انوار الفقاهة-ج6-ص1
وهي لغة النمو والطهارة قيل والعمل الصالح وتعين شرعاً بالوضع التعيّني أو التعييني ملحوظاً به كلا المعنيين أو أحدهما بناء على ثبوت الحقيقة الشرعية أو استعملت مجاز المناسبة بين المعنيين بناء على عدمها في معنى شرعي جديد وماهية مجملة لم يصل إلينا جميع بيانها صحيحة تلك الماهية بمعنى لو وقعت لوقعت صحيحة وكانت متصفة بها فالتقيد بالصحة داخل والقيد خارج وحدها الجامع المانع متعذراً ومتعسراً ورسمها لتميزها عن غيرها من العبادات ممكن بأن يقال هي حق في المال أو مأتى في الذمة واجب أو مندوب والواجبة من ضروريات الدين مقدر بالأصالة لا بالعارض من نذر وشبهه يعتبر فيه النصاب أصالة ممنوع عن بني هاشم من غيرهم اختياراً ينمى المال بالبركة وتطهير الإنسان من المعاصي أو يحفظه من الفوت وأنها لب إطلاقها على نفس القدر المخرج وقد تطلق على نفس الإخراج لذلك القدر كثيراً أيضاً وهو أنسب بالنقل وبقولهم يجب ويندب وأقرب لسائر المنقولات في أبواب العبادات وهي من العبادات المالية والمراد بها ما تعلق التكليف بها للتصرف بالمال أولاً بالذات ويجيء التصرف بالبدن ثانياً وبالعرض بخلاف العبادات البدنية فإنها ما تعلق التكليف بالتصرف بها بالبدن أولاً وبالذات وبالمال ثانياً وبالعرض كالتصرف بالماء في الطهارة والساتر في الصلاة والمكان وشبههما ومن شأن العبادات البدنية اشتراط المباشرة وعدم إجزاء النيابة والفضولية والتوكيل فيها ومن شأن العبادات المالية جواز النيابة والتوكيل والفضولية فيها لأن المراد فيها مجرد الإيجاد في الخارج على ما هي يفهم من أدلة القسمين إلا ما خرج بالدليل منها وما كان مركباً من الأمرين كالحج لوحظ بالاعتبارين ووجوبها ثابت بالكتاب مقرون بالصلاة حتى سميت أختها وبالسنة حتى ورد (أن من لم يزكِ لا صلاة له) و(أن صلاته موقوفة) وورد (أن الصلاة عمود الدين إن قبلت قبل ما سواها) فمجموعها يحصل أن الزكاة أيضاً تقبل بقبولها الأعمال وترد بردها وورد (أن مانع الزكاة ليس بمؤمن ولا مسلم وأنه ليمت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً وإن مانع الزكاة يطوق بحية قرعاء تأكل من دماغه) إلى غير ذلك من الأخبار المتواترة الدالة على ثواب فاعلها وعقاب تاركها وبالإجماع بقسميه وبالضرورة من الدين وفيها الكفاية عن كل دليل فمن أنكرها عن شبهة أو جهل أو علم منه ذلك فلا شيء عليه على الأظهر ومن أنكرها وهو بين أظهر المسلمين عناداً أو لا يعلم حاله قتل من أول وهلة وإن كان فطرياً واستتيب ثلاثاً وقتل بالرابعة إن كان غير فطرياً ولا يجب حق الأصالة في المال غيرها وغير الخمس للأصل والإجماع بقسميه والأخبار المشعرة بأن الله لو علم عدم سد حاجة الفقراء بالزكاة لفرض غيرها وإن فيها الكفاية لهم حتى الضغث بعد الضغث والحفنة بعد الحفنة فإن الأقوى عدم وجوبهما أيضاً للأصل والإجماع والسيرة وعدم ظهور الوجوب مع توفر الدواعي إليه أقوى شاهداً على عدمه وفي الأخبار ما يدل على الاستحباب كما ستمر بك إن شاء الله تعالى ونقل عن الشيخ (() وجوب الضغث بعد الضغث يوم الحصاد والحفنة بعد الحفنة يوم الجذاد واستناداً للإجماع الفرقة واختيارهم وقوله تعالى: [ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ]سورة الأنعام آية (141 ) والكل ممنوع أما الإجماع فلثبوت عدمه وأما الأخبار فلظهورها في الاستحباب كما ورد في خبر معاوية (في الزرع حقان حق تؤخذ به وحق تعطيه أما الذي تؤخذ به فالعشر ونصف العشر وأما الذي تعطيه فقول الله عز وجل: [ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ]سورة الأنعام آية (141 ) وفي حسن ابن مسلم وزرارة وأبي بصير في قوله