انوار الفقاهة-ج6-ص31
وفي كل واحد منهما نصابان نصاب أولي وهو عشرون ديناراً أو عشرون مثقالاً شرعياً وهما سواء في الأخبار وكلام الأصحاب لأن الدينار في لسانهم مثقالٌ وفيه ربع العشر نصف دينار عشرة قراريط ثم ليس فيه شيء حتى يزيد أربعاً وهو النصاب الثانوي وفيها ربع العشر أيضاً قيراطان وهكذا وفاقاً للمشهور بل كاد أن يكون إجماعاً والإجماعات عليه متكثرة النقل والأخبار المعتبرة به مستفيضة متكثرة بل قيل أنها تبلغ حد التواتر ومنها الصحيح (ليس على الذهب حتى تبلغ عشرين مثقالاً ففيه نصف مثقال إلى أن يبلغ أربعة وعشرين ففيه نصف دينار وعشرون دينار ثم على هذا الحساب متى زاد على عشرين أربعة أربعة ففي كل أربعة عشر إلى أن يبلغ أربعين مثقالاً ففيه مثقال) والموثق وغيره (إذا جاوزت الزكاة عشرين ديناراً ففي كل أربعة دنانير عشر دينار) وخالف والد الصدوق في ذلك فجعل النصاب الأول أربعين مثقالاً وفيه مثقال (وليس فيما دون الأربعين شيء)استناداً للموثق (في الذهب أربعين مثقالاً مثقال وليس في أقل من أربعين مثقالاً شيء) وللصحيح فيمن عنده تسعة وثلاثون قال: (ولا في الدينار حتى تتم أربعين) والموثق شاذ نادر ضعيف المستند لشذوذه ووحدته وقصور سنده وعدم معارضته للأخبار المتكثرة المعتضدة بالإجماعات وعمومات أدلة الزكاة وإطلاقاتها خرج ما دون العشرين فيبقى الباقي فلا بد من طرحه أو حمله على التقية وإن لم يكن مذهباً لكل العامة إذ ليس الشرط في الحمل على مذهبهم اتفاق جميعهم على الفتوى أو حمله على تخصيص الشيء المنفي على الدينار الكامل والصحيح وإن كان مروياً في (يب) كذلك لكنه في الفقيه مروي بدل تسعة وثلاثون تسعة دينار في السؤال أو في الجواب نفي الزكاة فيهما حتى تتم وما في الفقيه أضبط وأرجح وأوفق بأخبارنا فيكون الاعتماد عليها وللفضة أيضاً نصاب أولي وهو مائتا درهم وليس فيما دونها شيء وفيها ربع العشر ثم ليس بعدها شيء حتى تزيد أربعين ففيها كذلك درهم وهو النصاب الثانوي وليس ما بين الأربعين والأربعين والأربعين شيء وكل ذلك يدل عليه الإجماع بقسميه بل كاد أن يكون ضرورياً بين العلماء والأخبار المستفيضة المتكثرة كالصحيح عن الذهب والفضة ما أقل ما يكون فيه الزكاة قال: (مائتا درهم) وعد بها من الذهب والفضة والموثق ليس في مائتي درهم إلا خمسة دراهم فإذا بلغت أربعين ومائتين درهم ففيها ست دراهم فإذا بلغت ثمانين ومائتين ففيها سبعة دراهم وما زاد فعلى هذا الحساب إلى غير ذلك والدرهم ست دوانيق كما عليه كافة الأصحاب وهو المعروف زمن الصدور وصرح به جماعة من أهل اللغة والدانق وزن ثمان شعيرات من الشعير المتوسط كما نسب إلى كافة الأصحاب أيضاً وقد كان الدرهم قبل زمن الصدور بغلياً وهو ثمانية دوانيق وطبرياً وهو أربعة وجمعهما عبد الملك وصير الدرهم ست دوانيق واستقرت سكة الإسلام عليه وعلى هذا فالدرهم نصف دينار وخمسة دنانير والدينار ثلاثة أرباع الدينار الصيرفي فالمثقال الصيرفي مثقال شرعي وثلث وقد ورد في الخبر أن الدرهم ست دوانيق والدانق ست حبات والحبة وزن حبتي الشعير من أوسط الحب لا من صغاره ولا من كباره وهو شاذ لا عامل به ممن يعتد به ومع ذلك ضعيف السند فالرجوع في الموضوعات إلى اللغة والعرف لازم.
مسائل:-
الأولى:يشترط في زكاة النقدين النصاب كما تقدم فلو علم بعدمه لم تجب قولاً واحداً ولو شك في ماله بلوغ النصاب كان له عدم اختياره ويتمسك بأصل البراءة وأصل عدم بلوغه نصاباً فلا تزكية إلى أن يعلم بلوغه ذلك وربما ظهر من بعضهم نقل الإجماع على ذلك وادعى بعضهم وجوب الاختيار لتعلق وجوب الزكاة بالنصاب الواقعي فيجب تحصيل العلم به من باب المقدمة وهو ضعيف لأن وجوب المقدمة بعد وجوب زيها ولم يثبت وجوبها ولو علم أن له ما لا يبلغ النصاب وشك في قدرة هل أنه يتجاوز إلى النصاب الثاني أو الثالث أم لا وهل يزيد كثيراً أو قليلاً فالأقوى أنه كالأول فيدفع ما يتبقى معه شغل الذمة وينفي الزائد بالأصل ودعوى أنه هاهنا مشغول الذمة مطلقاً فيتوقف على فراغها فيجب عليه الاختيار أو دفع ما يعلم فراغ ذمته به لا وجه لها للمنع من القطع بشغل الذمة بغير المعلوم عنده عن قدر النصاب والزائد يكون مشكوكاً كالشك في البلوغ نصاباً ابتداء فيجري فيه الأصل كما يجري فيه نعم الأحوط الاختيار لدليل الاحتياط ولما ورد بعض النصوص في الدراهم المغشوشة قال: (إن كنت تعرف أن فيها من الفضة الخالصة ما تجب فيه الزكاة فزكه مما كان لك فيها من الفضة الخالصة ودع ما سوى ذلك من الخبث) قلت: وإن كنت لا أعلم ما فيها من الفضة الخالصة إلا أني أعلم أن فيها ما تجب فيها الزكاة قال: (فاسبكها حتى يخلص من الفضة ويحرق الخبيث ثم يزكي ما خلص من الفضة لسنة واحدة) ولو علم أن عليه زكاة لا يعلم قدرها أعطى ما يتقته ويمسك في نفي الزائد بالأصل ولو علم أن عليه زكاة معلومة ولم يدر بتأديتها أو أنه أدى بعضاً ولم يدر بقدره وجب عليه هاهنا الاحتياط والدفع إلى أن يعلم بفراغ ذمته.