انوار الفقاهة-ج6-ص30
بحث:تتعلق الزكاة بالعين على جهة الاستحقاق لا على طريق الاستئناف فالفقير شريك في النصاب بقدر ما فرضه الله تعالى له مع المالك على جهة الإشاعة لا على جهة حلول الكلي في النصاب كبيع صاع من صبرة ولا على أنه مسترهن ذلك القدر من مال المالك إلى حين الدفع منه ولا على أنه مستوثق فيه كاستيثاق المجني عليه للعبد الجاني في ارش الجناية ولا تتعلق بالذمة ولا تتعلق بهما معاً في غير المجانس بالذمة كفى خمس من الإبل شاة وفي المجانس بالعين كالغلات ونحوها كما تخيله بعضهم والدليل على تعلقها بالعين دون الذمة فتوى المشهور والإجماعات المحكية والنصوص الواردة في النقدين كقوله ((): (في عشرين دينار نصف دينار وفي كل أربعين دينار أربعة دنانير وفي كل مائتي درهم خمسة دراهم) وفي الغلات كقوله ((): (فيما سقت السماء العشر وليس فيما دون خمسة أو ستة صدقة) وفي الأنعام كقوله ((): (في كل أربعين شاة شاة) ونحو ذلك مما استفيد منه الحكم الشرعي وهو وجوب الزكاة والوضعي وهو دخول الفريضة في الغير لمكان في الظاهرة الظرفية دون السببية لأن استعمالها في السببية مجازاً لا يصار إليه إلا بدليل كقولهم في العين الدية وقولهم النار في هرة ودعوى عدم إمكان الظرفية في مثل قولهم في خمس من الإبل شاة لا وجه لها لعدم إرادة نفس الشاة بل إرادة قدرها قيمة مشاعاً فيها وقد يكون الشاة بدلاً عنها فتكون الظرفية ممكنة حينئذ وتقديم التجوز في الشاة دون التجوز بفي هاهنا إنما كان لمكان عدم القول بالفصل ولقوة قرينته على قرينة التجوز بفي كما يظهر مما تقدم وما يأتي إن شاء الله تعالى ويدل عليه أيضاً قوله ((): (إن الله شرك الأغنياء والفقراء) وقوله ((): (إن الله جعل في أموال الأغنياء للفقراء ما يكتفون به) والأخبار الواردة في آداب المصدق وصدع المال بينه وبين المالك ويدل على ذلك أنها لو تعلقت بالذمة لتكررت في النصاب الواحد إذا حالت عليه أحوال متعددة ولم تقدم على الدين إذا قصر في الشركة مع بقاء عين النصاب ولم تسقط بتلف النصاب من غير تفريط ولم يجز للساعي تتبع العين لو باعها المالك واللوازم باطلة اتفاقاً منهم منقولاً بل ومحصلاً فالملزوم مثله وما استند إليه أهل الذمة من عدم جواز إلزام المالك بالأداء من العين بل له الإخراج بالقيمة ومن عين أخرى وعدم منعه من التصرف بالنصاب قبل الأخراج مع الضمان ومن منعه من التصرف بالنصاب قبل الإخراج مع الضمان أي ومن قياسها على زكاة الفطرة ضعيف لأن الأولين تخفيف على المالك وإرفاق به كما يرشد إليه خبر أمير المؤمنين (() وسماع دعوى الإخراج من المالك وتصديقه في الأحكام المتعلقة بالزكاة نفياً وإثباتاً والأخير قياس لا نقول به على أنه لو كان التخلف في خاصة موجباً للمنع من التعلق بالعين لكان مع التعلق بالذمة أوالى كثرة التخلف في خواصه ويتفرع على الأقوال أنه لو باع بعد تعلق الوجوب النصاب نفذ في قدر نصيبه قولاً واحداً وأما في قدر الفرض فبناء على الشركة يبطل البيع فيه إلا مع الضمان والاستمرار عليه وأجازه الحاكم فتكون الثمن للفقراء ويتخير للمشتري الجاهل لتبعيض الصفقة عليه فإن إخراج البائع القدر من غير النصاب بعد البيع احتمل نفوذ البيع لكونه كالإجازة من الساعي لولاية