انوار الفقاهة-ج8-ص35
خامسها:يجب على المرأة في الصلاة ستر ما يحرم على الأجنبي النظر إليه فهي كلها عورة في الصلاة عدا ما استثنى ويدل على أصل الحكم الإجماع المنقول والشهرة المحصلة والإجماع المنقول على أنها عورة ما عدا ما استثني وكل عورة يجب سترها في الصلاة وللاحتياط اللازم في مقام الشك ولقوله في الصحيح عن أدنى ما تصلي فيه المرأة قال: (درع وملحفة تنشرها على رأسها وتجلل بها) وفيه (المرأة تصلي في الدرع والمقنعة إذا كانت كتيفاً) وللصحيح والموثق (تصلي المرأة في ثلاثة أثواب إزار ودرع وخمار ولا يضرها بأن تقتنع بالخمار فإن لم تجد فثوبين تتأزر بأحدهما وتقتنع بالآخر) وللخبر عن المرأة تصلي في درع وملحفة ليس عليها إزار ولا مقنعة قال: (لا بأس إذا تقنعت بها وإن لم يكفها عرضاً جعلتها طولاً إلى غير ذلك من الأخبار الموجبة للدرع وهو القميص ويسمى الآن ثوباً وللمقنعة أو الخمار وهما ما يوضعان على الرأس فيستر بها الشعر والرقبة وطرف العنق والبارز من الصدر الذي لا يغطيه الدرع كما هو اليوم أيضاً كذلك وفسر قوله تعالى: [ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ] به أو الملحفة القائمة مقامها أو مقام الكل لأنها ثوب واسع يجلل للمرأة من قرنها إلى قدمها كما ورد في صحيح علي بن جعفر عن المرأة ليس عليها إلا ملحفة واحدة فكيف تصلي قال: (تلتف بها وتغطي رأسها فإن خرجت رجلاها أو ليس تقدر على ذلك فلا بأس أو الدرع أو الخمار كما تقدم في الموثق فيفهم من جميعها أن المقصود الأصلي ستر بدن المرأة وذكر هذه الخصوصيات للإرشاد إلى ما يحصل به الستر بسهولة وإلى ما يحصل به الفرد الأكمل والأفضل كما يشير إليه قوله (أدنى ما يصلى فيه) فإنه منه يقهم حد آخر أعلى من ذلك فيبطل بذلك قول من ساوى به عورة الرجل والمرأة في الصلاة وبطلان ما يتوهم أن لبعض هذه الأفراد خصوصية نعم يستثنى من وجوب ستر البدن الوجه العرفي البارز غالباً لعدم شمول الأخبار له وللإجماع المنقول والعسر والحرج وللرواية المشعرة بذلك وليس المراد منه وجه الوضوء إلا إذا قلنا أن التحديد فيه لبيان المصداق العرفي ولكنه بعيد ولا يبعد اغتفار بعض الشعر المتدني عليه الذي لا تنفك النساء غالباً من ظهوره ولا يلحق به الشعر الذي لا تنفك النساء من إظهاره للزينة لعدم الدليل على استثنائه ويجب ستر المشكوك به من باب المقدمة وباطن الوجه كباطن المنخرين والفم لا يجب ستره بلثام وشبهه ولا تفسد صلاة المرأة إذا نظر إليها ناظر محرم أو محلل على الأظهر بخلاف باقي الجسد لو نظر إليه ناظر من تحت الثياب فإنه لا يبعد الفساد ويستثنى الكفان على الأظهر لعدم شمول الأخبار الآمرة المتقدمة لها لخروجها غالباً عنها سيما ما ورد من الدرع والخمار فإنه غالباً لا يستر الكفين كما فهم ذلك الأصحاب وهم أعرف بما عليه كانت الثياب وللإجماع المنقول ولاستثنائها من النهي عن إبداء الزينة لأنهما مما ظهر منها فيهم أن دروعهن ذلك اليوم لا تستر الكفين والعسر والحرج ولا يتفاوت بين ظهرها وبطنها وينبغي الاقتصار على المتيقن من ابا المقدمة والأحوط سترهما تغضياً من خلاف من أوجب ذلك مدعياً أن الثياب المذكورة في الأخبار مما تشمل الكفين ذلك اليوم كما نراه اليوم في ثياب العرب ويستثنى من ذلك ظاهر القدمين أيضاً لما ذكرناه من السيرة ومن عدم دخوله في الثياب المعتادة كما ذكر الأصحاب ذلك أيضاً وهم أعرف بما كانت عليه الثياب ومن العسر والحرج ومن الشهرة المنقولة وادعى بعضهم عدم القائل بالفرق بين الكفين وظاهر القدمين والاحتياط أيضاً فيه مطلقاً تغضياً من خلاف شبهة من منع مستنداً إلى أن ثياب الأعراب كانت طويلة تجر إلى الأرض فيشملها ما جاء في الأخبار وأما باطن القدمين فالظاهر عدم استثنائها لاستنادهما بالأرض حالة القيام وبالثياب في الأحوال الأخر كما نراه اليوم ولعدم كونه من الزينة على الأرض ولتفسرها بالوجه والكفين والقدمين ويراد بهما الظاهر لأنه هو الظاهر عند المشي في بعض النساء اللاتي لا يستعملن الخف لا دليل فيه على أنه داخل تحت قوله تعالى: [ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ] وفي الصحيح المتقدم وقوله فيه وإن خرجت رجلاها وليست تقدر على ذلك فلا بأس دليل على المنع من خروج الرجل وغاية ما خرج منه ظهر القدم فيبقى باطنه تحت دليل المنع عموماً وخصوصاً وتخيل بعض الأصحاب عدم لزوم ستر الشعر وهو ضعيف جداً لشمول الأخبار له قطعاً ولأنه من الزينة المنهي عن إبدائها وليس من الظاهر ولشمول ما دل على أن بدن المرأة عورة له وهو أشد من بعض أماكن الجسد ولما ورد عن فاطمة (صلوات الله عليها) أنها صلت في درع وخمار وليس عليها أكثر مما وارت به شعرها.
سادسها:يجب على الخنثى والممسوح ستر البدن كله في الصلاة دون النظر للأصل في الثاني والاحتياط اللازم بعد يقين الشغل في الأول وقد يقال بعدم الوجوب تمسكاً بالأصل ويصير من باب الشك في التكليف لا في المكلف به.
سابعها:يستثنى من حكم المرأة الأمة الغير مبعضة لجميع أقسامها والصبية قبل البلوغ فإنه لا يلزم عليهما ستر رؤوسهما في الصلاة إجماعاً منقولاً على لسان جماعة وللأخبار المستفيضة في حق الأمة الشاملة لذات الولد وغيرها ولمفهوم الخبر في الصبية على الجارية إذا حاضت الصيام والخمار إلا أن تكون مملوكة لا بأس بالمرأة المسلمة الحرة أن تصلي وهي مكشوفة الرأس بحملها على الصغيرة لخروج الكبيرة بما قدمناه ولكن الظاهر فيه لزمن المرأة البالغة فيبعد الاستدلال به ولعدم انصراف الأمر بالساتر والصلاة بالثياب لها لأن الأمر لمكان ستر العورة وكون رأس الصبية عورة ممنوع وفيه أن رأسها كلها والأولى الاستناد إلى كلام الأصحاب والإجماع المنقول في الباب ولا يحرم على الأمة ستر الرأس كما يظهر من شاذ من أصحابنا وشاذ من الروايات من الإمام (() فصرف الجواري إذا تسترت ليفرق بين الحرة والمملوكة والإضراب إلا على معصية وهي مطرحة أو محمولة على التقية نعم هل يستحب لها التكشف كما يلوح من أخبار الباب أو يندب لها التستر كما يظهر من الأصحاب وهو الذي تؤيده الأخبار ويساعده الاعتبار ويدخل في الرأس الرقبة كما هو الشائع في الإطلاق ويفهم المفهوم من كلام الأصحاب لبعد عدم ستر الرأس وسترها دونه كما هو ظاهر ولو أعتقت الأمة في الأثناء ولم تعلم بالمعتق صحت صلاتها لعدم العلم بتبدل موضوعها فهي أولى من الناسي في الصحة وإن علمت تسترت فوراً فإن لم يمكنها وكان الوقت ضيقاً عن القطع والإتيان بركعة متسترة بها قضت ولا شيء عليها مع احتمال البطلان وإن كان متسعاً قطعت الصلاة واستأنفت على الأظهر لتحصيل الشرط ويحتمل عدم وجوب القطع لعدم وجوب التستر في مثل هذا الفرد لعدم انصراف أدلة وجوبه لمثله ولتحريم قطع العمل ويحتمل الفرق بين ما وسع الوقت للقطع واستئناف كل الصلاة فيجب وبين ما يسع للقطع وإدراك ركعة فلا يجب لتنزيلها منزلة المضطر من عمد ونسيان وشبههما.