عز وجل: [ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ]سورة الأنعام آية (141 ) هذا من الصدقة يعطي المسكين القبضة بعد القبضة ومن الجذاذ الحفنة بعد الحفنة حتى يفرغ لمكان يعطي في الأول والصدقة في الثاني وما ظاهره الوجوب مصروف عنه بالدليل وأما الآية محمولة على الاستحباب كما أشعرت به الأخبار أو على إرادة الزكاة منها ويكون التقيد بيوم الحصاد وللاهتمام بها والبناء عليها والتأهب لدفعها والأظهر الأول كما دلت عليه الأخبار عن السادة الأطهار ودل عليه قوله تعالى: (وَلاَ تُسْرِفُوا( سورة الأنعام آية (141) فإن السرف لا يكون مناسباً إلا لما لا يقدر وقوله تعالى: (يَوْمَ حَصَادِهِ( سورة الأنعام آية (141 ) وعلى كل تقدير والوجوب والاستحباب وقت أهو الحصاد والجذاذ فهل المراد به دفع طبيعة الضغث بعد الضغث ولو مرة أو تكريرها مستمرة إلى أن يفرغ أو تكريرها في كل يوم أو تكريرها في أغلب الأوقات أو إيجاد مسمى التكرير وجوه أقواها رابعها ويسقط عند عدم حصول الفقير وقت الحصاد والظاهر أنه لا يبقى تعلق في العين والذمة عند الامتناع من الدفع بل يسقط بفوات وقته وورد أنه من السرق أن يتصدق الرجل بكفيه جميعاً والأمر بالإعطاء بكف واحدة للضغث بعد الضغث والقبضة بعد القبضة ويستحب أن يلزم الإنسان نفسه بشيء معلوم على حسب طاقته ينفقه في كل يوم أو في كل أسبوع أو في كل شهر كما ورد ((عليكم بأموالكم غير الزكاة) فقلت وما علينا في أموالنا من غير الزكاة فقال: (سبحان الله أما الله تسمع عز وجل يقول في كتابه [ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ])سورة الذاريات آية (19 ) قلت فما الحق المعلوم فقال: (هو الشيء يعلم الرجل في ماله فيعطيه في اليوم أو في الجمعة أو في الشهر قل أو كثر غير أنه يداوم عليه) ونحوه غيره ويستحب إن لم يفعل ذلك أن يخرج شيئاً من ماله على حسب الإمكان في القدر والزمان إن شاء أكثر وإن شاء أقل على قدر ما يملل يصل به رحماً ويقوى به ضعيفاً أو يحمل به كلاً أو يصل به أخاً في الله تعالى في نائبة تنوبه كما وردت به الرواية.
بحث:ليست الزكاة من الأحكام الوضعية والشركة الجعلية بحيث تعم البالغ وغيره والعاقل وغيره وإن ظهر من كثير من أخبارها ذلك حيث أنها اشتملت على إثبات شيء في شيء كقوله ((): (في الغنم السائحة زكاة وفي كل أربعين شاة شاة) لكنها مصروفة عن ظاهرها إلى الخطاب التكليفي كما يفهم من الأصحاب ومن كثير من أخبار الباب ولما جاء في الكتاب من الأمر بها فالأظهر أنها من الخطابات الشرعية لا من الأحكام الوضعية الملزومة للأحكام الشرعية تخييراً كما في البالغين والعقلاء وتعليقاً في غيرهم فهي مختصة وجوباً بالبالغين العقلاء لما قدمنا للإجماع بقسميه وللأخبار المستفيضة المعتبرة الدالة على أنه ليس في مال اليتيم زكاة ولا خصوصية لليتيم قطعاً وإنما ذكره لأنه الأغلب في ملك المال ولخصوص ما ورد في الصبية الذين بيد أبيهم أو أخيهم مال لأنه لا يجب في مالهم حتى يعمل به فإذا عمل به وجبت الزكاة ويعتبر البلوغ والعقل في الوجوب حين تعلقه لا حين استقراره في غير أمهات الأحوال وفي أمهات الأحوال يعتبر أن طول الحول وحين مبدأ الوجوب كما يظهر من الأصحاب من اشتراط التمكن من التصرف في جميع الحول أو الإخلال به ولو يوماً أو ساعة عند فقده وفي الخبر ما يدل عليه أيضاً وفيه (وإذا بلغ اليتيم فليس عليه) لما مضى ذكره واحدة ثم كان عليه مثل ما كان على غيره من الناس بحمله على إرادة إدراك الحول لا الرشد والحق أنه للإجمال أقرب وكما لا تجب الزكاة في مال الطفل والمجنون لا تندب أيضاً في الذهب والفضة إجماعاً وأما غيرهما فيقع الكلام فيه في مواضع: