انوار الفقاهة-ج6-ص43
الرابعة:ذو الصنعة والحرفة إذا كانت صنعته وحرفته وعمله بمؤنته على الاستمرار أو في سنة كان غنياً عرفاً أو شرعاً أو بحكم الغني للإجماع المنقول وفتوى المشهور بل كاد أن يكون مجمعاً عليه ولقوله ((): (لاحظ فيها لغني ولا ذي قوة مكتسب) ولقول أبي جعفر ((): (الصدقة لا تحل لمحترف ولذي مرة سوى قوى فتنزهوا عنها) خلافاً للشيخ (() جاز الدافع للمكتسب مطلقاً ولو في كسبه بمؤنته سنة لعدم ملكه للنصاب وعدم ملكه لمؤنة سنة وهو ضعيف ويلحق بصاحب الصنعة والحرفة القوي القادر على الاكتساب وإخراج مؤنته من كسبه على الأظهر لظاهر الرواية ويحتمل جواز أخذه للزكاة لصدق الفقير عليه عرفاً وتنزيل الرواية على أهل الحرف والصنائع والأعمال وهو خلاف الظاهر والاحتياط هذا كان مما يناسب حاله التكسب وكان لا يتضرر به فلو لم يناسب حاله أو تضرر حاله به أو صابه ذل فإنه يجوز له أخذ الزكاة ولو عاوض صاحب الصنعة والحرفة أو القوي القابل للاكتساب ما يجب عليه من طلب علم في أصول الدين أو فروعه وجوباً عينياً كما إذا لم يمكنه ذلك ووجباً على الكفاية كطالب الاجتهاد مع وجود المجتهدين في عصره ولا يبعد إلحاق اشتغال بالمندوبات من المعلوم من العبادات والزيارات بالاشتغال بالواجبات فيجوز للمشتغل بذلك أخذ الزكاة وصاحب الاعتبار إذا لم يملك مؤنة السنة لم تحرم عليه الزكاة.
الخامسة:إذا قصر صاحب الكسب أو حرفته أو عمله أو قوته عن مؤنة سنته وكذا نماء تجارته جاز له أن يأخذ من الزكاة ولا يتعذر عليه بقدر قليلاً كان أو كثيراً للأصل ولعموم الأدلة الدالة على جواز الإعطاء وخصوص ما جاء في جواز الإعطاء كقوله (() في الصحيح: (حتى تغنيه) وفي الموثق (إذا أعطيت فأغنه) وقوله ((): (خير الصدقة ما أنبت غناً) وقيل لا يجوز إعطاؤها ويأخذ البقية من الزكاة فإن مفهومها يدل على المنع من عداها وبتنقيح المناط وبعدم القول بالفصل بين من قصر نماء غلته وبين من نقص كسبه يتم المطلوب ولأن الأخبار الأول يفهم منها التحديد في الإعطاء إلى أن يحصل الغنى والمفروض أن الغنى يحصل بالأقل وإن دفع مع الأكثر دفعة لا تدريجاً فيكون دفع الزائد مع ما يحصل به الغنى مشكل.