پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج7-ص15

أحدها : لا تقبل شهادة السائل بكفه والكف مثال فكلما كان سؤاله لحمل الأشياء المحقرة بنفسه وكان طلبها له بلسانه أو ظهر ذلك من أحواله ولو بجلوسه ساكتا على الأظهر ترد شهادته لفتوى المشهور والاجماع المنقول والأخبار المعتبرة المتكثرة الدالة على عدم قبول شهادة السائل بكفه وعلى ردها وفي بعضها التعليل بأنه لا يوثق على الشهادة لأنه إن أعطي رضي وإن منع سخط وفيها اشعار باتهامه في الشهادة بعدم مأمونيته ولأن عمله مما ينافي المروة فيؤذن بمهانة النفس وردائه الهمة فلا يؤمن على المال والمرجع الى العرف في تحقيق معنى السؤال بالكف وزيادة على ذلك من جهة مخالفة الحكم للقواعد أنه يلزم الاقتصار على المورد اليقين من فعل ذلك اختيار لا اضطرار ومن المداومة ولو مرة ومن عدم وقوعه لغرض صحيح كالسؤال المضطر آخر ليعينه ومن كونه بنفسه لا بواسطة مسائل أخر ومن كونه على غير جهة الوقار والسكينة ومن كونه أخذاً للمحقرات لا للألوف والمئات ومن كونه يدور في الطرقات لا خفية في الخلوات سيما في الكثير من القطعيات ومن كونه مستدع لها في المقامات لا انه مدفوع له بطريق الهديات ومن أنه على غير المعتاد في العطيات لأهل الرتبات كما يقع من الاغراء من أخذ الحلوانات من الأصدقاء عند الختان والأملاك والأعياد ووقت الأفراح والضيافات والسؤال بالكف إن تضمن إغواء بالفقر وكان غنيا فلا يبعد حرمة سؤاله وحرمة أخذ المال المدفوع اليه بعفوان فقره مع احتمال عدم الحرمة فيهما لعدم دليل صالح للحرمة ومنع حرمة المال المدفوع للمضنون فقره إذا كان الداعي للدفع هو ذلك وكان على خلاف الواقع لأن الدواعي ليست كالشروط فالمال المدفوع لداع هو خلاف الواقع من فقر أو حب أو صداقة حلال والمال المدفوع بشرط ذلك وهو خلاف الواقع حرام نعم لو أخذ هذا السائل مال الفقراء كالزكاة والصدقات المفروضة بل والمندوبة التي ظاهرها اشتراط الفقر حرم عليه المال وإن لم يكن غنيا بل كان قادرا سويا متمكنا من الحرفة والصنعة فالظاهر عدم حرمة السؤال عليه وكذا المال بل لو كان من أموال الفقراء لاحتياجه حين السؤال إلينا وكذا لو صرح فبناؤه وقدرته فانه لا يحرم عليه ذلك نعم السؤال وأكل ذلك مكروه شرعا في المقامين للنواهي الواردة عن السؤال والأمر بالاستعفاف والغناء عما في أيدي الناس والتجنب عن أوساخ الخلق بل لولا جريان السيرة بعدم عد ذلك من المحرمات ولولا ظهور الأخبار في كون ذلك من المندوبات وأنه من مكارم الأخلاق وحسن السجايا كما ورد كثير مثله في محاسن الحلال وتجنب مساوئ الأفعال لكان القول بالحرمة أخذا بظواهر الأدلة قويا جدا والاحتياط يقضي به فالتجنب أولى وأحوط .

ثانيها : كل من تحمل الشهادة غير قابل لقبولها منه لصغر أو تهمة أو فسق أو عداوة أو قلة عقل ثم عاد قابلاً قبلت شهادته لحصول القابلية له حين الشهادة فيدخل في عموم الأدلة والخصوص والروايات المتكثرة وما ورد في الصحيح عن نصراني شهد على الشهادة ثم العلم بعد الحق شهادته قال لا شاذ أو محمول على التقية أو على رد ما شهده حال الكفر وإن تعقبها الإسلام وكل من شهد بالفعل فردت شهادته لمانع لا يعود عليه الرد بنقص أو غضاضة أو مهانة فزال ذلك المانع فأعاد قبلت أيضا لعموم الأدلة وخصوصها نعم لو لم يعدل لم تقبل لبطلان أثرها وإلا فلا يعود قبل إلا ما إذا كان المقام مقام تهمة في دفع شبهة الكذب أولا عن نفسه كما إذا شهد الفاسق المتستر بفسقه فردت شهادته سيما لو كان بجرح عند الحاكم فتاب فأعادها فانه قد يتهم أن التوبة أو الاعادة بعد التوبة أو كليهما إنما كانا لدفع عار والكذب عن نفسه أو لإصلاح حاله ويجري ذلك بالنسبة إلى من تستر بالكفر فردت شهادته فآمن أو تستر عند العداوة ثم عدل عنها أو تستر عن كثير من موانع القبول فردت شهادته فشهد بعد ذلك فان تهمة الحرص على تنزيه نفسه موجودة هذا كله وفي الجميع منه لعدم تسليم حصول التهمة الشرعية والعرفية لا اعتبار بها فيبقى عموم الأدلة سليما عن المعارض ولو شهد لمكاتبه بمال أو لعبده بنكاح فردت شهادته فأعادها بعد عتقهما أو شهد اثنان من الشفعاء بعفو شفيع ثالث قبل أن يعفوا فردت شهادتهما ثم أعاداها بعد اندمالها وعدم سريانها قبلت في الجميع على الأظهر .