انوار الفقاهة-ج5-ص15
الثاني والعشرون: فوائد الرهن ونمائه وأروشه ومنافعه كلها للراهن موجودة حال العقد أو معدومة متصلة كانت النماءات أو منفصلة كان اتصالها اتصال الجزء كالصوف والشعر والوبر وكاتصال الجزء كالجمل والثمرة والحليب والبيضة كان مما يقبل الانفصال ل كما قدمنا أو مما لا يقبل كالطول والسمن كل ذلك للاستصحاب وفتوى الأصحاب وظاهر الأخبار كقوله (() غلة الرهن تحسب لصاحب الرهن مما عليه وفي آخر مثله وفي ثالث ممن رهن داراً لها غلة لمن الغلة قال لصاحب الدار وفي النبوي في الرهن له غنمه وعليه غرمه وفي بعض الأخبار ما يدل على أن هلاك الرهن منه فكذا نماءه له وبعد الحكم بملكية الراهن لها فهل تدخل في الرهن دخوليا شرعيا أو دخولا لفظيا عرفيا أو لا تدخل وجهان بل قولان بعد الاتفاق وعلى عدم دخول المنفصل حالة الرهن أوعلى دخول مالا يقبل الانفصال مطلقاً حالة الرهن وبعده كالسمن والطول إنما الكلام في المتصل القابل للانفصال حالة الرهن أو بعده سواء كان كالجزء كالصوف ونحوه أو ليس كذلك كالحمل وفي المتجدد بعد حصول الرهن أنفصل أم لا كان هو النماء أو عوضه كارشه وأجرته فقيل بدخول الكائن عند العقد والمتجدد بعده مطلقاً وقيل بعدم دخول الحاصل وقت العقد والمتجدد مطلقاً وقيل بدخول الحاصل وقت العقد أن كان كالجزء كالصوف ونحوه دون ما لم يكن كالجزء كالحمل وشبهه ودخول الحاصل بعده مطلقاً وقيل بدخول المتجدد دون الحاصل وقت العقد مطلقاً والأظهر عدم دخول النماء الحاصل وقت العقد في الرهن مطلقاً للأصل وعدم دليل شرعي يحكم بدخوله ولا فهم فرعي من حاق العقد يقضي به وقد نقل الإجماع على عدم دخول الحمل المشعر بعدم دخول ما شابهه نعم ربما يدخل الصوف والشعر والقرن إذا كانت حالة على الظهر حين العقد في العرف في كثير من البلدان ودخول المتجدد بعد العقد في الرهن مطلقاً كما نسب للمشهور ونقل عليه الإجماع عن جماعة من أصحابنا ويؤيد بما جاء من تبعية ولدا لمدبرة لها وبما جاء من تبعيته النماء لأصله في كثير من المواضع وبأن المنفعة لو لم تكن رهنا لجاز التصرف بالعين ممنوع إجماعا وهذه وإن تطرق إليها الرهن من أن إلحاق الرهن بالمدبرة قياس لا نقول به وعلى تقديره فهو مع الفارق لتغيلب جانب الحرية في التدبير دون الرهن ومنع الاستقرار القطعي في ذلك وغيره ليس بحجة ولأن المنع من التصرف بالمنفعة لاستلزامه التصرف بالعين لكنها لا تخلو من تأييد لما ذكرنا فظهر بذلك ضعف ما عليه جملة من أصحابنا من عدم الدخول استناد لأصالتي عدم الدخول وجواز تصرف المالك بماله كيف شاء وللأخبار القاضية بأن غلة الرهن للراهن لانقطاع الأصل بما مر وضعف دلالة الأخبار على عدم الدخول وغايتها الدلالة على ملكية الراهن لها وهو غير كونه ليس من توابع الرهن وعلى ما ذكرنا فيكون النماء المعدوم مرهونا لكونه من التوابع ويغتفر في الثواني وما لا يفتقر في الأوائل لعدم صحة رهن المعدوم ابتداءً ولو شرط رهن النماء تبعا للأصل جاز لعموم أدلة الشروط والوفاء بالعقود سواء في ذلك النماء الموجود أو المتحدد وهذا كله الذي ذكرناه في المتولد من الرهن عرفا بحيث ينفصل عنه كانفصال الجزء من الكل وأما غيره من أروش توجيهما الجناية على الرهن أو ثمن الرهن إذا بيع اختياراً أو أجرة منفعته أو حيازة العبد وما يكتسبه ففي دخولها في الرهن إذا بيع اختياراً أو أجرة العبد وما يكتسبه ففي دخولها في الرهن أشكال بل الأقوى فيما عدا الأول العدم.
الثالث والعشرون:لو رهن المالك المغصوب عند الغاصب أو أودعه إياه أو ضاربه عليه ويلحق بالمغصوب كل مضمون كالمأخوذ بالسوم والبيع الفاسد فأن أذن له في قبضه للرهن فقبضه بوكالته عنه له قبضا جديدا برأ ضمانه قطعا وكذا لو أُسقط عنه بعد الرهن حكم الضمان المتقدم وقلنا بصحة إسقاط الضمان عمن تعلق به قبل التلف برأ أيضا وأن لم يقبضه جديدا بأذنه ولا أسقط ضمانه كما إذا رهنه ولم يتعرض للقبض وقلنا بكفاية الاستدامة فيه للرهن أو رهنه وأذن له في إبقائه عنده فهل يبقى حكم الضمان للاستصحاب وعدم منافاة الرهن للضمان كما في صورة التعدي والتفريط لأن ابتداء الشيء أضعف من استدامته لاحتياج الابتداء إلى المؤثر دون الاستدامة فإذا جاز استدامة الرهن مع ابتداء الضمان في صورة التعدي جاز اجتماع ابتداء الرهن مع استدامة الضمان بالأولى أو يزول حكم الضمان لزوال سببه لأن سببه القبض الغصبي وقد زال بالرهن لرضائه ببقائه عنده وانصراف القبض في الاستدامة إليه فيكون قبضه في الاستدامة للرهن فلا يكون غاصبا استدامة وضمان الرهن مع العدوان إنما جاء بسببه لا سبب أخر قد زال موجبه نعم لو بقى الرهن على غصبه ولم يرض المالك ببقائه عنده وقلنا بكفاية القبض الغير المأذون به كان الرهن مضموناً قطعاً ولا نزاع فيه ومثله ما لو نوى المرتهن بقبضه الغصب دون الرهن وفي الأخير قوة إلا أن الأول أقوى.