انوار الفقاهة-ج8-ص37
عاشرها:لو فقد جميع ما تقدم لم تسقط الصلاة بحال ووجبت عليه قائماً مومئاً للركوع والسجود إذا أمن المطلع لأن الأصل وجوب القيام وإذا لم يأمن صلى جالساً للإجماع المنقول على ذلك مع عدم الأمن وللأخبار الدالة على ذلك المنجبرة بفتوى مشهور الأخبار والمؤيدة بالاعتبار ففي مرسل ابن مسكان (يصلي عرياناً قائماً إن لم يره أحداً فإن رآه صلى جالساً) وفي صحيح ابن مسكان أيضاً (إذا كان حيث لا يراه أحد فليصل قائماً والجامعة بين الأخبار الآمرة بالقيام كقوله في الصحيح وإن لم يصب شيئاً يستر به عورته أومأ وهو قائم والصحيح الآخر وإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلد السيف وليصل قائماً والأمر بالجلوس كقوله (() في حسن زرارة (يصلي إيماء وإن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها وإن كان رجلاً وضع يده على سوأته ثم يجلسان مومئان فلا يسجدان ولا يركعان فيبدو ما خلفهما تكون صلاتهما إيماء برؤوسهما) وكقوله (() في خبر أبي النختري المروي في قرب الإسناد للحميري (صلى عرياناً جالساً يومئ إيماءً بجعل سجوده أخفض من ركوعه) وفي آخر (يتم ويصلي عرياناً قاعداً ويومئ إيماءاً) وفي آخر عمن أصابته جنابة بالقلاة وليس عليه إلا ثوب واحد أصابه المني قال: (يتيمم ويطرح ثوبه ويجلس مجتمعاً ويصلي فيومئ إيماء) وأوجب جماعة من أصحابنا الجلوس مطلقاً لهذه الأخبار وأوجب جماعة القيام إلا أنه الأصل وللاهتمام به في إسقاط الركوع والسجود ولاستتار القبل باليد والدبر بالآليتين ومن أصحابنا من خير بين الأمرين لتعارض الدليلين وهو مخالف للمشهور والاحتياط الذي يظهر لي من الأخبار وفتاوى الأصحاب إن الصلاة بالإيماء إنما تجب عند فقد الساتر الملابس للعورة على ما هو معهود من وضع شيء عليها لقوله (() (فإن لم يصب شيئاً يستر به عورته أومأ وهو قائم) والظاهر من الشيء هو ذلك فلا يجزي وضع اليد ين في الإتيان بالأركان الاختيارية لتمكن العاري منهما ولورود الأمر بوضعهما مع الأمر بالصلاة مومئاً ووجوب وضعها لحديث (لا يسقط) والاحتياط لا يوجب حصول الستر بهما الموجب للإتيان بالأركان الاختيارية كما أن وجوب الستر بالماء الراكد والمائعات الساترة والدخول في الحفيرة والفسطاط الضيق من حيثية الحدث والاحتياط لا يخرج العاري عن اسم العاري ووجوب الصلاة عليه قائماً مع الأمن وجالساً مع عدمه واحتمال خصوص الستر بهذه الأمور وشبهها وتقديم الإتيان بالأركان الاختيارية على الاضطرارية واجب غاية ما خرج منه ما لم يحصل الستر وشبهه فيبقى الباقي عن إطلاقات الأخبار وفتاوى الأصحاب من أن العاري حكمه ذلك وانصراف العاري لفاقد جميع ما تقدم لأنه الغالب لا وجه له للتمكن من الحفيرة غالباً ومرسلة أيوب الآمرة بالركوع والسجود فيها لضعفها لا تعارض إطلاق الأخبار وكلام الأصحاب ولعل المراد منهما الاضطرارين جمعاً ووجوب الإيماء دلت عليه الأخبار في حالتي القيام والجلوس والمنصرف إليه الإطلاق الإيماء بالرأس مضافاً إلى التصريح به في رواية زرارة ولا يشترط الوصول إلى الركوع الحقيقي في الإيماء ولمنافاته لإطلاق الأخبار بل لا يبعد منعه نعم يجب جعل السجود أخفض من الركوع فلا يبعد أن الوصول إلى حد الركوع الحقيقي في السجود لا بأس به وذهب بعض من أصحابنا إلى وجوب الركوع والسجود الحقيقيين عند الصلاة قائماً لا من المطلع ومحافظته على الأركان ما أمكن وترده الصحيحة المتقدمة وفتوى المشهور واستغرب بعضهم وجوب الإيماء إلى حد لو زاد عليه لبدت الصورة ويضعفه إطلاق النص والفتوى وما ورد من وجوب السجود أخفض من الركوع وقوى بعضهم وجوب الجلوس للقائم عند الإيماء للسجود ولأقربيته من هيئة الساجد فيدخل تحت (فإتوا منه ما