پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج7-ص21

سابعها : لو تاب الفاسق ولم يكن متهما بتوبته فهل تقبل شهادته بمجرد التوبة أم لا بد ان يستبان أمره على الصلاح بالمعاشرة والمحافظة قيل ونسب للشيخ انه يكفي في قبول شهادة الفاسق ان يقول ثبت عقيب قول الحاكم له ثبت اقبل شهادتك لصدق التوبة المقتضى لعود العدالة مع انتفاء المانع فيدخل في عموم قبول شهادة العدل وفيه انه لا يتم ذلك إلا بشهادة من فسق بعد عدالته وبان الفسق بعد العدالة رافع لحكمها لا لنفس العدالة وكلاهما في محل نظر أمّا الأول فلأن محل البحث فيما هو اعم من الفاسق الابتدائي ومن الذي فسق بعد عدالته وأما الثاني فلإمكان القول بأن فعل الكبيرة موجب لذهاب العدالة وزوال الملكة فعودها يحتاج إلى ما يحتاج إليه بدؤها من ثبوت عدول العدالة إلى الصحبة المتكررة والخطبة المتأكدة المنبئة عن حصول الملكة بعد زوالها ولا يكفي دفع نفس الفسق في قبول الشهادة لو قلنا ان التوبة ترفع الفسق بل لا بد من ثبوت العدالة ولذا لو لم يتصف الإنسان بالفسق ولا عدالة كحالة أول البلوغ واول إفاقة المجنون أو إسلام الكافر حيث جب الإسلام ما تقدمه اشكل الحال في قبول شهادتهم لاشتراط القبول بالعدالة لا بنفي الفسق على الأظهر وان كانت آية النبأ وقد تدل على ذلك ولكن غيرها يدل على خلافه على ان مجرد إظهار التوبة ليس دليلاً حقيقاً علينا حتى يعلم حصولها بالمخالطة والاستمرار أو العلم بقرائن الأحوال لأنها من الأمور الباطنية المفتقرة إلى الاستخبار والاستعلام ومجرد صدور ما يدل عليها من صيغة التوبة غير كاف إلا بضميمة أصالة الصحة وقيام أصالة الصحة هنا في قبول الشهادة مقام العلم محل تأمل بل منع نعم يكفي هنا بعد إظهار التوبة إظهار الصلاح في الجملة والاستمرار على أثرها كذلك ولا يشترط فيها كما يشترط فيمن لم يظهر التوبة أهلا سيما لو تقدمت عدالته وكذا لو قطعنا بصدق توبته فإن الأظهر عدم الاكتفاء بذلك حتى يستمر على إصلاح حاله زمنا يطمئن بعود عدالته فيه وقيل بالثاني وهو المشهور استنادا إلى جملة ما ذكرناه في الرد على الشيخ ( والى ان التوبة بقبول الشهادة غير مجزية لاشتراط الإخلاص فيها ونية القربة ولاشتراط كون الداعي فيها هو قبح الذنب حتى يتحقق الندم على ما فات والعزم على عدم صدور مثله والتوبة بقبول الشهادة منافية للأمرين معاً وقد يناقش في اشتراط القربة والإخلاص في التوبة وفي جعلها عبادة بالمعنى الأخص بل الظاهر كفاية وقوعها على أي نحو اتفقت فهي إلى كونها معاملة اقرب وفي اشتراط كون الداعي لها هو قبح الذنب لا أمر آخر بل الظاهر كفاية وقوعها خوف العقاب أو خوف وقوع أمور دنيوية أو طمعا في أمور آخروية أو دنيوية على ان معرفة الغاية لا تترتب على إظهار إصلاح العمل وعدمه فربما يستمر التائب على توبته وغايته أمر دنيوي وربما قبولها ويعرف من الابتداء ان غايته الإخلاص نعم في جملة من الأخبار ما يظهر منها إذ مجرد التوبة سبب لقبول الشهادة وهي محمولة على من عرف صلاح حاله وعود الملكة إليه بمجرد التوبة كما يقع من كثير ويجوز تبعيض التوبة عن الذنوب أنواعاً أو أشخاصاً ويلزم فيها الندم على ما تقدم والعزم على العدم ولا يشترط فيها لفظ خاص بل لو فعلها بقلبه اجزأ وان كان الأولى إظهارها باللفظ وهل الاستغفار اللفظي مع تعقيبه بلفظ التوبة عند عدم الندم والعزم على العدم عبادة تعبدية أو لا تكون عبادة إلا مع ذلك يظهر من الأخبار إنها عبادة مطلقا بنفسها ولولا ذلك لكانت اقرب إلى المعصية لدخولها فيهما فيما يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم فهي إلى الكذب والمكر اقرب والله هو الساتر. ويظهر مما ذكرنا من جواز تبعيض التوبة جواز التوبة عن فعل دون التوبة عما ترتب عليه من ترك واجب أو فعل محرم فيصح ان يتوب عن القتل وان لم يمكن نفسه للقصاص وعن غصب الأموال ابتداء وان ماطل عن وفائها وعن الزنا وان منع نفسه من الحد وعن السرقة وان امتنع عن ردها وبالجملة قد يتوب عن ابتداء المعصية وان لم يتب عما ترتب عليها من قضاء صلاة فوتها أو أداء مال غصبه أو عما استدام عليه من آثار فعلها وان كان هو في الأخير اشكل فلا بد من ملاحظة المقامات ومع ذلك فالتوبة الحقيقة المنجية صاحبها والمصفية له عن الكدورات والمرقية له إلى أعلى الدرجات ان يتخلى بعد التوبة عن إتيان ذلك الذنب وعن شوائبه وما يلحقه من الاوزار فقد قال أمير المؤمنين ( : التوبة تجمعها على الماضي من الذنوب الندامة وللفرائض الإعادة ورد المظالم واستحلال الخصوم وان لا تعزم على ان تعود وان تذيب نفسك في طاعة الله كما ربيتها في المعصية وان تذيقها مرارة الطاعات كما أذقتها حلاوة المعاصي وقوله ( وقد سمع قائلاً يقول : استغفر الله . قال ( : ثكلتك أمك اتدري مالاستغفار ان الاستغفار درجة العليين وهو اسم واقع على ستة معاني أولها الندم على ما مضى الثاني العزم على ترك العود إليه أبداً الثالث ان تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله سبحانه ليس عليك تبعة الرابع ان تعمد إلى فريضة ضيعتها فتؤدي حقها الخامس ان تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى يلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد السادس ان تذيق النفس الم الطاعة كما اذقتها حلاوة المعصية، إلى غير ذلك مما كان المقصود منه الفرد الكامل من التوبة أو المتعلقة بكل ذنب أو بكل ترك مندوب أو ارتكاب مكروه فإن الظاهر ندب التوبة عن ترك المندوبات وعن ارتكاب المحرمات بل عن فعل المباحات ما عدا ما يتقرب به إلى رب الأرضين والسموات ويتحقق التوبة عن غصب أموال الناس بإرجاعها بعد موتها إلى أهلها الوارثين لها فالمطالب هو الوارث حتى لو رجع إلى الإمام ( كان هو المطالب وعلى ذلك فيمكن إرجاع الجميع إلى الإمام ( لأنه بعد فناء الورثة يبقى المال له ويمكن ان يكون المطالب هو الله تعالى لأنه هو الذي يرث الأرض ومن عليها نعم حق الظلم وحق الحبس يبقى لصاحب المال الأول ولمن بعده من ورثته فيطالبون به قطعاً والله تعالى يفصل بينهم وفي بعض الأخبار ان الدين إذا صولح عنه الورثة كان المصالح به لهم وما بقى للميت يستوفيه منه في الآخرة. وان لم يصالح به الورثة كان للميت يأخذه منه ولا بأس بالعمل به والقول بأن المال عند انقطاع الوارث يعود لصاحبه الأول لاجتراء الغاصب عليه فيعود حقه له والتوبة عن أذى المؤمن وغيبته وشتمه وإهانته وضربه والتقصير مع زوجته والجرأة على والديه فينبغي لها مع الندم على الماضي والعزم على المستقبل الرجوع إلى صاحب الحق وارضائه وبراءة ذمته منه بل وقد يجب في كثير من المقامات فتكمل العزيمة بذلك بل ينبغي في كثير من الحقوق الإلهية لتنقيته النفس وصقلها من الخبائث ورفع ظل المعاصي منها بنور الطاعات فإن الحسنات يذهبن السيئات وطيب الطاعة يرفع خبث المعصية كما ان من لم يتمكن من الوصول إلى صاحب الحق كالمستغاب أو المقذوف لموت أو تقية ينبغي له إيصال الإحسان إليه في الدنيا والآخرة والاستغفار له بعد موته وكثرة الأعمال الصالحة لنفسه كي يفصل الله تعالى ذلك الحق ويحكم بينهما بلطفه وهو اللطيف الخبير.

