انوار الفقاهة-ج7-ص16
ثالثها : في شهادة المملوك أو المملوكة الغير مبعضين خلاف بين الأصحاب فقيل ونسب لأبن عقيل منا بعدم قبولها مطلقا للأصل مع الشك في اندراجه في عموم أدلة الشهادة واطلاقاتها وانصرافها لغيره ولانحطاط منصب العبد عن قبول الشهادة التي هي من المناصب الجليلة إذ بها ينبت الحق والحد والقصاص والرفع والوضع وكل أمر ذي مال ولاشتغال العبد بحقوق المولى عن تأدية الشهادة وتحملها فيناسب عدم قبولها ويرشد إلى ذلك ما روى وقوله تعالى واستشهدوا شهيدين من رجالكم قال أحراركم دون عبيدكم فان الله شغل العبيد بخدمة مواليهم عن تحمل الشهادة وأدائها وللصحيح العبد المملوك ولا تجوز شهادته والآخر عن شهادة ولد الزنا قال لا ولا عبد والموثق الحاكم يرد شهادة العبيد ويراد بلا تجوز في الأول عدم نفوذها مع احتمال حرمتها وعلى كل حال فهو صريح في عدم القبول ويضعفه ندرة القائل وموافقته للعامة حتى صار مشهوراً عند الإمامية ان رد شهادة المملوك من مبتدعات الثاني والرشد في خلافهم ويرده نقل الاجماع متكرراً على قبول شهادة العبد في الجملة المعتضد بفتوى المشهور فلابد من حمل الاخبار المانعة على التقية أو على الكراهة أو علي ما إذا كانت على المولى كما هو الاظهر الاشهر وقيل تقبل مطلقاً إلا على المولى تسوية بين المولى والوالد في حرمة عصيانه وعقوقه ومرجوحية الرد عليه واظهار عيوبه وكذبه ونسيه للأكثر لعموم الادلة خرج منها ما كان على المولى جمعاً بين الاخبار وموافقة للاعتبار وللصحيح في رجل مات وترك جارية ومملوكين فورثهما أخ له فاعتق العبدين فولدت الجارية غلاماً فشهدا بعد العتق ان مولاهما اشهدهما انه كان يقع على الجارية وان الحمل منه قال تجوز شهادتهما ويردان عبدين كما كانا وظاهره ان الشهادة لمولاهما الحمل على مولاهما الاخ بعد العتق فلو كان قبله ويدل عليه ايضاً الاجماعات المنقولة وما نقل عن كنز العرفان انه قال وعن أهل البيت روايات أشهرها واقواها القبول إلا على سيده ويؤيده الشهادة على مولاه غالبا من الاقرار في حق الغير فيما لو تعلق بالعبد بجناية أو قصاص أو بيع نفسه أو شرائها من مولاه ولا يقبل من العبد هذا الاقرار كما هو ظاهر الاصحاب فلو سمعت شهادته على مولاه لسمع اقراره لانه في قوة الشهادة وقد يضعف هذا القول بمنع مساواة العبد للولد واولويته لمكان القياس الممنوع ومنع صراحة ما في كنز المعرفات بالنقل عن أهل البيت ( ولو سلم فهو مرسل لضعف الظن بوجوده لعدم عثور قدماء اصحابها ومتأخريهم عليه وضع صراحه صحيح الحلبي في المنع عن قبولها على السيد قطعا ومفهوم الوصف فيها من كلام الراوي على انه ضعيف ومنع صراحة الاجماعات المنقولة بالمنع في القبول على السيد بل ظاهراً سوقها انها بقبولها بالنسبة إلى غيره ومنع ملازمة منع قبول اقرار العبد المسلم من حيث أنه اقرار في حق الغير لمنع قبول شهادته على سيده في مقام الشهادة والفرق بين المقامين واضح ولو سلم فهو اخص من المدعى وقيل تقبل مطلقاً وحكي عن جماعة لعموم الادلة وخصوص الصحيح تجوز شهادة العبد المسلم على الحر المسلم وان كان في نسخة لا تجوز والاخر لا بأس بشهادة المملوك لفلان وثالث أن الإمام ( أجاز الشهادة وان اول من رد شهادة المملوك عمر وفيه ان القول به نادر والمنع في الجملة من قبيل المجمع عليه فلا يترك بحال وقيل لا تقبل مطلقاً إلا على المولى لبعد التهمة فيها وجمعاً بين الادلة وهو قول متروك وقيل ونسب لابن الجنيد تقبل على مثله وعلى الكافر دون الحر المسلم للجمع بين النصوص ولمفهوم قوله ( لا تجوز شهادة العبد على الحر المسلم وقوله ( تجوز شهادة المملوك من أهل القبلة على اهل الكتاب ولما روى عن علي ( انه كان يقبل شهادتهم على الاحرار وضعفه ظاهر لمكان الندره ولعدم صلاحيته للجمع بين ولضعف المفهوم الدال على النفي فلا يصلح مستند المنع قبول شهادته على الاحرار وان أمكن تقريبه بالاعتبار وقيل ونسب لأبي الصلاح أنها تقبل لغير مولاه وعليه وترد لمولاه لمكان التهمة وعليه لمكان العصيان والعقوق ولأن فيه جمعاً بين الاخبار وضعفه ظاهر لمنع حصول الجمع ومنع حصول التهمة فيما لو كانت له وضع مانعية العصيان لو كان له وتحققها لو كانت منه وقيل ونسب لأبناء بابويه بقبولها لو كانت لغير سيده ومفهومه ولو كانت على سيده وردها لو كانت لسيده مطلقاً للجمع بين الاخبار ولقوله ( الرجل المملوك المسلم تجوز شهادته لغير مواليه في الدين والشيء اليسير وضعفه ظاهر لضعف المفهوم وعدم دلالته على تمام مدعاهما وفي رواية عن المكاتب قال تجوز شهادته في القتل وحده ولا قائل بمضمونها والاظهر في النظير في الاخبار والعمومات الدالة على قبول شهادة العدل مطلقاً والأخبار المانعة من قبول شهادة المتهم والاعتبار القاضي بان العبد مملوك وان ملك الشخص لشيء يزيد من اتهامه على نفسه وما دل على انحطاط مرتبته بالنسبة إلى مولاه وعلى ان العبد لا يقدر على شيء والجمع بين الاخبار المانعة والمجوزة ان العبد لا تقبل شهادته لمولاه ولو بتزكية شهوده ولا على مولاه ولو بجرحهم ويقبل في غير ذلك ولكن حكى الاجماع عن الشيخ بل وعن غيره على قبول شهادته له فان تم اقتصرنا في رد شهادته على شهادته على مولاه فقط والا فالاظهر ما قلناه واذا اعتق العبد جازت شهادته على من كان مولاه وله لعدم المانع إلا ان يكون العتق للشهادة فقد يستشكل فيه لمكان التهمة لأنه كالرشوة حينئذ والاجود انه لا اشكال لأن العدالة مانعة عن ذلك نعم في رواية ان العبد إذا شهد على شهادة ثم اعتق جازت شهادته إذا لم يردها الحاكم قبل ان يعتق وقال علي ( ان اعتق العبد لموضع الشهادة لم يجز شهادته ويمكن حملها على ان الحاكم إذا ردها لفسق كان متستراً به لم تقبل كما تقدم أو على انها إذا ردت لا يكتفي بها حتى يعيدها ويحمل ذيل الرواية على الندب لمكان التهمة المحتملة وفيه دليله على عدم قبول شهادة العبد لمولاه والمجوز يحمله على التقية .