انوار الفقاهة-ج8-ص40
ثانيهـا:من صلى على سطحها صلى قائماً وأبرز بين يديه شيئاً زائداً على بدنه حتى على رأسه عند سجوده للأصل وفتوى المشهور والإجماع المنقول ولوجوب المحافظة على الأركان التي منها القيام نصاً وفتوى خلافاً لمن أوجب الصلاة مستلقياً على قفاه مومئاً إلى البيت المعمور للخبر والإجماع المنقول عن الشيخ (() وهما ضعيفان لمخالفتهما المشهور وعموم الأدلة الدالة على وجوب الأركان جواز تفويتها لأجل تحصل الاستقبال لا وجه لها لأن الإيماء إلى البيت المعمور ليس استقبالاً داخلاً تحت الأوامر في الاستقبال كتاباً وسنة هذا كله حالة الاضطرار أو النافلة وأما المكتوبة حالة الاختيار فالأظهر عدم جوازها على سطح الكعبة مطلق لشمول الأدلة المتقدمة كلاً أو جلاً لها.
ثالثها:يجب تحصيل العلم للقريب بعين الكعبة للأصل والاحتياط وإن عسر عليه العلم لدخوله في سرداب أو سفح جبل كفاه الظن.
بحث:الكعبة قبلة البعيد
قبلة البعيد جهة الكعبة للنصوص الدالة على أن الكعبة قبلة ومعنى ذلك أنها للبعيد جهتها ولما ورد أن الرسول (() حول إليها وجهه وما ورد من أن (ما بين المشرق والمغرب قبلة) ولا ينطبق إلا على الجهة لعدم القائل بصريحه وللسيرة القطعية على ذلك والمراد بالجهة هي السمت الذي لو استقبل قيل له استقبلها عرفاً هو الذي يحتمل كل جزء منه اشتماله عليها ويقطع بعدم خروجها من جميع أجزائه بالجملة ليس البيت في الاستقبال إلا كغيره من المحال عند إرادة استقبالها للبعيد لزيارة ونحوها فإن الاستقبال لها عرفاً هو التوجه إلى سمتها الذي يشار إليها به عرفاً والبعد يفيد الاستقبال توسعة لا يفيد المستقبل بل المستقبل هو أمر واحد لا يزيد ولا ينقص ولا ينقص ولا يتبدل ولا يتغير إلى أمر آخر والمفهوم من الأخبار والآية الشريفة الآمرة بالتوجه إلى شطر المسجد الحرام وهو النحو المعهود من عدم اعتناء النبي (() والأئمة (() بضبط القبلة ومن عمل المسلمين واكتفائهم بالأبنية وعدم رجوعهم إلى علماء أهل الهيئة ومن اختلاف أهل الهيئة ورجوعهم للقواعد الحدسية من غير إنكار من العلماء عليهم ومن جعلهم من علمائها مهب الأهوية الغير المنضبطة وكذا مواضع النجوم المختلفة وأقواها الجدي وهو مختلف بحسب الأزمنة والأمكنة ارتفاعاً وانخفاضاً ومن رجوع العلماء إلى قبلة أهل البلد مع اختلافهم مكاناً وحدساً ورجوعهم إلى وضع محاريب المساجد ووجود التفاوت فيها كمسجد الكوفة أن الأمر في الاستقبال ملحوظ فيه السهولة ولا يطلب فيه التدقيق وأنه يكتفي منه بمجرد اسم الاستقبال عرفاً ولا يضر به الانحراف اليسير الذي لا يخرج به عن المسمى وأنه لا يجب على من تمكن من العلم بمقابلة الكعبة حقيقة أن يقابلها كذلك بحيث لو خرج منه خط معتدل لا تصل بالكعبة فظهر من ذلك إن الجهة هي الاستقبال العرفي للعين نعم لا يجوز تخطي على ما صدق عليه العرف ويعرف ذلك بالتجاوز عن حدود العلائم الشريعية والعرفية كما سيأتي إن شاء الله تعالى.