انوار الفقاهة-ج8-ص2
ووجوبها في الجملة من ضروريات الدين فمستحلها كافر إذ لم يسبق في حقه شبهة مسموعة وتاركها من أهل الكبائر والواجب منها معلوم وأن وقع الكلام في وجوب بعض منها كالجمعة والعيدين في الغيبة والحضور وسيجي الكلام إن شاء الله تعالى فيما فيه الكلام وهي عمود الأعمال واحسن ما يتقرب به العبد إلى حضرة ذي الجلال حتى ورد إنها إن قبلت قبل ما سواها وأن ردت رد ما سواها وقد اشتملت على فنون العبودية والابتهال وحوت جميع طرائق الخضوع والتذلل والسؤال وهي من الماهيات المخترعة والهيئات المنشرعة مبينة التسمية مجملة المسمى معروفه اللفظ مجهولة المعنى موضوعة للفرد الصحيح لدوران الاسم مدار الصحة وجوداً وعدماً على أن التقييد داخل في الوضع والمقيد خارج عن الموضوع له ولم في البيان القولي أو الفعلي ببيان مجملها وإظهار مفصلها لاختلاف الإخبار واضطراب الأنظار وبعد الآثار عن الأئمة الأطهار ولا يجوز فيها إجراء الأصول لانقطاعها فاشتغال الذمة بها وعدم انصراف أدلتها لما تيقن اشتغال الذمة به وكان للمكلف طريق للوصول إليه فطريق الوصول باب الاحتياط والأخذ بالمشكوك في شرطيته وجزئيته والترك للمشكوك في ما نعيته وناقضيته ما لم يرد إلى العسر والحرج المنفيين عقلا وشرعاً الغير قابلين للتخصيص كالأخذ بالشكوك الغير المعتبرة والأوهام البعيدة والخيالات الغير سديدة ومنها المندوب وهو كثير وحكمه في الأجمال حكم الواجب وكل شرط في طبيعتها أو في الواجب منها عدم القطع بترتبه على نفس الإيجاب وصفته فالأصل فيه التسوية إلا أن يقوم دليل على الخلاف وكذا ما شرط في المندوب منها فالأصل أجراؤه في الواجب ما لم يقطع بترتبه على نفس النقل أو الاستحباب ومن المندوب الرواتب اليومية وهي في الجملة من الضروريات وكونها أربع وثلاثين ركعة من الاجماعيات والنصوص بها متظافرة والإخبار متكاثرة فمنها الفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة منها ركعتان بعد العتمة جالساً يعدان بركعة وهو قائم الفريضة منها سبع عشرة ركعة والنافلة أربع وثلاثون وفي آخر كان رسول الله (() يصلي من التطوع مثلي الفريضة إلى غير ذلك من الإخبار وتفصيلها ثمان ركعات للظهر قبل صلاة الظهر وثمان للعصر قبل صلاة العصر وأربع للمغرب بعدها وركعتان بعد العشاء من جلوس يعدان بواحدة وثمان لليل وركعتان للشفع بعدها وركعة للوتر بعدهما وركعتان للفجر للإخبار واتفاق العلماء الإخيار ومنها الزوال ثمانية وأربع بعد الظهر وأربع قبل العصر وركعتان قبل المغرب وركعتان قبل العشاء الآخرة وركعتان بعد العشاء من قعود تعدان بركعة من قيام وثمان صلاة الليل والوتر ثلاث وركعتا الفجر والأخبار متظافرة بهذا المضمون وهذه هي الوظيفة الأصلية وللمصلي أن يصليها تماماً وله أن يصلي بعضها بنية أنه من الوظيفة إلا أنه هو الوظيفة لانحلال الخطاب بها إلى خطابات متعددة غير مشروط بعضها ببعض وقد تحصل الوظيفة رخصة من الشارع بسقوط أربع من العصر واثنين من المغرب سيما للمشغول بحاجة ففي الصحيح إني رجل تاجر اختلف واتجر فكيف لي بالزوال والمحافظة على صلاة الزوال وكم اصلي قال تصلي ثمان إذا زالت الشمس وركعتين بعد الظهر وركعتين قبل العصر فهذه اثنتي عشر ركعة وتصلي بعد المغرب ركعتين وبعد ما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر ومنها ركعتا الفجر وفي آخر الذي يستحب أن لا يقصر عنها في عدتها إلى أن ترك ذلك وظيفة ثانية أيضاً وفي آخـر سألت أبــا عبد الله (() عن أفضل ما جرت به السنة من الصلاة فقال تمام الخمسين وفيه إشعار بتحقيق الفضل للأولى مرتبة وفيه أيضاً ترك الوتيرة وتسقط في السفر نوافل الظهرين تبعاً لقصرهما إجماعاً مصرحا به في كلام جماعة وفي الصحيح الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلها ولا بعدهما شيء إلا المغرب فان بعدهما أربع ركعات لا تدعهن في حضر ولا سفر وفي أخر لو صلحت النافلة في السفر تمت الفريضة ويفهم منه إذا لم تتم الفريضة لم تصلح النافلة وهل تسقط في مواضع التخيير مطلقاً أو لا تسقط مطلقاً أو تتبع ما تتلوه من الصلاة فان كان قصراً سقطت وأن كان تماماً أتي بها ما لم تقصر من الصلاة لا تسقط نوافلها كالمغرب والصبح وكذا ما لم تتبع صلاة أخرى وقتا أو فعلاً كصلاة الليل للأخبار والاستصحاب والإجماع وأما الوتيرة ففي سقوطها قولان أقواهما وأحوطهما السقوط للصحاح النافية للنافلة المفروضة المقصورة وللإجماع المنقول والشهرة المحصلة ولأن وضع السفر على التخفيف والسهولة وقيل بعدم السقوط وادعى في الامالي أنه من دين الأمامية وللاستصحاب ولأن الصلاة خير موضوع فمن شاء استقل ومن شاء استكثر ولرواية رجا أبن الضحاك المتضمنة لفعل الرضا (() ولخبر الفضل بن شاذان عن الرضا (() إنما صارت العشاء مقصورة وليست يترك ركعتاها لأنها زيادة في الخمين تطوعاً ليتم بها بدل كل ركعة من الفريضة ركعتان من التطوع وللأخبار المتضمنة لعدم احتسابها من الرواتب وإنما زيدت لتمام العدد أو ليتدارك بها صلاة الليل لو فاتت وأنها وترا تقدم لذلك والكل ضعيف لا يقاوم ما تقدم.
فوائد في صلاة النوافل:
الأولى:الأظهر أن النوافل وظائف للفريضة وأن تبعتها في الوقت لرواية عمار لكل صلاة مكتوبة ركعتان نافلة ولما ورد من الله يكمل الفرائض بالنوافل فيفهم أن مشروعيتها لها وقد يقال أنها وظائف للوقت كما هو إطلاق كثير من الإخبار المعلقة للأمر بها على الوقت وعلى ما قبل الظهر وبعد الظهر وغير ذلك وقد يقال أنها وظائف لهما معاً فيلاحظان معاً والأمر سهل في ذلك لأجزاء نية هذا الفعل الموظف في هذا الوقت ولا يحتاج إلى قصد أنه وظف له أو للنفل أولهما وفي بعض الإخبار وكلام الأصحاب إضافة النافلة لأسماء الأوقات ولا دليل فيها على أنها للوقت لاشتراك أسماء الأوقات بينها وبين الصلاة فلم يعلم المراد.
الثانية:الثماني التي بعد صلاة الظهر قيل بأنها وظيفة للظهر وقبل بأن ستاً منها للظهر وأثنين للعصر ويشعر به خبر سليمان بن خالد وفيه ست ركعات بعد الظهر وركعتان قبل العصر وخبر عمار وفيه إلا العصر فأنها تقدم نافلتها وهي الركعتان اللتان تمت بهما الثمان وقيل بالتنصيف ويشعر به خبر زرارة وأبي بصير بعد الظهر ركعتان وقبل العصر ركعتان وفي أخر أربعاً بعد الظهر وأربعاً بعد العصر وقيل بأن الكل للعصر ويشرم رواية ابن سنان سئل الصادق (() لاي علة أوجب رسول الله (() صلاة الزوال ثمان قبل الظهر وثمان قبل العصر فقال (() لتاكيد الفرائض لأن الناس لو لم يكن إلا أربع ركعات آلخ وهذا هو الأظهر والأشهر والأمر فيه سهل بعد ما بيناه من أجراء النية المطلقة.
الثالثة:يشترط في النوافل القبلية والبعدية للفرائض كما هو موظف في الروايات للاحتياط وتوقيفية العبادة وللناسي المحقق بأهل العصمة (() وشبهه التطوع في وقت الفريضة فيما وظيفتها التأخير ولو أخرت المتقدمة على الفريضة أحتمل التزام نية القضاء بها وهو بعيد والأحوط نية القربة المطلقة أن تؤخر الإتيان بها إلى أن يفرغ من الفريضة كمن أخر نافلة الزوال إلى أن صلى الظهر فان الأحوط له أن لا يصليها إلا بعد العصر وعلى كل حال فلا يجوز له نية الوظيفة بها بعد مخالفة النحو للمعهود من الترتيب.