پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج8-ص10

بحيث بينما أن وقت المغرب هو الغروب بالإجماع ولكن وقع الخلاف فيما يتحقق به الغروب فهل هو غيبوبة القرص عن الناظر مع عدم الحائل أو هو غيبوبتها عن الآفاق حقيقة اللازم لغيبوبة الحمرة المشرقية عن الجانب الشرقي إلى الجانب الغربي قولان والأظهر الثاني للاحتياط للازم في العبادة عند الشك في الخروج عن العهدة وللاحتياط اللازم من استصحاب بقاء الليل ووجود النهار ولفتوى المشهور ولما ظهر من الإجماع المنقول وللأخبار المتكثرة الدالة على ذلك فمنها إخبار عرفات المحدودة بغروب الشمس فان الحكم فيها معلق على ذهاب الحمرة من الجانب الشرقي ومنها الإخبار المعلقة لوجوب الإفطار وصلاة المغرب على ذهابها ومنها الإخبار المبينة لكون سقوطها دليلاً على سقوط القرص كما ورد فيها أنها إذا جاوزت قمة الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الإفطار وسقط القرص وفي آخر إذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعني من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض وغربها وفي أخر إذا غابت ههنا ذهبت الحمرة ههنا ومنها الإخبار المشعرة بالأمر بها كقوله (() في المغرب قليلاً وكما في الموثق أني احب إذا صليت أن أرى بالسماء كوكباً كما في آخر وقال أن الله تعالى يقول: (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا) فهذا أول الوقت كما في ثالث وسألت أبا جعفر (() عن وقت إفطار الصائم قال: حتى تبدأ ثلاثة انجم كما في رابع فان الظاهر منها أن المراد بها ذهاب الحمرة وهذه تعبيرات باللازم ومنها الأخبار الآمرة بالاحتياط بانتظار مضيها وفيها أني أرى لك أن تنتظر حتى تذهب الحمرة وتأخذ بالحايطه لدينك وهذه الإخبار مؤيدة بفتوى الجمهور وبمخالفة العامة لأن الظاهر أن أشعارهم كان على دخول الوقت بغروب الشمس عن الناظر كما أن أشعار الشيعة كان بغروب الحمرة كما يظهر من الروايات ذلك وكذا من أصحاب الأئمة (() حيث رأو رجلاً يصلي وهم ينظرون إلى شعاع الشمس والمراد بالشعاع الحمرة كما هو ظاهر فدعوا عليه وقالوا شاب من شباب المدينة فتبين أنه ابو عبد الله (() وذهب جملة من أصحابنا إلى أن وقت المغرب هو سقوط القرص تمسكاً بقوله وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها كما في الصحيح وإذا غابت الشمس دخل الوقتان كما في أخر والمتبادر من الغيبوبة هي الغيبوبة عن الناظر والحس لا الغيبوبة عن الافاق حقيقة ووقت المغرب إذا غاب القرص كما في ثالث ومثله في رابع وحين سقط القرص في خامس وهو ضعيف لأنا نقول بموجبها وبقيدها بما قدمنا من أرادة السقوط الحقيقي الذي يدل عليه غيبوبة الحمرة حملاً للمطلق على المقيد والظهور لا يعارض النص لوجوب صرف المطلق عن ظاهرة إلى الفرد النادر وإذا كان منصوصاً عليه على أن هذه الإخبار موافقة للعامة ومخالفة لفتوى المشهور فلا تصلح للاعتماد عليها كما ورد في عدة إخبار من الأمر بالصلاة أيضاً من دون تفحص ونظر إلى سقوط القرص وعدمه وفيها أنا ربما صلينا ونحن نخاف أن تكون الشمس باقيه خلف الجبل قد سترها عنا الجبل فقال ليس عليك صعود الجبل كما في الموثق وصعدت مرة جبل أبي قبيس والناس يصلون المغرب فرأيت الشمس لم تغب إنما توارت خلف الجبل من الناس فلقيت أبا عبد الله (() فأخبرته بذلك فقال لي ولم فعلت ذلك بئسما صنعت أنما نصليها إذا لم نرها خلف جبل غابت أو غارت ما لم يجللها سحاب أو ظلمه وإنما عليك مشرقك ومغربك وليس على الناس أن يبحثوا وأما ما قيل من النقض على كون ذهاب الحمرة المشرقية علامة على الغروب أنه لو كان كذلك لكانت الحمرة المغربية علامة على الطلوع سيما في الحمرة البادية قبل طلوع الشمس فمنظور فيه لأنه قياس مع الفارق لصلاح كون المشرقية علامة دون المغربية كما نراه في الشفق المغربي المشير إلى جملة من الليل ولو رود النص في أحدهما دون الأخر وهو الفارق وهو المدار على الحمرة التي تكون في جنب مطلع الشمس المختصة بربع السماء كما هو المفهوم من إطلاقها وقد يقال باختصاصها بالحمرة المتعارفة المعهودة وهي اقل من ذلك والمدار على الاحمرار فلا عبرة بالاصفرار وشبهه وأن كان الاحوط انتظار ذهابه لما روي أن الرضا (() كان يصلي إذا أقبلت الفجة ويظهر من بعضهم أن أول وقت المغرب أسوداد الأفق ومن بعضهم أنه بدو ثلاثة انجم وهما شاذان واما أول وقت العشاء فهو بعد صلاة المغرب بمقدار إدائها للنصوص المستفيضة المتضمنة لجواز فعلها قبل ذلك على الاضطرار وبدونها المؤيده بفتوى المشهور بل الاجماع المخالفة لفتوى العامة الموافقة للسيرة القطعية والعمل المحقق خلافا لجملة من أصحابنا فجعلوا وقته غيبوبة الشفق أما مطلقاً أو في حالة الاضطرار استنادً الخبرين تضمنا أن وقتهما بعد ذهاب الحمرة وهما محمولان على الحمرة المشرقية من باب المقاربة لقصر صلاة المغرب أو على التقية أو على الأفضلية لمكان النافلة لمريد التنفل لا لنفسه لما ورد من الإخبار الداله على فعل رسول الله (() لصلاة المغرب والعشاء قبل الشفق وانه جمعها بأذان واحد من غير علة بحيث آخر وقت العشاء بين نصف الليل للإخبار المستفيضة للإخبار المصرحة بذلك والكتاب المفسر بالأخبار المتكثرة أن غسق الليل نصفه ولفتوى المشهور بل كاد أن يكون مجمعاً عليه بيننا والمتبادر من نصفه هو ما كان بين غروب الشمس وطلوع الفجر وهو الاحوط ويحتمل التنصيف لما بين الغروب وطلوع الشمس ولكون انحدار النجوم إلى نحو المغرب وتشعر به بعض الإخبار أيضا والاحتياط لا يخفى خلافاً لمن جعل أخره طلوع الفجر إما مطلقاً أو في الاضطرار والعذر لما ورد لا تفوت صلاة النهار حتى تغيب الشمس ولا صلاة الليل حتى يطلع الفجر والصحيح أن نام الرجل أو نسي أن يصلي المغرب والعشاء الأخيرة فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليها فليصلهما فان خاف أن تفوته أحدهما فليبدأ بالعشاء ونحوه رواية أبي بصير وللإخبار الامره بهما قبل الفجر إذا طهرت الحائض فان ظاهره الأداء لا القضاء والكل ضعيف لا يقاوم ما قدمناه من الإخبار الموافقة للكتاب والمشهور والمخالفة لفتوى الجمهور ويزيد في ضعفها موافقتها لفتوى العامة وخلو إخبار المواقيت على كثرتها منها ومعارضتها لما اشتهر في الإخبار أن