انوار الفقاهة-ج6-ص47
وهم على ما في الأخبار قوم وحدوا الله عز وجل وشهدوا أن لا اله إلا الله وان محمد (() رسول الله وهم شكاك في بعض ما جاء به محمد (() فأمر النبي (() أن يتألفهم بالمال والعطايا كي يحسن إسلامهم ويثبتوا على دينهم الذي دخلوا فيه وأقروا به كذا روى زرارة عن الباقر ((): (أو قوم وحدوا الله سبحانه وتعالى وخلفوا عبادة من دون الله تعالى ولم تدخل المعرفة قلوبهم إن محمداً رسول الله( () وكان رسول الله يتألفهم ويعرفهم ويعلمهم) وكذا روي عن الباقر (: (أنهم قوم وحدوا الله تعالى وخرجوا من الشرك ولم تدخل معرفة محمد( قلوبهم كذا روى موسى بن بكير عن رجل عنه ( إلى غير ذلك والمفهوم منها إن المؤلفة قوم مسلمون شاكون في بعض ما جاء به النبي ( أو قوم دخلوا الإسلام وتسموا به ولكنهم بعد لم تثبت معرفة النبي (في قلوبهم ولم يرسخوا على الإسلام والإقرار فيعطون سهماً من الزكاة ليرسخوا ويثبتوا على الإسلام وعلى ما في كلام الأصحاب قوم كفار يستمالون بشيء من مال الصدقات إلى الإسلام ويتألفون ليستعان بهم على قتال أهل الشرك ولا يعرف أصحابنا مؤلفة أهل الإسلام كذا عن الشيخ (() في المبسوط أو أنهم ضربان مسلمون ومشركون كذا عن المفيد (() أو أنهم من أظهر الدين بلسانه وأعان المسلمين وإمامهم بيده وكان معهم الأقبلة كذا عن ابن الجنيد أو أنهم مسلمون ومشركون ضربان ضرب سهم قوة وشركة يخاف منهم فإن أعطوا كفوا شرهم وكفوا معهم غيرهم وضرب لسهم ميل الإسلام فيعطون من سهم المصالح لتقوى نيتهم في الإسلام ويميلون إليه والمسلمون أربعة قوم لهم نضراء فإن أعطوا رغبوا نضراءهم وقوم في نياتهم ضعف فيعطون لتقوى نياتهم وقوم من الأعراب في أطراف بلاد الإسلام بازائهم قوم من أهل الشرك فإذا أعطوا رغب الآخرون وقوم بازائهم آخرون من أصحاب الصدقات فإذا أعطوها جبوها وأغنوا الإمام عن عامل كذا عن المعتبر عن الشافعي وفيه أنه قال: ولست أرى بهذا التفصيل بأساً فإن ذلك مصلحة ونظر المصلحة موكول إلى الإسلام والذي يظهر لي أن الجميع مؤلفة ولا اختصاص لهم بالمسلمين كما في الأخبار بل باقي الأخبار هو أحد الأفراد ولكنه لكثرته وزمن الصدور بين حالة الإمام (() كما تشعر به أخبار أخر مثل قوله ((): (أكثر من ثلثي الناس) وقوله ((): (لم يكونوا قط أكثر منهم اليوم) ولا بالكفار كما يظهر من المبسوط ولا بالمنافقين كما يظهر من ابن الجنيد بل هو الذين انحرفت قلوبهم عن الإسلام أو المسلمين فيراد تلفيها لإعانة المسلمين أو تقوية الإسلام والجهاد بين يدي النبي (() أو الإمام كفار كانوا مسلمين جمعاً بين كلام الأصحاب والرواية واستناداً لإطلاق الآية ولقوله ((): (سهم المؤلفة وسهم الرقاب عام والباقي خاصة) فيما رواه زرارة ومحمد بن مسلم ويجوز أن يعطى جميع هؤلاء من سهم سبيل الله فتقل الثمرة حينئذ كما أنه تقل ثمرة الخلاف في اختصاص هذا السهم بزمن النبي (() أو جريانه لزمن الأئمة أو تسويته لزمن الغيبة منع أن الظاهر بقاؤه إلى زمن الغيبة أخذ بإطلاق الآية والرواية ولأنه ثبت في زمن النبي (() ولم تثبت نسخة ولأنه لا يختص بالجهاد كي يختص بزمانه (() على أن الجهاد وما بحكمه عام لزمن النبي (() والأئمة(() ولغيره وقد بينا أن في الأخبار ما يدل على كثرتهم في زمن الأئمة (() ولا فرق بين زماننا وزمانهم نعم لا يشمل موضوع المؤلفة قلوبهم للمخالفين إذا دخلوا في الإيمان واستميل منهم طائفة لقتال أخرى ولا لباقي الفرق الضالة بالنسبة إلى المؤمنين وإن أمكن الدفع إليهم لمصالح المؤمنين وحفظ بيضة الإيمان من سهم سبيل الله عز وجل.
