پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج6-ص46

التاسعة:لو دفع إلى غير أهلها خطأ بزعم أنه أهلها كأن دفع إلى من ظاهره الفقر فبان غنياً أو العدالة فبان فاسقاً أو غير من تجب نفقته فبان أنه واجب النفقة أو غير عبده فبان عبده أو غير هاشمي فبان هاشمياً ولم يكن الدافع هاشمياً فهل تجزي عنه مطلقاً أو لا تجزي مطلقاً أو تجزي إذا لم يقصر بالفحص ودفع بطريق شرعي من بينه وشبهها أو لا تجزي إذا لم يدفع المالك بذلك الطريق وجوه أقواها التفصيل بين الدفع بطريق شرعي واجتهاد فيجزي عنه وبين ما لم يكن كذلك كأن أخذها بظاهر الحال أو لم يكن متفطناً فلا يجزي وتحقيق المسألة إن الدافع أما أن يعلم أنها زكاة ابتداء أو يعلمها المدفوع إليه من خارج أنها كذلك أو لا يعلم المدفوع إليه بل أخذها على ظاهر الهبة والصدقة وعلى كلا التقديرين فأما أن تكون العين باقية أو تالفة وعلى التقديرين فأما أن يمكن استرجاعها عيناً أو مثلاً أو قيمة أو لا يمكن فإن علم المدفوع إليه بأنها زكاة جاز للدافع استرجاعها إذا أمكنه الإرجاع ووجب على المدفوع إليه إرجاعها لأنه غاصب عادي لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه ولا تجزي عن الدافع إذا أبقاها له فإن كانت العين باقية أرجعها بنفسها وإلا فمثلها أو قيمتها فإن لم يمكن إرجاعها لمانع من الموانع أعاد الزكاة إن لم يجتهد حين الدفع للأصل ولضمانه مال الغير عند استيلاء يده عليه وللمفروض أنه قد استولى على مال الفقراء فيضمه لهم وجواز دفعه على ظاهر الحال لا يرفع الضمان وللمرسل في رجل يعطي زكاة ماله رجلاً وهو يرى انه معسر فيراه موسرا قال لا يجزي عنه وهو معتبر لان في طريقه ابن عمير وهو ممن يصح منه ما يصح عنه خلافاً لمن اجتزأ بدفعه لاقتضاء الأمر الإجزاء وهو ضعيف جداً نعم لو دفع للمجتهد بالولاية عن الفقراء لا بالوكالة عنهم فدفعها المجتهد على ظاهر الحال برئت ذمة المالك لإيصالها إلى محلها ولم يضمن المجتهد لأنه فعل مأمور به ولا يترتب على فعل ما أمر به ضمان للزوم العسر والحرج واحتمال ضمانه من بيت المال ضعيف جداً وإن اجتهد حين الدفع فحصل له الظن الاجتهادي من القرائن والإمارات وإخبار المخبرين بتحقيق الشرط وحصوله له أخيراً له الدفع وإن ظهر على خلاف ما اجتهد لأنه أدى جهده وتكليفه ولم يبق عليه شيء في طريق الوصول سيما منع الانحصار فتضمينه يؤدي إلى العسر والحرج والضرر غالباً ويدل على عدم الضمان قوله (() في عبيد بن زرارة قال: قلت: له رجل عارف أدى الزكاة إلى غير أهلها زماناً هل عليه أن يؤديها ثانية إلى أهلها إذا علمهم قال: (نعم) قال: قلت: فإن لم يعرف لها أهلاً فلم يؤديها أو لم يعلم أنها عليه فعلم بعد ذلك قال: (يؤديها لأهلها لما مضى) قلت: فإن لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو بأهل وقد كان طلب واجتهد ثم علم بعد سوء ما صنع قال: (ليس عليه أن يؤديها مرة أُُخرى) وعن الكافي والتهذيب وعن زرارة مثله إلا أنه قال: (وإن اجتهد فقد برأ وإن قصر في الاجتهاد في الطلب فلا) وما يورد على الاستدلال بها من أن الاجتهاد وإن أريد به القدر المسوغ للدفع ولو بسؤال الفقير فلا بأس به ولكنه راجع للقول بإجراء مطلقاً وإن أريد به الاجتهاد الحقيقي الحاصل من كثرة السؤال وتتبع الإمارات فلا معنى له لعدم وجوبه بهذا المعنى اتفاقاً ومن أن موردها الدفع إلى المخالفين فلا تكون شاهداً على جميع ما ذكرناه ضعيف لأن الاجتهاد لا يراد به غير معناه وجواز الدفع من دونه لا ينافي الضمان من دونه فيجوز الدفع من دون اجتهاد ولا يرتفع عنه الضمان إلا بالاجتهاد وورودها في أهل الخلاف لا ينافي الاستدلال بها على الإجزاء عند فقد جميع الشرائط بعد الاجتهاد ولتنقيح المناط وتسوية الفقهاء بين الجميع في الحكم بعد الاجتهاد كما يظهر نعم لا يبعد استثناء ما لو ظهر عبد المالك بعد أن اجتهد في معرفة أنه غيره لرجوع المال إلى مالكه ولكن الفرق بين إرجاع المال إلى خزانة مولاه فيجب على المولى الإعادة وبين إتلافه فلا يضمن المولى صح هو الأقوى هذا كله إن علم المدفوع إليه أنها زكاة فإن لم يعلم حتى تلفت منه فلا يضمن عليه ولا يجوز للمالك تغريمه المثل أو القيمة سواء صدقه المدفوع إليه أو لم يصدقه بعد أن كان غير عالم بأنها زكاة حتى تلفت ولم يكن أعلمه إلا إذا كانت معلومة متشخصة للزكاتية فيقوى حينئذ بجواز تغريم الولي الفقراء له لأنه مالهم نعم هو يرجع على من غره وإن تجدد له العلم والعين باقية فإن صدق الدافع وجب عليه إرجاعها لبقائها على ملك مالكها لأن ما نوى لم يقع وما وقع لم ينو وإن لم يصدقه لم يجب عليه الدفع له وكان له أن يأخذ بظاهر الحال من أنها هبة أو صدقة وعلى مدعي كونها زكاة الإثبات ولا يجب تصديقه هنا لأنه أبصر بنيته لوجود المعارض من المدفوع إليه باعتبار قبضه على ظاهر الحال نعم يجوز للدافع مع بقاء العين استرجاعها بسرقة أو غيلة وشبهها لعلمه بعدم انتقال ماله عنه فيجوز استرداده حينئذ.