لكل صلاة وقتين لاستلزامه على قولهم التثليث ومعارضتها بعض الإخبار الناهية عن تاخير صلاة المغرب وصلاة العشاء عن نصف الليل وللإخبار الامره بقضاء صلاة العشاء لتاركها إلى ما بعد الانتصاف والأمر بالاصباح حتى أوجبه المرتضى وادعى عليه الاجماع والأمر بالاستغفار وترتب هذه الاحكام على صلاة المغرب بالطريق الأولى وخلافاً لمن جعل أخره غيبوبة الشفق مطلقاً للنصوص المستفيضة الدالة على ذلك وفيها الصحيح والموثق وغيرهما وهو ضعيف لضعف الاخبار عن المقاومة لما تقدم فلتحمل أما على التقية كما حكي عن جماعة من العامة من أصحاب أبي حنيفة أو على شدة الفضيلة واعلى مراتبها في الفضل مضافاً إلى مادل من الإخبار المستفيضة بجواز تاخير المغرب في السفر إلى ثلث الليل كما في الصحيح أو ربعه كما في الموثق أو إلى خمسة أميال من المغرب كما في الصحيح وغيره أو الى ستة أميال كما في الخبر وفي جملة منها جواز تاخيره عن الشفق في السفر خاصة كما في الصحيح ولا بأس أن توخر المغرب في السفر حتى يغيب الشفق قال لا بأس بذلك في السفر وأما في الحضر فدون ذلك شيئاً أو مطلقاً كما في ظاهر الصحيح رائياً الرضا (() وكنا عنده لم يصل المفرب حتى ظهرت النجوم وفي الخبر كنت عند أبي الحسن الثالث (() يوما فجلس يحدث حتى غابت الشمس ثم دعا بشمع وهو جالس يتحدث فلما خرجت منه نظرت وقد غاب الشفق قبل أن يصلي المغرب ثم دعا بالماء فتوضا وصلى وفي الموثق في الرجل يصلي المغرب بعدما يسقط الشفق فقال لعلة لا بأس وخلافاً لمن فعل اخر وقته للمختار غيبوبة الشفق وربع الليل للمضطر جمعاً بين النصوص المانعة على الاطلاق والنصوص المرخصة للتأخير إلى ربع الليل للمسافر وغيره من ذوي الحاجة وهو لا يقاوم ما تقدم من وجوه عديدة فلتحمل على بيان الوقت الفضيلي الذي يتسامح في أمره في السفر والعذر والمرض والحاجة ويكون للمغرب فضيلتان.

أولهما:أفضل اجزاها وأجزائي ويمكن جعل فضيلي رابع وهو ثلث الليل كما يشير إليه بعض الروايات الصحيحة من أن وقت المغرب في السفر إلى ثلث الليل وخلافا لجماعة في اخر وقت العشاء فجعلوه ثلث الليل أما مطلقاً للخبرين وقت العشاء حتى يغيب الشفق إلى ثلث الليل كما في أحدهما وفي الاخر آخر وقت العشاء ثلث الليل أو مقيداً بكونه للمختار وللمضطر إلى نصف الليل للموثق العتمة إلى ثلث الليل أو إلى نصف الليل وذلك التضييع وهو ضعيف لا يعارض ما تقدم وما ورد بالخصوص من أن اخر وقت العتمة نصف الليل وما ورد عن النبي (() لولا أن اشق على أمتي لأخرت العشاء إلى نصف الليل وما ورد في الموثق وانت في رخصة إلى نصف الليل وظاهر ذلك أنه وقت يجوز التاخير إليه من غير عذر ويؤيد بما تقدم من الأدلة كتاباً وسنة وربما يظهر من بعض الاخبار استحباب تاخير صلاة العشاء مطلقاً أو تأخيرها إلى ثلث الليل أو تأخيرها إلى النصف ولكنه لا نقوله ويحمل ما جاء في ذلك مثل قوله (() لو لا أني أخاف أن اشق على أمتي لأخرت العتمة إلى ثلث الليل وفي أخر إلى نصف الليل على أرادة نفي الاستحباب وثبوته لولا المشقة وليس المراد ثبوته نفي الفعل منه (() لولا المشقة.

القول في صلاة الفجر: