انوار الفقاهة-ج6-ص38
خامسها:يجب فيما يستقي من دون آلة وإن توقف على عمل كحفر السواقي والأنهار العشر سواء سمي سيحاً أو عذياً بماء المطر أو بعلاً كأن تشرب عروقه من الأرض ونصف العشر فيما يسقى بالآلة كالدوالي وهو الدولاب تديره البقر والنواضح والسواني جمع سانية وهي الناقة والناعورة وكل آلة كذلك من رشا وغرب وللإجماع بقسميه والأخبار المستفيضة المتكثرة ففي الصحيح وما كان منه يسقى بالرشا والدوالي والنواضح ففيه نصف العشر وما سقت السماء أو السيح أو ما كان بعلاً ففيه العشر تاماً إلى غير ذلك من الأخبار ويلحق به ما لو سقي زرع بالآلة فجرى لغيره من دونها أو دب في الأرض حتى سقي عروق آخر وإن اجتمعا كان الحكم للأكثر والأغلب ومع التساوي يؤخذ من نصفه العشر ومن نصفه الآخر نصف العشر ولا كلام في ذلك فالجملة للإجماعات المحكية المستفيضة وللخبر المعتبر وفيه قلت له فالأرض تكون عندنا تسقى بالدوالي ثم نزيد الماء فتسقى سيحاً قال: (إن ذلك ليكون عندكم كذلك) قلت: نعم قال: (النصف والنصف نصف نصف العشر ونصف بالعشر) فقلت: الأرض تسقى بالدوالي ثم يزيد الماء فتسقى السقية والسقيتين سيحاً قلت: في وأربعين ليلة وقد مكث قبل ذلك ستة أشهر أو سبعة أشهر قال: (نصف العشر إنما الكلام في أن الاعتبار بالأكثرية عدداً كما ادعى أنه ظاهر الأكثر ولأن المؤنة إنما تكثر بسببه ولعل المؤنة في الحكم في اختلاف الواجب ولظاهر الرواية المتقدمة من جهة أن الزمان الأكثر يحتاج إلى عدد أكثر ولأن الظاهر من لفظ الأكثرية في نصوص الفقهاء هي الكم المنفصل لا كثرة الزمان ولا كثرة النفع أو الأكثرية نفعاً لدوران الحكم مدار النفع فقد تساوي السقية الواحدة بالسيح عشر اسقيات بالنواضح ويساوي السقي في يوم وليلة لسقي شهراً بالنواضح لشدة غمزه وتأثيره وعذوبته وجعله بعضهم مدلولاً للخبر المتقدم من حيث أن الإمام لم يستفصل في السؤال الأول عن الأغلبية والمساواة حتى أجاب بثلاثة أرباع العشر لظهور المساوي من كلام السائل السقية والسقيتين عن قدر زمانهما وبعد أن حققه ثلاثين أو أربعين ليلة أجابه بنصف العشر فيفهم منه الاعتبار بالنفع لا بالعدد ولا بالزمان لأن قلة زمان السيح مفهوم من قوله: (تسقي) الدالة على الاستمرار ومن قوله: (السقية والسقيتين) فلا فائدة بالاستصحاب حينئذ ولأن المفهوم من الأخبار كقوله ((): (فيما سقيت السماء العشر وفيما سقي بالنواضح ففيه نصف العشر وما سقي بهما قيمة ثلاثة أرباع العشر) هو السقي المعتد به الذي يحصل به النماء دون مجرد إيصال الماء إلى الزرع ولو كان غير ناضح له أو كان نافعاً نفعاً لا يعتد به أو مضراً للزرع فإذا دار الأمر مدار النفع في صدق السقي كان المعتبر في الأغلبية أيضاً هو الانتفاع به وجوه ثلاثة أقواها الأول فيما إذا حصل منه نفع يعتد به أو حصل ضرر أو لم يحصل شيء فإنه حينئذ يلحظ النفع وقد يقال أنه عند إلغاء الأكثرية لعدم حصول النفع يجب الرجوع إلى الزمان إذا لم يلغ لعدم حصول النفع فيه فيقدم على النفع في الأغلبية وإلا فليلاحظ النفع حينئذ وحيتئذ فيقدم اعتبار كثرة العدد على اعتبار كثرة الزمان إذا تساويا بالنفع أو إذا زاد نفع الزمان وعلى اعتبار النفع أو اعتبار كثرة الزمان على اعتبار النفع لا على اعتبار كثرة العدد ومنه يعرف الكلام في المساواة فهل المراد المساواة في العدد أو الزمان أو النفع وحكم اتحاد زمان السقي إذا سقي شهراً واحداً سيحاً وبالآلة حكم التعاقب بالقلة والكثرة والمساواة ثم أن المساواة في العدد والزمان ظاهرة وأما في النفع فإن أمكن العلم به فلا إشكال وإلا فالأحوط العشر والأقوى ثلاثة أرباع لأصالة عدم زيادة كل منهما على الآخر ويحتمل نصف العشر لأصالة البراءة وكذا الكلام مع الشك في عدد الزمان.
سادسها:تضم الزروع المتباعدة والثمار المتفرقة تباعد ما بينهما أم نمت دفعة أو تدريجاً كان بين ثمر زرع وزرع آخر وبستان وبستان أخرى زمان يعتد به أم لا وهل يضم سابق ما يطلع في الحول أم لا الأقوى الأول لإطلاق الأخبار وللشهرة المنقولة والاحتياط وقد يقال بالثاني للأصل ولأن ذلك بمنزلة ثمرة حولين ولو كان الزرع مشتركاً واختلف الشركاء في كيفية السقي فمنهم بالآلة ومنهم بدونها كان كحكم الزرع الواحد وقد يحتمل توزيع الفريضة على نسبة السقي فالعشر على من سقي سيحاً ونصفه على ما سقي بالآلة تنزيلاً له منزلة الزرع المتعدد.
سابعها:يؤخذ الفرض من الجيد جيداً ومن الرديء رديئاً ومنهما معاً على النسبة وهل يجوز دفع الجيد عن الرديء أو عن المخلوط بالقيمة أم لا يجوز وجهان أحوطهما العدم ولا يسقط العشر في الأرض الخراجية للأصل والعموم خلافاً لمن أسقطه فيها لورود بعض الأخبار بذلك وهي شاذة لا عامل لهما ممن يعتد به سوى الشيخ (() في مقام الجمع فلتطرح أو تحمل على التقية.
ثامنها:لا يضم الشعير إلى الحنطة ولا العكس لانفراد ماهية كل منهما عن الآخر وأما العلس والسلت فقيل هما من حنطة لنص أهل اللغة على كون الأول حنطة ولاتفاق الثاني مع الحنطة في الطبع ونقل بعض أهل اللغة ذلك وقيل الأول حنطة والثاني شعير لنص أهل اللغة على ذلك ولاتفاقهما في الصورة والأقوى أنهما معاً ليسا منهما تقديماً للعرف على اللغة وحملاً لكلام أهل اللغة على التجوز أو المعنى القديم أو على أخفى فردي المشترك اللفظي أو تقديماً لظهور الإطلاق على نادره لأن الفور الظاهر في العرف من الحنطة والشعير هو غير هذين الفردين على أن في الأخبار ما يدل على المغايرة أو استحباب الزكاة وكذا في فتوى مهور الأصحاب.