انوار الفقاهة-ج6-ص72
بحث:من جملة شرائط الوجوب الغنى لفتوى الأصحاب وأخبار الباب ففي الصحيح عن رجل يأخذ الزكاة عليه صدقة الفطرة قال: (لا) وفي آخر على الرجل المحتاج صدقة الفطرة قال: (ليس عليه فطرة) وفي آخر عمن يقبل الزكاة عليه صدقة الفطرة قال: (لا) وفي آخر (لا فطرة على من أخذ الزكاة) وفي آخر من حلت له لم تحل عليه ومن حلت عليه لم تحل له) وما ورد في مقابل ذلك من الأخبار كقوله (() في جواب زرارة الفقير الذي يتصدق عليه هل تجب عليه صدقة الفطرة قال: (نعم) وفي (آخر أما من قبل زكاة المال فإن عليه زكاة الفطرة وليس على من يقبل الفطرة فطرة) وغير ذلك لا يعارض ما قدمناه فليحمل على الاستحباب أو يطرح ويحتمل حمل بعضها على ما إذا صار غنياً بأخذ زكاة المال كما يشعر به التفرقة في الخبر الأخير بين المال وزكاة الفطر أو تحمل على التقية لما نقل أنه فتوى الشافعي وجماعة من العامة وأفتى به الجنيد من أصحابنا والمراد بالغني هنا هو ملك مؤونة السنة فعلاً أو قوةً لفتوى المشهور ولآن لم يملك ذلك تحل له الزكاة ويقبل الزكاة ويأخذ الزكاة لما تقدم في بحث الغنى والفقر وكفى من كان كذلك لا تجب عليه والأخبار المتقدمة ومن كان غنياً تجب عليه لتلك الأخبار أيضاً كما يفهم من سياقها ولقوله ((): (تحرم الزكاة على من عنده قوت السنة وتجب الفطرة على من عنده قوت السنة) والمراد بالقوت هو المؤونة كما هو ظاهر وناقش بعض المتأخرين في دلالة الأخبار على وجوب تأدية الزكاة عدا هذا بخبر الأخير وخص دلالتها في سقوطها عمن لا يملك وأخذها غير الآخر وضعفه ظاهر لمن تأمل وذهب الشيخ (() إلى وجوب دفع الفطرة على من ملك أحد النصب الزكوية عيناً أو قيمة وابن إدريس إلى وجوبها على ملك عين النصاب دون قيمته وادعى على ذلك الإجماع واتفاق الإمامية على قوله وهما ضعيفان محجوبان بما تقدم من إن ملك النصاب ولم يف بمؤنته جاز له أن يأخذ الزكاة وكل من حلت عليه الزكاة سقطت عنه للأخبار ووجوب دفع زكاة المال على من ملك نصاباً لا يلزم منه وجوب دفع زكاة الفطرة والفارق بينهما الأخبار وكلام الأخيار وحمل أحدهما على الآخر قياس لا نقول به ويستحب للفقير إخراجها عن نفسه وعمن يعوله لفتوى الأصحاب وأدنى من ذلك الاستحباب أداره صاع واحد عن نفسه وعياله يردده بأن يخرجه عن نفسه فيدفعه إلى أحد عياله صغيراً أو كبيراً ويقبل عن الصغير الولي ثم يدفعه واحداً إلى آخر إلى أن يرده الآخر إلى صاحب المال والأحوط أن يدفعه الأخير للأجنبي فيكون صاعاً واحداً كافياً عن الجميع بل الأظهر في الموثق هو هذا وإن كان كلاً منهما محتملاً بل الأحوط عدم دفعها للصغير لأن إخراجها عن ملكه بعد ذلك في زكاة الفطرة مع عدم ثبوت استحبابها في حقه مشكل سيما مع ظهور خبر الإدارة في البالغين.
بحث:تجب زكاة الفطرة مع اجتماع الشرائط على الإنسان نفسه وعلى من يعول به عيلولة عرفية بحيث يقال عرفاً أنه من عياله صغيراً أو كبيراً حراً أو مملوكاً قريباً أو بعيداً مسلماً أو كافراً واجب النفقة أو لا للإجماع المنقول وفتوى الأصحاب وأخبار الباب ففي الصحيح (الفطرة واجبة على كل من يعول من ذكر أو أنثى صغيراً أو كبيراً حراً أو مملوكاً) والمراد من كل من يعول بقرينة المقام وكلام الأعلام والصحيح الآخر (تصدق عن جميع من تعول من صغير أو كبير أو حر أو مملوك) وفي آخر (كلما ضممت إلى عيالك من حر أو مملوك فعليك أن تؤدي الفطرة) وفي صحيح آخر (على الرجل أن يعطي عن كل من يعول إلى غير ذلك من الأخبار المتكثرة المعتبرة ولكن في المقام مسائل:
الأولى:من لم يدخل في مسمى العيال عرفاً لم تجب عليه فطرته وإن أنفق عليه بمأكول وملبوس ومأدوم أو دراهم لفتوى الأصحاب وقوله (() في الصحيح عن رجل ينفق على رجل ليس من عياله إلا أنه يتكلف له نفقته وكسوته أيكون عليه فطرته قال: (لا إنما يكون فطرته على عياله صدقة دونه) وقال: (العيال الولد والمملوك والزوجة وأم الولد) والحصر في هذه الأربعة مبني على الغالب.
الثانية:لا يكفي في العيلولة مجرد النية في الإدخال في العيال بل لابد من التلبس بآثارها فعلاً والأحوط إجراءالنية مجرى الفعل وإن لم يأكل العيال ولم يشرب.