انوار الفقاهة-ج8-ص39
وهي شرعاً ما يستقبل وخص بشرع الإسلام في الكعبة وما في حكمها ضرورة من الدين وبديهة من المسلمين والمراد بالكعبة موضعها من تخوم الأرض إلى عنان السماء ولا عبرة بالحيطان فتصح صلاة من كان أعلى من الكعبة أو أخفض منها ويكفي استقبال أي جزء من أجزائها لامتناع استقبال مجموع البدن لمجموع الكعبة وورد في الأخبار ما يدل على جواز الصلاة فوق جبل أبي قبيس والكعبة تحته لأنها قبلة من موضعها إلى السماء ولو صلى صف مستطيل فخرج جزء منه عن الكعبة بطلت صلاته الخارج ولو خرج المصلي من الكعبة فسدت صلاته على الأظهر إذا خرج منه جزء لا يعتد به أما لقلته والاحتياط يقضي بخلافه والحجر من البيت كما نسب للأصحاب ونقل عليه الإجماع قال: (في الذكرى) وقد دل عليه النقل أنه كان منها زمن إبراهيم (() وإسماعيل (() إلى أن بنيت قريش الكعبة فأعوزتهم الآلات فاختصروها بحذفه وكان ذلك في عهد النبي (() ونقل عنه (()الاهتمام بإدخاله في بناء الكعبة وبذلك احتج ابن الزبير حيث أدخله فيها وأخرجه الحجاج (لعنه الله) تعالى بعده ورده إلى ما كان ولأن الطواف يجب خارجه وبموجب ذلك يجوز استقباله كما حكم به بعض الأصحاب ولكن ورد في أخبارنا المعتبرة (أنه ليس من البيت) وفي بعضها (ولا قلامة ظفر) ومعه يشكل الحكم بجواز الصلاة إليه لتوقفها على اليقين ولا يقين مع هذه الأخبار فالظاهر عدم جواز إجراء أحكام البيت من الصلاة إليه والذبح وشبهها عليه وإن جرت عليه أحكام البيت من الاحترام والآثار وما سامت الشاذروان فهو الكعبة قطعاً لأنه حذف اختصاراً.
فروع:
أحدها:من صلى في وسطها استقبل أي جدرانها شاء للإجماع المنقول والشهرة المحصلة ولاستواء أجزائها في الاستقبال فترجيح أحدهما ترجيح من غير مرجح وإن كان الأفضل استقبال الركن الذي فيه الحجر لفتوى المشهور وقد وردت روايتان لم يقل بمضمونهما أحد ممن يعتد به مع ضعف أحدهما بالإرسال والثانية بالجهالة ففي الأول وجوب الصلاة إلى أربع جوانبها إذا اضطر ذلك وفي الثانية (إذا حضرته الصلاة الفريضة وهو في الكعبة ولم يمكنه الخروج منها استلقى على قفاه ويصلي إيماء) وإنما الكلام في جواز صلاة الفريضة اختياراً فيها وعدمه بعد عدم الخلاف في جوازه في النافلة وحال الاضطرار والأصل والاحتياط وظاهر الأمر بالاستقبال يقضي بعدم الجواز لأن ظاهر الأمر بالاستقبال هو جعل جميع الكعبة أمام المصلي وأن يسامته سوى جزء منها مضافاً إلى الإجماع المنقول على عدم الجواز والصحيح (لا تصل المكتوبة في جوف الكعبة) فالقول بالمنع أقوى لولا أن الجواز هو المشهور وعليه الإجماع المنقول ويشمله ما ورد في الموثق إذا حضرت الصلاة المكتوبة وأنا في الكعبة أصلي فيها قال: (صل) وظاهر قوله تعالى والركوع والسجود وظهور لفظ لا يصلح في الكراهة واستعمال صيغة النهي في الكراهة كثيراً ولأن الكراهة وجه جمع وقد يعارض الإجماع بمثله والموثق بالصحاح على أنه يمكن تقيده بحال الضرورة والمشهور بموافقته العامة ومنع ظهور لفظ لا يصح في الكراهة بل ظاهر في الأعم ومنع كون كثرة الاستعمال من مرجحات صرف اللفظ عن حقيقته ومنع كون الجمع أولى من الطرح بعد قوة أحد الدليلين فيبقى كون أقوى سالماً عن المعارض.