انوار الفقاهة-ج7-ص2
أحدها : لا تقبل شهادة الصبي غير المميز وكذا المجنون حال جنونه بديهة ولو ميز الصبي فالاظهر الاشهر بل الاجماع محصلا فضلا عن ان يكون منقولا عدم قبوله شهادته في غير الدم من جرح او شجاج او قتل بل قيل لا يعرف القول به ونسبة الى الشيخ في النهاية وهم لا فرق في ذلك بين بلوغه عشراً وعدمه وبين شهادته بالشئ الدون وغيره ويدل على ذلك مضافا للاجماع بقسميه ولزوم الهرج والمرج في الدين لو قبلنا شهادة من لا حرج عليه ولا جريحه له الاخبار النافية لقبول شهادة الغلام حتى يحتلم او يبلغ فما دل من الاخبار على قبول شهادة الصبيان بينهم كرواية طلحة بن زيد شهادة الصبيان جائزة بينهم مالم يتفرقوا او يرجعوا الى اهلهم او قبولها في الشيء الدون كموثقة عبيد بن زرارة او اذا بلغ عشرا كرواية ابي ايوب الخراز بن اسماعيل بن جعفر ضعيف لا يقاوم شيئاً من ما ذكرناه على ان الاول قابل للتقييد بالدماء والاخير غير مروى عن امام والوسط يحمل على ارادة معاملته بالحقير الذي يعلم اذن الأولياء به واضعف من هذه الاخبار الاستناد الى اطلاقات الشهادة ضرورة انصرافها للبالغين والى الاولوية من غير الدماء والاولوية ممنوعة بعد النص على خلافه وبعد منع الأولوية إذ لعل العلة فيه حفظ الدم كي لا يطل دم امرء مسلم واما شهادتهم في الجراح والقتل فالاظهر الاشهر قبولها في الجملة ونقل عن فخر المحققين عدم قبولها مطلقاً استنادا للاصل وعموم الادلة ولعدم الاعتماد على شهادته ولحمل الاخبار على حصول الظن بالاستفاضة من اخبار الصبيان لأغلبية كثرتهم في الملعب ولا يشترط في الاستفاضة البلوغ وهو ضعيف لمعارضة المقطوع به من النصوص والفتاوي الدالة على قبولها في الجملة ثم على القبول في الجملة فيختص الحكم بالصبي دون الصبية قطعا ودون الخنثى كذلك وبمن بلغ عشراً على الاظهر الأشهر وهل يختص بالجراح او الشجاج او القتل مطلقاً بجراح او غيره اذا لم توجب هذه قصاصا اويعم الصبيان لا يخص وهل يخص بشهادتهم لمثلهم من غير البالغين من الصبيان او ان يكون على مثلهم من الصبيان أو الصبيات بحيث تكون شهادتهم تثبت الدية لاجرحا ولاقوداً اولا لم يخص او ان بشهد واقبل التفرق او الرجوع الى اهله وان يكون اجتماعهم على مباح وان يؤخذ باول كلامهم لا بآخره وان لا يوجد غيرهم ويقول لم اطلع والحال ان الظاهر اطلاعه لو وقع القتل ولا يختص بذلك ومبتني المسالة ان استناد الحكم ان كان هو الروايات فالذي يظهر منها سماعها في القتل مطلقاً كرواية جميل في شهادة الصبيان قال نعم في القتل يؤخذ باول كلامه ولايؤخذ بالثاني منه وكذلك رواية بن حمران وظاهرهما قبول شهادة الصبيان في القتل مطلقاً سواء بلغوا عشراً ام لا وسواء كان القاتل بالغا و المقتول كذلك وعلى بعضهم بعضاً قاتلا او مقتولا او القاتل بالغا و المقتول صبيا او العكس وسواء كان القتل جراح او شجاج او غيرهما من الاسباب وشملهما رواية كتابة محمد بن سنان ومثل شهادة الصبيان على القتل اذا لم يوجد غيرهم الا ان فيها اشتراط عدم وجود غيرهم على معنى حضوره لا على معنى عدم شهادته اذ هو قطعي مع عدالته لأنه لا حاجة الى غيره وتظهر الثمرة لو حضر غيرهم ليسوا بعدول شهدوا بشهادتهم والاظهر انه لو حضر غيرهم من العدول فشهدوا بشهادتهم فلا حاجة الى شهادتهم ولو حضر غيرهم مطلقاً وقالوا ما اطلعنا مع ان الظاهر اطلاعهم لم تقبل شهادة الصبيان بموجب الرواية ولو حضر غيرهم فشهد شهادتهم وان لم يكونوا عدولا قبلت شهادة الصبيان هنا بطريق أولى ومثلها خبر السكوني عن علي( في ستة غلمان كانوا في الفرات فغرق واحد منهم فشهدوا ثلاثة على اثنين انهما عرفاه وشهد اثنان على الثلاثة انهم غرقوه فقضى بالدية ثلاثة أخماس على الاثنين وخمسين على الثلاثة الا ان موردها خاص بشهادتهم على بعضهم بعضاً وفي رواية طلحة في قبول شهادة الصبيان مطلقاً اشتراط مالم يتفرقوا او يرجعوا الى أهلهم فيمكن تقييد إطلاق الروايات المتقدمة بها لان الحكم مخالف للأصل وعلى كل حال فليس في الروايات ذكر الجرح والشجاج فالحكم بسماع شهادتهم بها يجيء من باب الأولوية ويشكل على من يسمعها في القتل الذي هو منطوق الروايات لان الاستناد إلى مفهوم الأولوية من منطوق لا يقول به