المالك واحتمل العدم والأول أقوى وعلى القول بالذمة يصح البيع قطعاً فإن أدى المالك لزم وإلا كان للساعي تتبع العين فيفسخ البيع من حينه لا من أصله شرعياً ويتخير المشتري أيضاً وعلى الرهن يبطل البيع إلا أن يتقدم الضمان ويخرج من غيره وعلى الجناية يكون البيع التزاماً من المالك بالزكاة فإن أداها نفذ البيع وإن امتنع تتبع الساعي للعين ولو تتبع الساعي فأخرج البائع الزكاة احتمل لزوم البيع حينئذ من جهة المشتري وهو الأقوى واحتمل عدمه استصحاباً للخيار ولاحتمال الاستحقاق المدفوع فتعود مطالبته للساعي وهل يجب على القول بتعلقها بالعين إخراج زكاة ما انتقل إلينا من الكفار والمخالفين أم لا ومن جواز إقرارهم على مذهبهم والسيرة القاضية بالعدم ولا يبعد أنه الأقوى وفي تعلق الزكاة بالعين في الزكاة المندوبة على وجه الشركة تأمل ونظر وكذا في نمائها سيما مع غرمه على الدفع ويتفرع على تعلقها بالعين لزوم تقديمها على الدين وعدم تكررها ببقاء ما ينطق على النصاب المال أو بعضه من دون تفريط وجواز أن يبيت الإمام ليلة قبل إخراجها لو عملنا برواية أن الإمام لا يبات في ذمته حق وتقديمها على زكاة الفطرة عند التعارض واشتراكها مع الخمس في الإخراج عند التعارض وعدم استثناء ما يستثنى للمديون في إخراجها واتباع الساعي العين أو عوضها مع التلف بتفريط وحرمة التصرف بما تعلقت به من دون ضمان وعدم تعلق النذر وشبهه بقدرها لو نذر التصرف بماله من دون ضمان واستحقاق السهم من الأرباح والنماء لو أجاز المجتهد نقل العين من المالك وبيعه حصة الفقراء لمال المالك لو أعرض عن بعض المتساقط من حب وشبهه أو وهب بعض ما يعتاد هبته كقبضه سنبل أو كف طعام أو تمر والشركة فيما لم يعرض عنه من برز متخلف أو ثمر قصار نخلاً أو عدم جواز التصرف بها على القول بالرهن وعدم تعلق أحكام المدينين بمن وجبت عليهم لو نذر لهم ناذر أو وقف عليهم واقف وعدم لزوم الإعطاء بحساب الأصل لو تبدلت من دون تفريط لمصلحة الحفظ ونحوه من دون ضمان ولزوم قيمة المثل لما تبدتل إليه مع الاعواز لا الأصل وإحواء حكم الوديعة عليها فلا يسافر الا مع الضمان أو التأدية أو الوضع عند أمين وإعطاء المؤن المصروفة عليها بعد تعلق وجواز التأخير وعدم الضمان لو أبقاها من دون اختيار وتخصيص الفقراء دون الغرماء بها في مال المفلس والميت وعدم دخولهم في التقسيط مع القصور وعدم دخولها في الميراث والوصية وعدم لزوم محذور مع عدم إخراجها لو التزم بعد شغل الذمة وعدم جواز أخذهما الرهن على ما في الذمة مع وجودها وعدم جواز ضمان من طلبت منه قبل ضمانه وطلب عوض النفقة في المصرف لو صرف عليها ووجوب الحفظ لها كالوديعة وعدم لزوم الحلف على من حلف معلقاً على أربعين شاة وليس عنده سواهما وجواز بيعها بحال ومؤجل بخلاف الدين وجواز الصرف عليها لجواز التقايض بها دون الدين وجواز المضاربة عليها باقية على حالها وجواز دعوى الفقراء بها مع الغاصب وجواز الصرف عليها من مال الفقراء وجواز أخذ الارش عن عيبها وجواز أن يأخذ المالك من الساعي أجرة لو تأخر عن القبض وبالعكس لتفويت المنفعة على الفقراء ولزوم الحنث لو قال: ليس عندي في مال الفقراء شيء وعدمه لو قال: ليس في ذمتي شيء.
القول في زكاة النقدين