انوار الفقاهة-ج6-ص41
الأولى:الفقراء والمساكين ليسا مترادفين مطلقاً لنص أهل اللغة والفقهاء والأخبار بل هما كالظرف والجار والمجرور إن اجتمعا افترقا وأريد من كل واحد منهما معنى غير معنى الآخر وإن افترقا اجتمعا وأريد كل منهما من كل منهما ما يشمل الآخر والحكم بذلك مشهور عند الأصحاب ونقل عليه عدم الخلاف بل الاتفاق وإرادة المعنى الشامل لكل منهما عند الانفراد ويحتمل لبيان اتحاد المعلق على أحدهما مع الآخر في لسان الشارع وإن تغاير مصداقهما ويحتمل لإرادة بيان اتحاد موضوعهما لغة عند الافتراق وافتراقهما عند الاجتماع فيكون كل منهما موضوعاً لمعنى خاص في حال الانفراد وموضوعاً لمعنى آخر يغايره عند الاجتماع ومحتمل لإرادة استعمال كل منهما في المعنى الآخر الشامل على وجه التجوز في حال الانفراد وقرينة التجوز الشهرة والاتفاق فيون مجازاً مشهوراً ومحتمل لإرادة أنه الشهرة والاتفاق فيكون مجازاً مشهوراً ومحتمل لإرادة أنه عند الانفراد صار حقيقة شرعية في المعنى الشامل وعند الاجتماع بقي على معناه اللغوي ومحتمل لإرادة الاشتراك اللفظي فيهما بين المعنى الشامل والمعنى الخاص والإجماع والافتراق فريضتان على تعين كل من المعنيين أو ظاهر إن في كل من المعنيين المختلفين وأظهر الوجوه الأول لافتراق معناهما لغة وعرفاً عند الاجتماع والافتراق وإن اشتركا في الحكم في لسان الشارع بل في العرف وتظهر الثمرة في النذر والوقف والوصبة إذا لم يعلم القصد من الناذر وما بعده وعلى الافتراق فهل المسكين أسوء حالاً أو الفقير والأظهر الأول وإن المسكين هو الذي يسأل والفقير هو الذي لا يسأل كما نقل عن ابن عباس للصحيح (الفقير الذي لا يسأل والمسكين الذي هو أجهد منه ما الذي يسأل) وفي آخر الفقير الذي يسأل الناس والمسكين أجهد منه والبائس أجهدهم وفي كلام أهل اللغة ما يدل أيضاً على أن المسكين من كان ذليلاً فقيراً وغيره وقد يساعده العرف أيضاً وفي بعضها ما يدل على أن المسكين لا شيء له والفقير من له بلغة من العيش وقيل أن الفقير أسوء حالاً من المسكين والمسكين من لا يجد غنياً فيغنيه ولا يجد شيئاً ولا يفطن فيتصدق عليه لورود ذلك في رواية عن النبي (() وقيل أن المسكين هو الصحيح المحتاج والفقير هو الزمن المحتاج وقيل أن الفقير الذي لا شيء له والمسكين من له بلغة من العيش والظاهر أن منشأ الاختلاف كثرة الصدق على هذه المعاني في العرف واللغة والأقوى أنه حقيقة فيما قدمنا مجازاً في غيره.