المستند لا وجه له وقد صرح المحقق بعد أن نسيب قبول شهادة الصبيان في الجراح مالم يتفرقوا إذا اجتمعوا على مباح والتهجم على الدماء تجبر الواحد خطر فالاولى الاقتصاد على القبول في الجراح بالشروط الثلاثة بلوغ العشر وبقاء الاجتماع إذا كان على مباح تمسكاً بموضع الوفاق والظاهر في القول باختصاص القبول بالجراح أن المراد به الجراح الموجب للقصاص كالصادر من البالغ العاقل او الموجب للدية كما أن الظاهر من القائلين بالقبول بالقصاص والقتل ما هو اعم من قصاص النفس او الطرف والقتل العمدي او الخطأ فيشتمل الشهادة على البالغين وغيرهم ولو اراد خصوص الجراح والقتل الصادر من الصبيان لم يكن فذكرهم القصاص من وجه ولا لاقتصار المحقق ومن تبعه على الجراح دون القتل معللين بان امر الوفاء خطر المعنى لانه من المعلوم أن عمد الصبي خطا لايوجب قودا ولا قصاصا ولا دما نفساً ولا طرفا وان كان مستنده الحكم الاجماع محصلا ومنقولا لعدم صحة الروايات بحيث يعتمد على مضمونها فالاجماع منقول عن غير واحد على قبول شهادة الصبيان في الجراح إذا بلغوا عشرا ويؤخذ باول كلامهم وفي غاية المرام لا خلاف بينهم في قبول شهادتهم في الجملة وانما الخلاف في العبادات فبعضهم قبلها في الجراح والقصاص وهو المفيد وبعضهم في الجراح دون والقصاص هو الشيخ وبعضهم اشترط الاجماع على مباح وبعضهم لم يشترطه عدم الافتراق ولم يشترطه بعضهم ثم أن الظاهر من الذين خصوا الحكم بالجراح وهو الجرح الذي لم يترتب عليه القتل وكذا اراد من اصناف الشجاج وهو جرح الراس إلى الجراح والاظهر الاخذ بما تجتمع به الروايات وكلمات الاصحاب من الاجماعات المحكية فيؤخذ بالروايات ويقتل بالقتل كما تدل عليه روايات القتل وان يكون بينهم كما تشعر به رواية طلحة فلا يدخل الحمل من غيرهم كي يرتكب الخطر في الدماء ولا خطأ غيرهم كما هو ظاهر رواية طلحة وان يبلغوا عشرا كما هو ظاهر رواية ابي ايوب وان يؤخذ باول كلامهم كما هو ظاهر رواية حمران وان لا يوجد غيرهم كما هو مضمون المكاتبة المتقدمة وان لا يتفرقوا او يرجعوا إلى اهلهم كما في رواية طلحة كل ذلك جمعا بين المطلق والمقيد واقتصارا فيما خالف لاصل على مورد اليقين لضعف الاخبار من حيث الجملة بل والاحتياط للاخذ في الاخبار والاقتصار على كون اجتماعهم على مباح كما ذكر المحقق بل وان يكونوا عدولا لولا الصغر وان يكونوا ضباطا وان لا يعارض شهادتهم شاهدواحد عدل او شهود فسقة ينفون ذلك عن علم بل ولاظاهراً بظن كذبهم فيه ويؤخذ ايضا بالاجماعات المحكية فتقبل شهادتهم بالجراح وان تصرح به الاخبار سواء كان الجراح من بعضهم بعضا أومن بالغ البالغ او لغيره وبالجملة سواء اثبتوا قصاصا او اثبتوا ادلة كما هو مورد الاجماعات ولكن تنزل الاجماعات على قبولها في الجراح على ما إذا لم يثبت قصاصا في الجرح احتياطا في الدماء ايضا وعلى كل حال فبشترط في قبولها في الجراح شرائط القتل اقتصارا على مورد اليقين حتى الاجتماع على المباع ونحوه احتياطا في الخروج عن القواعد الشرعية في عدم قبول شهادة غير البالغ واشتراط باقي الشرائط من عدم العداوة وعدم العبودية وعدم كونه ولدا أشكال والاحوط اشتراط كونهم ثلاثة كما نسب لبعضهم كما أن الاظهر اشتراط الايمان والاسلام والتعدد وكل شرط للشهادة بل لا يبعد اشتراط العدالة لامكانها من غير البالغ بالتمرين على فعل الطاعات وترك المعاصي.
ثانيها: لا تقبل شهادة غير الضابط كالخبيل والمؤف وشديد النسيان وكثير الغفلة والسهو والمجنون حال افاقته إذا لم تكن افاقة تامه وكذا البله والعجائز والمشايخ إذا قلت فطنتهم وان كان الامر من الامور التي لا يسهو فيها الانسان غالبا ولا تخفى على البله وعلى المغفلين سحقت شهادتهم بعد تروى الحاكم منهم وحصول ظنه بالشهادة كما هو المراد ولا يشترط القطع كما قد يتخيل وقد ورد عن علي ( ممن ترضون من الشهداء قال من ترضون دينه وامانته وصلاحه وعفته وتيقنه فيما يشهد به وتحصيله وتمييزه فما كل صالح مميز ولا كل مميز صالح ويشترط هذا عند الإداء لا عند التحمل فلو تحمل الشهادة مجنونا وامكن ذلك او بلها او كثير النسيان فاداها على وفق الشرط جاز خلافا لما نقل عن بعض فاشترط التحمل حال العقل والضبط وفيه ما لا يخفى