ثامنها : الحاكم بعد حكمه لو تبين له عدم قبول شهادة شهوده عند الحكم لفسق أو تهمة أو كونه ولدا أو عدو انقض حكمه وللحاكم الآخر أيضاً كذلك سواء كان التبين لعلم عادي أو لبينة شرعية قامت بذلك كما إذا أقامها المنكر على المدعي عند ذلك الحاكم أو غيره وتسمع دعوى المنكر على المدعي لو ادعاه بذلك نعم لا تسمع الدعوى على الحاكم وقد يقال لا تسمع الدعوى مطلقا بعد حكم الحاكم للزوم ذلك عدم استقرار الحكم للحكام والتسلسل في الدعاوى نعم لو علم ذلك من أمور خارجية أو قرائن قطعية انتقض الحكم بل قد يقال بكفاية ظاهر العدالة عند الحاكم حين الحكم ولا عبرة بالفسق الواقعي ويقوى بالنسبة إلى الفسق عدم سماع الدعوى والبينة بالجرح بعد حكم الحاكم وان قلنا بسماعها في غير ذلك لأن ثبوت الفسق بالبينة بعد حكم الحاكم وظهور العدالة عنده ليس بأقوى من ثبوت الحق بحكم الحاكم ممن ظاهره العدالة فيحصل الشك في جواز نقض الحكم بعد صدوره بالفسق الثابت بالشاهد بين بعده وان كان ثبوته حين الحكم.

تاسعها: تقبل شهادة القروي على البدوي وبالعكس لعموم الأدلة وشهادة

مجهول النسب والمطعون في نسبه إلى بني أمية أو مروان وذوي الصنائع والحرف وان كانت رديئة ما لم تكن تشتمل على ما ينافي المروؤة ولا يقبل شهادة ولد الزنا الثابت انه كذلك شرعا للأخبار والإجماع المنقول وفتوى المشهور ولضعف درجته من منصب قبول الشهادة كالإمامة لكفره وعدم إسلامه لمنع ذلك حساً وشرعاً ولمنافاته قواعد العدل وما ورد من الأخبار ما ظاهره ذلك محمول على المبالغة أو على أولاد الزنا من النواصب بل هم أولاد الزنا أو مطرحة نعم ورد في رواية قبول شهادته في اليسير من المال مع تمسكه بالصلاح وهي غير قابلة لتقييد أدلة المنع فلتطرح أو تحمل على التقية أو على الكفاية عن عدم القبول فلا يراد باليسير اليسير العرفي بل يراد به اليسير الحقيقي أو هو غير متحقق إذ كل مال يقرض فهناك اقل منه إلى ان يصل إلى ما لا يتمول.

القول فيما يصير به الشاهد شاهدا