الصنف الثاني:العاملون عليها

وهم الجباة لها والسعاة لحفظها أو جمعها وأخذها لإيصالها لأهلها وهم لهم سهم منها إجماعاً محصلاً ومنقولاً وكتاباً وسنة لقوله في الصحيح ولا يعطى الهاشمي من سهم العاملين من غير خلاف أجده لقوله (() في الصحيح: (إن أناساً من بني هاشم أتوا رسول الله (() يسألوه أن يشغلهم على صدقات المواشي وقالوا: لنا يكون هذا السهم الذي جعله الله للعاملين عليها فنحن أولى به فقال رسول الله ((): (يا بني عبد المطلب إن الصدقة لا تحل لي ولكم) ولا يشترط في العامل الفقر لأن استحقاقه من حيث العمل ويستوي فيه الحر و العبد بإذن المالك ويعطى بحسب ما يرى الإمام ولا يقدر له شيء كما هو لفظ صحيح الحلبي ولو كان الهاشمي عامل لزكاة بني هاشم جاز له أخذ سهم العاملين ولو تعدد العاملون قسم الإمام السهم على قدر العمل وفي تقسميه على قدر الرؤوس وجه قوي ويقوى القول باشتراط العدالة فيهم لمكان تأمينهم ولو استأجر الإمام شخصاً على العمل أو صالحه عليه من الزكاة أو من بيت المال لم يكن من صنف العاملين ويظهر من بعض الأساطين إجراء حكم الصنف عليه من الشرائط والأحكام وهو أحوط ولا يشترط فيه أيضاً أن يكون هاشمياً أو غير ذلك وللعامل عزل نفسه بالأثناء إذا لم يعد على المال ضرر بخلاف الأجير ويستحق العامل سهماً بمسمى العمل عرفاً وإن انفسخ لجنون أو لعارض أو عزل نفسه لما يراه الإمام من السهم بخلاف الأجير فإنه يستحقه بنسبة ما عمل ولو فسق العامل بعد عمله أخذ سهماً على الأقوى وفي الأثناء على إشكال وللعامل نصب عاملين تحت يده وإجراؤه ويدفع إليه بحسب ذلك إن لم يكن عمله مقصوراً فإن كان مقصوراً أو مشروطاً عليه لم يجز التجاوز والاستئجار ولو تم العمل فتلفت الزكاة من دون تفريط لم يكن له شيء والمستأجر له أجرته من بيت المال إلا إذا اشترطت عليه من الزكاة وجاز ذلك والظاهر إن الأجرة تسقط وكذا لو صولح على العمل بعوض منها ويجري هذا السهم في الغيبة بأمر المجتهد ولا يجوز تولي المالك له ولا عدول المؤمنين إلا في مقام الضرورة فلا يبعد جوازه.

الصنف الثالث:المؤلفة قلوبهم