انوار الفقاهة-ج6-ص56
الأولى:لو فقد المؤمن وجب الانتظار بها وإبقاؤها أمانة يوصى بها بطناً بعد بطن وظهراً بعد ظهر إذا لم يتمكن من صرفها في جميع الأصناف وفي بعض الأخبار (إن لم تصب لها أحداً من أهل الولاية قصرها أو أطرحها في البحر) وهو محمول على عدم التمكن من صرفها أبداً وعلى المبالغة وهو الأظهر وقيل بجواز دفعها إلى المستضعف مكن أهل الخلاف وهو الذي يتدين بدينهم صورة ولكنه لا يعاند الحق ولا يعترف به للخبر فيمن لم يحضره أحد من أهل الولاية ولم يجد من يحملها إليهم قال: (يدفعها إلى من لا ينصب) قلت: فغيرهم قال: (ما لغيرهم الاّ الحجر)نعم أجاز الشيخ (() وأتباعه دفع زكاة الفطر للمستضعف مع عدم وجود المؤمن لورود بعض أخبار بذلك فمنها الصحيح عن زكاة الفطرة أيصلح أن يعطى الجيران والظروة فيمن لا يعرف ينصب قال: (لا بأس بذلك إذا كان محتاجاً) وفي آخر عن زكاة الفطرة (فإن لم يجد مسلماً فمستضعفاً) وفي آخر عن صدقة الفطرة (أيعطيها غير أهل ولايتي من جيراني أحق بها) بمكان الشهرة بحمل المطلق منها على المقيد بعدم وجود ضعيف لمعارضته هذه الأخبار بأخبار أخر بعيدة عن التقية منجبرة بفتوى المشهور مؤيدة بالاحتياط معتضدة بالإجماع المنقول موافقة للعمومات المانعة من دفع الزكاة مطلقاً لغير أهل الإيمان ففي الصحيح عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف قال: (لا ولا زكاة الفطرة) وتخصيص من لا يعرف بغير المستضعف فرع مقاومة المخصص وليس فليس وفي آخر (لا يجوز دفعها إلى إلا أهل الولاية) وفي آخر أيضاً (لا ينبغي لك أن تعطي زكاتك إلا مؤمناً) والمراد فيها زكاة الفطرة بقرينة السؤال في أحدهما والجواب في الآخر فلابد من حمل الأخبار الأخر على حالة التقية والخوف لا إشعار قوله (() لمكان الشهرة بذلك لأن المراد خوف الشهرة والفضيحة أو الحمل على سهم المؤلفة إن عممناه لمفروض المسألة أو الحمل على مستضعف المؤمنين وهو الذي يتدين بدينهم ولكنه لا يعرف الحق معرفة تامة ولا ينكر الباطل ككثير من البله والعجائز وبعيدي الدار والحمل علة المجانين وأهل الخبل والسوداء على أن ظاهر فتوى الشيخ (() وأتباعه وظاهر الأخبار إعطاء المستضعف وإن أمكن المزكي الدفع إلى صنف آخر من أصناف أهل الزكاة الثمانية غايته الوقوف على عدم وجود المؤمن وهذا بعيد كل البعد لأنه عدول عن مشروع إلى ممنوع من غير داع.
الثانية:من كان له في طريق النظر وإن كان شاكاً وكان طالباً للحق مجرداً لنفسه عن الشوائب جاز أن يدفع له من سهم سبيل الله تعالى إذا كان به استعانة على النظر.
الثالثة:أطفال يعطون من الزكاة دون أطفال غيرهم لفتوى الأصحاب والاجماعات المنقولة في الباب وفي الخبر (ذرية الرجل المسلم إذا مات يعطون من الفطرة والزكاة كما كان يعطى أبوهم حتى يبلغوا فإذا بلغوا وعرفوا ما كان أبوهم يعرف أُعطوا وإن نصبوا لا يُعطوا) وفي آخر الرجل يموت ويترك العيال أيعطون من الزكاة قال: (نعم حتى ينشؤا) وفي آخر عيال المسلمين أعطيهم من الزكاة فأشتري لهم منها ثياباً وطعاماً وأرى إن ذلك خير لهم قال: (لا بأس) وظاهر هذه الأخبار عدم اشتراط عدالة الآباء وهو كذلك لعدم تبعية الولد لأبيه في الفسق لو كان الفسق مانعاً والظاهر منها أيضاً إن الأطفال يعطون بأيديهم أيتاماً كانوا كما دلت عليه بعض الأخبار وغير أيتام كما دل عليه بعض آخر وهو مشكل على إطلاقه لعدم قابلية هذه الأخبار لتخصيص أدلة الحجر وعدم إعطاء الدين للطفل وعدم جواز تسليمه الأمانة التي يملكها على إن الدفع إليه تصرف فيه وهو ممنوع من دون نظر الولي على أن الشك في الفراغ بعد يقين الشغل يقضي بالمنع فالأظهر تسليم ذلك للمولى الإجباري أو الوصي أو الحاكم أو عدول المسلمين أو الدافع إن كان منهم مع فقد الوصي والحاكم وحكم المجنون حكم الطفل في عدم جواز الدفع إليه والدفع إلى وليه نعم يجوز الدفع إليهما إذا علم أنهما يتصرفان به تصرف العقلاء عند مسيس الحاجة منهما إلى المدفوع وعدم حضور ولي لهما وكانت حاجتهم فورية حسية والأحوط احتسابه من سهم سبيل الله تعالى لا من سهم الفقراء أو المساكين وأما السفيه فيدفع إليه بيده ولكن يحجر عليه بالتصرف بعد ذلك.