استطعتم) ويدفعه إطلاق النص واستلزامه العوض لكشف العورة عند القيام والقعود وأوجب بعضهم وضع اليدين على الأرض عند الإيماء للسجود جالساً للاحتياط ولحديث (ما استطعتم) ويضعفه إطلاق النص والأمر بوضع يده على سرته في رواية والأمر بجلوسه مجتمعاً في أخرى وأوجب بعضهم رفع ما يصح السجود عليه حين الإيماء للسجود للاحتياط ولوجوبه في المريض فههنا أولى ويضعفه إطلاق الروايات هنا وتقييدها هناك والأولوية ممنوعة ولكنه أحوط وأوجب جماعة من أصحابنا في المريض فهنا أولى ويضعفه إطلاق الروايات هنا وتقييدها هناك والأولوية ممنوعة ولكنه أحوط وأوجب جماعة من أصحابنا أنه إذا صلى العراة جماعة جلوساً الإيماء على الإمام فقط والركوع والسجود الاختياريين على من خلفه ولقوله (() في موثق عمار (وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم) ويضعفه إطلاق الأخبار والإجماع المنقول على وجوب الإيماء لوجود المطلع من بعضهم على بعض لأن المراد من المطلع مما من شأنه ذلك لأن الناظر بالعقل للعورة كما هو المفهوم من الأخبار ولأن اليد ساترة عن الناظر فاندفع ما يقال أنهم باعتبار التصاقهم وتضامهم كانوا بمنزلة عدم المطلع فلا اعتداد بهم على أنهم لو كانوا بتلك المنزلة لوجب القيام للأخبار الموجبة له عند أمن المطلع وخيال أن الالتصاق في الجلوس أسقط اعتبار الإطلاع بخلاف القيام فكان المطلع موجود حالة القيام وغير معتد به حالة الجلوس بعيد بعد ما ذكرنا من أن المراد من المطلع ما من شأنه ذلك لا ما كان بالفعل مطلقاً ولا يبعد توجيه قوله: (يركعون ويسجدون على وجوههم)، بإرادة أنهم على الوجه الذي لهم وهو الإيماء.
فــروع:في الساتر
أحدها:من كان يرجو الساتر فالأحوط له التأخير تحصيلاً لشرائط الصلاة الاختيارية مهما أمكن ولرواية ابن البختري وفيها (ما عرفت قياسه فلا ينبغي له أن يصلي حتى يخاف ذهاب الوقت يبتغي ثياباً) وأوجبه بعضهم من باب المقدمة لتحصيل الشرط وللرواية وفيه نظر لضعف الرواية سنداً وظهورها في الاستحباب دلالة ولأن باب المقدمة إنما يجب تعلق الخطاب بذي المقدمة وهو ممنوع حالة عدم التمكن بل هو مخاطب بما تمكن منه لانحلال الخطاب في الوقت الموسع وإلى خطابات متعددة فيجب المقدور من المقدمات حين الخطاب بحسب القدرة الظرفية من الزمان لا بحيث أنه يترك الساتر ولو كان قريباً إليه ولا بحيث يتأخر إلى ضيق الوقت إلا فيما دل عليه الدليل ومن كان لا يرجو الساتر قطعاً فالتقدم أفضل محافظة على أول الوقت وتحصيلاً للاحتياط في المبادرة.
ثانيها:يجب شراء الساتر لمن يتمكن منه بثمن المثل أو فوقه ما لم يضر بالحال ولو بذل له وجب القبول عيناً أو منفعة كالإعارة ولو كان من الحقوق وهو من أهلها وجب القبول ولا يجب الالتماس على استعارته أو هبته لما فيه من المنة وهي ضرر على النفوس الأبية ولا ضرر ولا إضرار بل لو وهب له فلا يجب القبول لما فيه من تلك الشائبة.
ثالثها:من وجب عليه القيام عند أمن المطلع فهل يجب عليه التشهد جالساً أم لا والأظهر عدم الوجوب لإطلاق الأخبار وكلام الأصحاب ولأن القيام والقعود مظنة التكشف.
رابعها:من لم يتمكن من الإيماء بالرأس أومأ بعينيه وإلا فبواحدة كما تشعر به أخبار المريض والأحوط الإتيان بواجبات السجود عند الإيماء مهما أمكن.
خامسها:لو كان الموجود أعمى أم من علم أنه لا ينظر فهو بمنزلة عدم المطلع ولو كان المطلع محرماً كالزوجة وملك اليمين فالأظهر حكمها حكم الأجنبي من المحرم لإطلاق الأخبار ولوجوب الستر عنهما.
سادسها:بدن المرأة كعورة الرجل لما يفهم من أنها عورة فإذا لم تأمن الناظر على بعض بدنها صلت جالسة فإذا لم تأمن الناظر جالسة صلت نائمة إذا أشفقت عند ضيق الوقت والأحوط ترك ذلك بالسعة.