پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج6-ص53

الخامسة:لو كان دين على الفقير جاز له مقاصته به من الزكاة بمعنى جعلها للفقير وقبضها لنفسه عن دينه مقاصة له أو بمعنى عزلها زكاة أو قبضها عن دينه الذي في ذمة الفقير مقاصة أو بمعنى جعل نفس ما في ذمته للفقير زكاة عما هو مطلوب به لأن ما في الذمة بمنزلة المقبوض والجميع مخالف للقواعد لكنه بالمعنى الأخير دلت عليه الأخبار وفتوى مشهور الأصحاب والإجماعات المنقولة وقد يستخرج المعنى الأول أيضاً من الأخبار المشتملة على لفظ المقاصة كقوله (() في الموثق سألته عن الرجل يكون له الدين على رجل فقير يريد أن يعطيه من الزكاة فقال: (إن كان الفقير عنده وفاء بما كان عليه من الدين من عرض من دار أو متاع البيت أو يعالج عملاً يتقلب فيه فهو يرجو أن يأخذ ماله عنده من دينه فلا بأس أن يقاصه بما أراد أن يعطيه من الزكاة أو يحتسب له ما عليه وإن لم يكن عند الفقير وفاء ولا يرجو أن يأخذ منه شيئاً فليعطه من زكاته ولا يقاصه بشيء من الزكاة ففيها دلالة على المعنى الأول والأخير ومما ظاهره المعنى الأول الصحيح سألت أبا الحسن عن دين لي على قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون على قضائه وهم مستوجبون للزكاة هل لي أن أدعه واحتسب به عليه الزكاة قال: (نعم) والآخر فيجيئني الرجل ويسألني الشيء وليس هو أبان زكاتي فقال الصادق ((): (الفرض عندنا بثمانية عشر والصدقة بعشرة وما زاد عليك إذا كنت مؤسراً أعطيته من الزكاة) وهل يجوز الاحتساب فإذا أبان زكاتك احتسبت بها من الزكاة وهل يجوز الاحتساب على من ملك قوت السنة لكنه بحيث لو دفع دينه لعاد فقيراً أم الجواز لما قدمناه من قلة الفائدة وصدق الفقر وعدم التمكن عرفاً ومن ظهور الأخبار المتقدمة في الفقر كقوله (() في الموثق: (يكون له الدين على رجل فقير) وظاهره غير المالك لمؤونة السنة وقوله (() في الصحيح: (لا يقدرون على قضائه وقوله ((): (يسألني) وظاهر السؤال أنه إنما يكون عند الحاجة ولكن لما كان ذلك كله في كلام السائل وكان من عليه دين يحتسب دينه من المؤونة ولا يخرج عن مسمى الفقر عرفاً كان جواز الاحتساب أقوى فما حكم به بعض المتأخرين من منع دفع الزكاة لمن ملك مؤونة السنة وكان عليه دين لو وفاه عاد فقيراً ومنع جواز الاحتساب عليه لأنه عين شرعاً لأدى له وجهاً معتداً به بعد أن جعلنا الدين من المؤن.

السادسة:يجوز دفع الزكاة في دين الميت واحتسابه عليه منها قريباً أو بعيداً أو واجب النفقة أم لا من سهم الغارمين أم من سهم الفقراء لفتوى الأصحاب وللأخبار ومنها رواية يونس بن عمار قال: (قرض المؤمن غنيمة وتعجيل أجر إن أيسر قضاك وإن مات قبل ذلك احتسب به من الزكاة) ومنها عن الصادق (() قال: (قرض المؤمن غنيمة وتعجيل أجر إن أيسر أدى وإن مات احتسب به من الزكاة) ومنها الصحيح رجل حلّت عليه الزكاة ومات أبوه وعليه دين أيؤدي زكاته في دين أبيه وللابن مال كثير قال: (إن كان أبوه أورثه مالاً ثم ظهر عليه دين لم يعلم به يومئذ فيقضيه عنه قضاء من جميع الميراث ولم يقضه من زكاته وإن لم يكن أورثه مالاً لم يكن أحد احق بزكاته من دين أبيه فأن أدّاها من دين أبيه على هذه الحال أجزت عنه) ويظهر من هذه الرواية اشتراط قصور التركة عن وفاء الدين في جواز الوفاء عن الميت والاحتساب عليه وهي وإن كان موردها الأب لكنه لا قائل بالفرق وهو الأوفق بالقواعد لأن التركة على حكم مال الميت إذا تعلق بذمة الميت دين لعدم انتقالها للوارث قبل وفائه لقوله تعالى: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ( سورة النساء آية (22 ) وآية (12 ) وبهذا ظهر ضعف من أجاز دفع الزكاة عن دين الميت واحتسابها عليه مطلقاً استناداً لعموم أدلة جواز الاحتساب ولأن التركة تكون ميراثاً فيكون الميت عاجزاً فيجوز الدفع في دينه والاحتساب عليه نعم لو تعذر استيفاء دين الميت من تركته لعدم إثباته أو لعدم أهله فلا يبعد الجواز.

السابعة:يجوز وفاء دين القريب واجب النفقة أم لا للأخبار الدالة على ذلك والمنع من إعطاء واجب النفقة من الزكاة يراد ما إذا دفع لهم في الواجب من نفقتهم كما سيأتي إن شاء الله تعالى كما يشعر به قوله ((): (لأنه عياله اللازمون له).

الثامنة:يصدق مدعي الغرم على الأظهر لادعائه دعوى لا معارض لها بالخصوص والأحوط طلب البينة لإمكان إقامتها سيما لو لم يصدقه الغريم.