پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج8-ص31

ثالثها:يحرم على الذكر لبس الحرير المحض والصلاة فيه دون حمله ومصاحبته فيما لا يسمى لباساً كشد عضو وتجبير كسر للأصل وانصراف أدلة التحريم إلى اللبس خاصة ويدل على ذلك الاجماعات المستفيضة النقل والأخبار الناهية عن لبسه والصلاة فيه القاضية بالفساد وقد ادعى تواترها ولا فرق في إطلاق النص والفتوى بين كونه ساترا أم لا عدا ما استثنى مما ليس له قابلية الستر لصغره لا لرقته ويخرج من أدلة تحريم لبسه النساء فانه يجوز زلهن لبسه بالإجماع والأخبار وكذا الصبيان للأصل وعدم صدق الرجال عليهم وتوجه المنع إلى أوليائهم لا دليل عليه وكذا الخناثى للأصل أيضاً وللشك في توجه الخطاب لهن ويخرج أيضاً من تحريم لبسه ما اضطر إليه لدفع ضرر على النفس أو دواء أو برد أو أذى حيوان من قمل وشبهه لأن الضرورات تبيح المحظورات ولأن ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر ولحديث رفع مالا يطيقون وللإجماع المنقول والآذن النبي (() لعبد الرحمن بن عوف في لبسه لأنه رجل اقملا فغيره كذلك وكذا يخرج منه حال الحرب المأذون فيه وأن لم يكن جهاداً للإجماع المنقول ولزيادته في قوة القلب ودفع أذى الزرد عند حركته فجرى مجرى الضرورة والأخبار المستفيضة ومنها عن لباس الحرير والديباج فقال أما في الحرب فلا باس وفي أخر لا يلبس الرجل الحرير والديباج إلا في الحرب وغير ذلك وهي منصرفة إلى الحرب الجائز اقتصاراً على المتيقن من الجواز ويخرج أيضاً من أدلة التحريم المختلطة بغيره مما تجوز الصلاة فيه مزجاً لا يستهلك فيه الخليط للإجماع والأخبار ففي الصحيح عن الثواب الملحم بالقز والقطن والفراء أكثر من النصف ايصلي فيه قال لا بأس وفي أخر في الثوب يكون فيه الحرير فقال أن كان فيه خلط فلا بأس وفي أخر إلا ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته أو سداه خز أو شدد جزء أو قطن أو كتان وإنما يكون المحض للرجال والنساء والمراد بالخلط ما كان ممزوجاً عرفاً ولا يكفي مزج الخياطة والحشو ولا التوقيع ولا التطريز في الثوب الحرير ويكفي مزج ما يحل لبسه في اللبس وما تحل الصلاة فيه في الصلاة ولا يشترط أن يكون قطناً أو كتاناً كما يظهر من بعضهم ودلت عليه بعض الروايات بضعفها عن مقاومة الأخبار الأخر وفتوى المشهور وأما ما كان طريق متواصلة منها حرير خالص ومنها غيره فلا تخرج عن دليل المنع إذا كانت كل طريقة ساترة وإن لم تكن ساترة لكنه يحصل من مجموعها فهو مشكل في غير المكفوف وغير ما صغرت طريقته جداً بحيث يقال عرفاً أنه ممتزج ولا يبعد منعه سيما لو زادت كل طريقة على أربع أصابع هذا كله بالنسبة للبس وأما بالنسبة إلى الصلاة فالأظهر أن حكمها حكمه إلا بالنسبة للصبي فإن الأقوى منع الولي له للصلاة به لعدم تحقق الصلاة الشرعية به لاحتمال الشرطية في حقه وكذا الخنثى فإن الأظهر وجوب نزع حليها عند الصلاة للاحتياط اللازم في العبادة بعد شغل الذمة اليقيني المستدعي للفراغ اليقيني ويقوى القول بجواز الصلاة لها فيه لأصالة البراءة وإدخاله تحت الشك في التكليف لا في المكلف به والأول أحوط وأما النساء فحكم الصلاة حكم اللبس فيهن على الأظهر الأشهر وقد حكى عليه الإجماع ودلت عليه السيرة وعمل المسلمين في الأمصار وفي جميع الأعصار ونفي العسر والحرج وإطلاق روايات اللبس من دون بيان المنع أو إطلاقها باستثناء الإحرام فقد دون غيره وبين هذه الإطلاقات الشاملة للصلاة وغيرها وبين روايات المنع من الصلاة الشاملة للأنثى والذكر عموم من وجه والترجيح للإطلاقات الأدلة لاعتضادها بما ذكرنا وقد يناقش في شمول إطلاق اللبس لجواز الصلاة ويدعى أن الثاني ليس من أفراد الأول ولا يضر فالقوة الأول على كل حال وقبل بالمنع من الصلاة فيهن استناداً لعمومات المنع ولخصوص رواية زرارة (يكره الحرير المحض للرجال والنساء) ورواية الخصال يجوز للمرأة لبس الحرير والديباج في غير صلاة وإحرام والكل ضعيف لقوة عمومات الجواز على عمومات المنع وضعف الروايات تبين مسنداً واحتمال إرادة الكراهة التنزيهية عن الأولى فلا يعارض ما تقدم.

فائـدة:في الحرير

الحرير يجوز افتراشه والصلاة عليه للأصل والخبر الصحيح وغيره بدون معارض سوى بعض العمومات الضعيفة في المعارضة المنصرفة للبس كقوله ((): (هذان محرمان على ذكور أمتي) والرضوي الناهي عن ذلك ولا يقاوم ما تقدم لضعفه ويجوز الالتحاف به والتوسد عليه ما لم يصل الالتحاف إلى حد صدق الاسم اللبس للأصل والسيرة المأخوذة يداً عن يد الكاشفة عن تقرير المعصوم (() ويجوز الكف به والتحنيط والتطريز ما لم يكن كالثوب الآخر ويجوز جعل السفائف والقياطين دائرة على الثوب بنفسه ولو بالإدارة مرات إلا أن يخرج بكثرتها عن جسم قابليتها للستر كسفيفة طويلة أو مكفوف رفيع طويل كذا يجوز وضع الجيوب إذا لم تكن ساترة والأحوط ترك ذلك مطلقاً وترك المكفوف مطلقاً وإن نقل عليه الإجماع وأفتى به المشهور ودلت عليه بعض الروايات النبوية لقوة العمومات المانعة والأولى أنه لو استعمل المكفوف أن لا يزيد على أربع أصابع مضمومة لا مفتوحة وإن احتملها بعض الأصحاب لظهور النبوي الدال على جواز المكفوف بالمضمومة لقوله: (ينهى عن الحرير إلا في موضع إصبع أو إصبعين أو ثلاث أو أربع والظاهر منها بل المتيقن هو المضمومة وقد يفرق في الاحتياط بين اللبس والصلاة فيترك بالثانية للاحتياط ولقوله (() في الموثق عن الثوب يكون عمله ديباجاً قال: (لا تصل فيه) ويلبس في الأول لفتوى المشهور والإجماع المنقول على جوازه والقول بعدم الفرق لم يثبت لقوله (() لا بأس بالثوب يكون سداه وزره وعمله حريراً ولقائل أن يقول يجوز المكفوف والعلم واللبينة وهو الجيب لبساً وصلاة مطلقاً ساترة أم لا قابلة للستر أم لا زائدة على أربع أصابع أم لا لإطلاق بعض الأخبار وفتاوى بعض الأصحاب سيما في المكفوف ولكنه لا يقاوم إطلاق الفتوى والرواية بالمنع المؤيدين بالاحتياط اللازم في الصلاة.