقد عن القراطيس والكواغد المكتوب عليها هل أم لا فكتب (يجوز) وصحيح جميل عن الصادق (() أنه كره أن يسجد على قرطاس فيه كتاب والمراد به الكراهة التنزيهية بقرينة الأخبار ويراد به ما لم تكن الكتابة حائلة بديهة ولفتوى المشهور والإجماع المنقول وحيث كان الاستثناء للنص وكلام الأصحاب وهما مطلقان فتقييدها بما إذا اتحد عن غير الابريسم جمعاً بين ما دل على المنع من السجود على غير الأرض ونباتها وبين ما دل على جوازه في القرطاس وفيه أولاً أنه جمع لا شاهد عليه وثانياً أنه يقيد أدلة جواز السجود على القرطاس كله يدخل بتلك دون العكس ترجيح من دون مرجح وثالثاً إن القرطاس كله لا يدخل تحت ما أنبتت الأرض لاستحالته عن ماهية أخرى وإجراء الاستصحاب ومع تبدل الموضوع مشكل فلا يكون ما نحن فيه من العام والخاص في وجه بل من العام والخاص المطلق ورابعاً أن المأخوذ من القطن والكتان حكمه حكم الابريسم في المنع فما الفائدة وخامساً أنه لو أخذ من نبات لامتنع من جهة اختلاط أجزاء النورة فيه وهي غير أرض ودعوى أن النورة بعد جمودها عادة أرضاً أو أنها مستهلكة أو إنها بعد الغسل تذهب وإنها غير خارجة عن الأرضية كلها بعيدة من غير مستند كدعوى أن الخز الذي هو من النورة مستقر إلى أدلة جواز القرطاس ومن لوازمه النورة دون الحرير لانفكاكه عنه فيقتصر على تقيد ما دل على الأرض أو ما نبت على المتيقن فإن ضعفها بعد ما قدمناه ظاهر مضافاً إلى أنه تفكيك للأدلة من دون داع يدعو إليه.