پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج6-ص68

السادسة عشر :الذي يقوى بنظر الفقاهة والفقهاء وأفتى به المشهور وجرت عليه السيرة ونقل عليه الإجماع أنه لا يجب على الدافع في الزكاة قدراً خاصاً من المال بل يجزي القليل والكثير ما لم يكن غير مشمول كحبة حنطة مثلاً فإن الأظهر عدم إجرائها وسواء في ذلك كون الموضوع إليه فقيراً أو غير فقير من الأصناف الأخر وتدل على الحكم المذكور وعمومات الأدلة وخصوصاتها كالصحيح كتب إلى الصادق (() هل يجوز لي يا سيدي أن أعطي الرجل من آخر في الزكاة الدرهمين والثلاث فقد اشتبه ذلك علي فكتب (جائز) وفي آخر مكاتبة أعطي الرجل من أخواني من الزكاة الدرهمين والثلاث فكتب (افعل) والخبرين المعتبرين الدالين على أن التقدير في الدفع موكول إلى الإمام (() إلى غير ذلك خلافاً لمن أوجب التقدير واستدل بالاحتياط وبالقطع بالبراءة مع التقدير وبإجماع الطائفة نقله المرتضى (() وبالصحيح وفيه (ولا تعطِ أحد أقل من خمسة دراهم فصاعداً) وبالموثق قال: (لا يجوز أن يدفع الزكاة أقل من خمسة دراهم فإنها أقل من الزكاة والكل لا يقاوم ما قدمناه وإن وافقت أخبارنا فتوى العامة وخالفتها أخبار التقدير لزيادة المرجحات في أخبارنا القاضية بطرح ما قابلها أو حمله على الاستحباب كما أفتى به مشهور الأصحاب ووافق الاعتبار فالقول بالاستحباب متعين وعليه فهل يقدر المدفوع بخمسة دراهم أو عشرة قراريط عبارة عن نصف دينار فما فوق ذلك كما ذهب إليه الأكثر أو بدرهم واحد أو قيراطين عبارة عن عشرة دينار فما فوق كما نسب لابن الجنيد وسلار أو نصف دينار فقط مطلقاً كما نسب لابن بابويه أو نصف دينار فقط في الذهب فقط كما نسب إليه أيضاً أو خمسة دراهم فقط كما في عبارة المفيد (() أقوال أقواها الأول للروايات والإجماع وفتوى المشهور وما بعده خال عن مستند سوى رواية مرسلة أرسلها المرتضى (() دليلاً على القول الثاني والإجماع الذي نقله أيضاً وهما معاً موهنان بالإجماع المنقول على خلافهما المعتضد بفتوى المشهور والأخبار المسندة الصحيحة المعمول عليها ومع ذلك فالأخبار إنما اشتملت على الخمسة دراهم بعد نصف الدينار ولكن الإجماع المنقول شامل للأمرين معاً ويؤيده تقاربهما وفتوى الأصحاب به فإلحاق نصف الدينار بها هو الظاهر ثم أنه المتيقن من هذا التحديد هو ما إذا كان المدفوع من الدراهم عن نصاب الدراهم ومن الذهب عن نصاب الذهب فتبقى الصور الأخرى لا دليل عليها كما إذا كان المدفوع دراهم من غير دراهم بحسب القيمة ولو عن دنانير أو دنانير بحسب القيمة عن غير دنانير ولو عن دراهم أو دنانير بحسب القيمة أو كان المدفوع غير دراهم وغير دنانير عن غير دراهم ودنانير كالمدفوع في زكاة الأنعام والغلات وغاية ما يمكن إدراجه فيما قدمنا هي الصورة الأولى فينتفي حينئذ للدافع أن لا ينقص عن خمسة دراهم أو نصف دينار إذا كان المدفوع منهما وتبقى الصور الأخرى دائرة بين سقوط الحكم الإيجابي أو الاستحبابي عنها مطلقاً لعدم كونها مورداً للنص وبين إجراء الحكم عليها بالقيمة بمعنى أنه لا يجب أن تنقص قيمة المدفوع عما يجب في أولي النصاب وبين أن لا ينقص كل مدفوع عن أول ما يجب في أول نصابه فلا ينقص مزكي الغنم عن دفع واحدة فلا يشرك فيها اثنين ولا ينقص مزكي البقر عن دفع تبيع ولا ينقص مزكي الإبل عن دفع شاة ولا ينقص مزكي الغلات عما يجب في أول ما يكمل به النصاب وجوه أقواها الوسط لظهور إرادة القيمة من الأخبار وكلام الأصحاب ثم أن هذا التقدير فيما يمكن فيه ذلك التقدير وأما لا يمكن فيه كمن دفع زكاة النصاب الأولي من الفضة ثم بقي عليه زكاة النصاب الثاني أو كمن أوجبت عليه شاة لا تبلغ قيمتها ذلك أو كمن دفع أول القدر المتقدم ثم تبين أن عليه أشياء أخر لا يمكن دفعا للأول فإنه يجزي القليل والكثير.

السابعة عشر:يجوز أن يتملك ما دفعه من الزكاة من المدفوع إليه بأي نحو كان من أنواع التمليك للأصول والقواعد وعموم الأخبار وخصوصها إلا ما اشترط ذلك حين الدفع كأن يدفع إليه بشرط عوده إليه فإنه يجوز الدفع على ذلك النحو ومع المواطأة معه وإن لم يكن على وجه الشرطية إشكال سيما لو كانت المواطأة على إرجاعه مجاناً نعم يكره أن يتملك ما دفعه بسبب اختياري كبيع وهبة وشبههما من دون مرجح لذلك كأن يكون الفرض جزءاً من حيوان لا يتمكن الفقير من الانتفاع به لفتوى الفقهاء بذلك وكفى ذلك في السنن وعللوه أيضاً بأنه طهارة للمال فيكون له شراء طهوره ولأنه ربما استحى الفقير فيترك المماكسة معه ويكون ذلك وسيلة إلى استرجاع بعضها وبأنه ربما طمع الفقير في غيرها فيه فأسقط بعض ثمنها وغير ذلك وظاهر ذلك كراهة التملك من الفقير في أول مرتبة دون باقي المراتب المتصاعدة ولا يبعد عدم ذلك ولو كان التملك بسبب قهري كميراث وشبهه لم يكن التملك بمعنى الاستدانة عليه.

الثامنة عشر:يجوز الدفع لوكيل الفقير أو الغارم وشبهها ويقوم مقام الموكل لإطلاق أدلة الوكالة ولأنه عمل لا يشترط مباشرته فتصح الوكالة فيه وللسيرة القاضية بذلك خلافاً لابن إدريس حيث منع ذلك اقتصاراً على مورد اليقين من فراغ الذمة واستناداً إلى أن الوكالة لا تصح إلا فيما يستحق الموكل المطالبة به والزكاة لا يستحقها واحد معين ولا يملكها إلا بعد القبض والكل ضعيف.