الصنف الرابع:الرقاب
ومنهم من عبر في الرقاب تبعاً للآية والعدول عن اللام إلى في في الآية الشريفة لبيان إن ما في قبل هذا السهم المال لهم يملكون بالدفع إليهم ويتصرفون به كيف شاء وهذا السهم وما بعده يصرف المال فيهم فكأنه ظرف لأنه أما أن يصرف في نفس الجهة كفك الرقاب وسهم سبيل الله وأما أن يدفع لهم ليصرف في الجهة المقتضية لاستحقاقهم السهم فكأن المصروف فيه ظرف للمصروف وقيل أن العدول من اللام إلى في للتنبيه على زيادة التمكن في الاستحقاق حيث أنهم جعلوا وعاء للصدقة فهم أعرف من غيره وهو ضعيف لأن الظاهر إن مشروعية الزكاة هو الفقر والحاجة والأصل فيهما هو الفقير والمسكين والباقي متطفل عليه لخاصية الفقر هو الذي يملك الزكاة في مال المالك ويشارك الأغنياء كما دلت عليه ظواهر الروايات من الله تعالى جعل في أموال الأغنياء للفقراء وإن من اشترى بمال الزكاة وأعتق ورثه الفقراء لأنه اشترى بمالهم ولكن ملكه ليس على حد الأملاك المخلوقية الخاصة ولهذا لا يجب فيها التوزيع ولا يحوز للفقير أن يهب حصته قبل أن قبضها أو يصالح عليها بل المالك هو نوع الفقير والمسكين والفرد منه ليس له التصرف كتصرف الملاك في أملاكهم والرقاب أقسام:
أحدها: المكاتبون ويدل عليه في الجملة عموم الآية والإجماع بقسميه وقول الصادق (() وقد سئل عن مكاتب عجز عن مكاتبته وقد أدى بعضها قال: (يؤدى عنه من مال الصدقة قال الله تعالى: (وَفِي الرِّقَابِ( ويشترط في الدفع إليهم أن لا يكون عندهم ما يفي بصرفه في مال الكتابة فلو وجدوا ذلك لم يجز إعطاؤهم لأن المفهوم من مشروعية الزكاة أنها إنما شرعت لسد الخلة والحاجة ولم أعثر على مخالف في ذلك وهل يشترط العجز منهم عن الوفاء وعدم القدرة على التكسب بما يفي بما عليهم أم لا وجهان للأول الاقتصار على مورد اليقين من الإطلاقات وانصرافه لذلك وعدم احتياجهم وفقرهم إلى ذلك والزكاة إنما شرعت لرفعها والخبر المتقدم المشعر بالعجز وللثاني الإطلاق ومنع انصرافه للعاجز وفك نفسه بالفعل حاجة وفقر فلا تنافي مشروعية الزكاة والخبر المشتمل على العجز إنما اشتمل عليه في السؤال فلا يدل على اشتراطه في الجواب وهو الأقوى.